عاصفة التوطين هذه، كشفتها تل ابيب، عبر تغريدة لوزير الاستخبارات والمواصلات الاسرائيلي يسرائيل كاتس، ليل امس الاول، رحّب فيها بما قال إنها «مبادرة أطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الاردن وسوريا ولبنان والعراق»، من دون أن يوضح الوزير الاسرائيلي موعد طرح ترامب لهذه المبادرة.


وفيما لم يصدر أي تأكيد رسمي لوجود هذه المبادرة، وخصوصاً من الجانب الاميركي، لم يصدر ايّ نفي لِما كشف عنه كاتس، علماً انّ تغريدته تأتي في ظل تنامي الحديث عن توجهات اميركية رسمية لتصفية قضية اللاجئين وتقليص أعدادهم، ويندرج في سياقها اعلان واشنطن في الفترة الاخيرة وقف تمويل «الاونروا».


امام هذا المشهد الخطير، يبدو لبنان وكأنه في عالم آخر، غافل عمّا يجري من حوله في منطقة باتت على مقربة من النار، وعمّا يتهدّد كيانه من بوابة التوطين، وهو الأمر الذي يوجب الحد الأعلى من اليقظة، وإعلان حال الطوارىء الوطنية لرد هذا الخطر. ربما كان هذا يحصل لو كان لبنان يُدار من طبقة سياسية مسؤولة تبادر في لحظة الخطر الى بناء التحصينات حوله، لكن ليس غريباً ان تجري مياه التوطين من تحت أقدامه، في ظل طبقة سياسية تتحكّم به، وتسعى بأنانيّاتها، وبإعلاء مصالحها فوق كل اعتبار، الى «تَناتُشه»، والعودة به الى زمن المتاريس الطائفية والمذهبية.

باسيل لـ«الجمهورية»

وفي اوّل رد فعل لبناني على هذا الامر، قال وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لـ«الجمهورية»: هذا الموقف ليس جديداً ولا مستغرباً، نحن معتادون على مواقف من هذا النوع تتخذها اميركا واسرائيل، وانا كنت دائماً أنبّه الى هذا الامر، وآخر تنبيه لي كان امام الجامعة العربية قبل يومين، واكرر انّ العجز العربي يشجّع على الانتقال من وقف تمويل «الاونروا»، الى الخطوة التالية. انّ نيّتهم معروفة، ولكن بالنسبة لنا لو انّ العالم كله قبل بالتوطين، فنحن لن نقبل به ابداً، وكما هزمنا إسرائيل بإزالة احتلالها، سنهزمها بمشروع التوطين، وبحق العودة الذي سيبقى مقدساً».


وكان باسيل قد أكد خلال الاجتماع الطارىء لوزراء الخارجية العرب في القاهرة «انّ وضع القضية الفلسطينية يزداد سوءاً ووضعهم يزداد ترهّلاً في دعمها، خصوصاً مع توالي الضربات الآتية من صفقة القرن «أو أقله السكوت عنها»، معتبراً «أنّ مرحلة إسقاط حق العودة وإبقاء اللاجئين في الدول المضيفة تمهيداً لتوطينهم ودفن قضيتهم الى الأبد بدأت مع القرار الأميركي بوقف المساهمة في موازنة «الأونروا».


ولفت الى «انّ تفكيك الدولة هدفه القضاء على فكرة الدولتين أساس عملية السلام، وبالتالي لكي لا يكون هناك سلام بل استسلام، فلسطيني وعربي»، سائلاً: «هل نبقى كذلك أو نقوم بعملٍ ما، أقلّه أن نغطّي العجز الذي سبّبه القرار الأميركي؟ فالمسألة ليست قدرة مالية أو مِنّة مالية بل هي واجب سياسي وإنساني وأخلاقي». وقال: «لستُ مع نظرية المؤامرة لكنني لستُ أعمى لكي لا أرى مخططاً يتمّ إمراره في لحظة عجز عربي هَبّت رياحه في ربيع لم يُزهر سوى دمار ونزوح، ولست أخرساً لكي لا أتكلم عنه». وأكد «أنّ هناك فرصة إيجابية للمبادرة واتخاذ قرار يستعيدون فيه الدور العربي، ولا يتخلّون عنه في فلسطين كما هو حاصل الآن في سوريا».

المحكمة

الى ذلك، حرّكت الساعات الماضية الداخل في 3 اتجاهات، ففي الاتجاه الأول انصبّ التركيز على رصد الصدى اللبناني لِما يتصل بكلام اسرائيل عن «مبادرة التوطين الاميركية». وفي الاتجاه الثاني، انصبّ على متابعة وقائع جلسات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، التي دخلت مراحلها النهائية على طريق إصدار حكمها في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والواضح انّ الادعاء يلقي التهمة على مجموعة من «حزب الله» نفّذت الاغتيال لمصلحة النظام السوري. وكان اللافت للانتباه في هذا المجال، هو الموقف الذي وصف بـ«العقلاني والمسؤول» الذي أطلقه الرئيس سعد الحريري من امام باب المحكمة في لاهاي، وفصل فيه بين سعد الحريري ابن الشهيد رفيق الحريري وبين سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية، وأكد من خلال هذا الفصل انه يضع مشاعره الشخصية جانباً.


وعندما قيل له انّ المحكمة قد تتهم «حزب الله» او احد قيادييه باتخاذ قرار الاغتيال، قال الحريري: «خلال شهر سيصدر الحكم، وانا لا اعرف ماذا سيكون القرار النهائي، فلننتظرْ ونرَ، ولا نستبق الأمور. في النهاية نحن في بلد نعيش فيه مع بعضنا البعض، ونريد ان نعيش مع بعضنا البعض لمصلحة البلد».

لا تأليف

امّا الاتجاه الثالث، فكان الدوران في حلقة المراوحة المتحكمة بمسار تأليف الحكومة.


ولا جديد يبشّر به الرئيس المكلف، بل انه اعتبر انها تتشكل عندما يتوقف جميع الفرقاء عمّا سمّاه «الطمع بالحقائب». وواضح انه استنفد جهوده في اجراء الاتصالات ووضع المسودات، الّا انها اصطدمت بالحائط الرئاسي، ولم تحصل على سِمة الدخول الى حيّز التنفيذ والتطبيق من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يحجب توقيعه على ايّ من تلك المسودات، لأنها كما قال «غير متوازنة»، اي انها لا تراعي المحددات التي وضعها، والتي تجعل الحكومة مكتملة شروط التوازن وقابلة للولادة او بالأحرى «أهلاً» للولادة.

«القوات»

الى ذلك، رفضت مصادر «القوات اللبنانية» إصرار البعض على إلقاء المسؤولية عليها واتهامها بالتعطيل في وقت تعتبر انها «أكثر الاطراف التي قدّمت تسهيلات للتعجيل في التأليف، فيما ينتهج البعض منذ البداية سياسة واضحة هي استهدافها في محاولة لإحراجها فإخراجها، وبالتأكيد هذا امر لن ينجح، ولن يدفعها الى تغيير موقفها والتنازل عن الحق الطبيعي لها.


وقالت المصادر انّ «القوات» لم تلمس حصول اي تطور في ملف الحكومة، اذ لم يتم ايّ اتصال بها او اي مشاورات معها. ويبدو انّ الامور ما زالت تقف عند لحظة تقديم الرئيس المكلف مسودة تشكيلته الاخيرة. وجدّدت تمسّكها بموقفها وبرفضها اي محاولة لتحجيمها وعدم تراجعها عن سقف التقديمات والتنازلات، واعتبرت انّ الكرة ليست في ملعبها، «فعلى الطرف الآخر ان يقدّم من جهته ما يقتضي تقديمه». واكدت انه اذا ظلت الامور متروكة على قاعدة دفعها و«الاشتراكي» الى التنازل، فمعنى ذلك أن لا ارادة في التشكيل، وانّ هناك إصراراً على ربط التأليف بعوامل خارجة عن معرفتها وهذا لا يعنيها، بل ما يعنيها هو الاسراع في تاليف الحكومة.

صرخة إقتصادية

الجمود السلبي في التأليف، دفع الهيئات الاقتصادية والعمالية الى إطلاق صرخة في وجه الطاقم السياسي، لـ«مغادرة حربهم على المغانم وتشكيل حكومة إنقاذية للوضع الذي تتهده كارثة اذا ما استمر على ما هو عليه».


هذه الصرخة صدرت عن اجتماع استثنائي طارىء عقد في الساعات الماضية في غرفة التجارة، في حضور ممثلين عن الهيئات الاقتصادية، وأرباب العمل والنقابات والمهن الحرة والاتحاد العمالي العام. واللافت انّ الجميع بكل اتجاهاتهم، عبّروا عن خشية كبيرة وقلق بالغ من انحدار الوضع الى مراحل في منتهى السوء والسلبية. وحمّلوا المسؤولية للسياسيين ودعوهم الى الخروج من خلافاتهم السياسية، واتهموهم صراحة بـ»انهم يختلفون على المغانم، والبلد يكاد يصبح حطاماً، بل صار على حافّة هاوية وكارثة إن لم يتم تدارك الوضع قبل فوات الاوان». وأكدوا «انّ الوضع بات يتطلّب العلاج السريع»، وانّ «المطلوب خطة اقتصادية مالية إنقاذية حقيقية وإصلاحات جدية، وليس خطة عبر زيادة ضرائب وزيادة رسوم، ولا تتوخى سوى ضرب المواطن المسكين والشركة التي بالكاد مستمرة».

باريس: عجّلوا بالحكومة

هذه الصورة الاقتصادية المقلقة، التي تحضّ على التعجيل بتأليف الحكومة، برزت في موازاتها حركة فرنسية لإحداث خرق في الجدار المسدود، حيث عبّرت باريس عن رغبتها الشديدة في ان يتمكن لبنان من تأليف حكومته، في أقرب وقت ممكن.


هذه الرغبة، نقلها السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، وأكّد له اهتمام فرنسا الحثيث بالوضع في لبنان، وانها تتابع مسار تأليف الحكومة، وتأمل بلوغ المسؤولين اللبنانيين التفاهم حولها من دون أي إبطاء، وذلك لمصلحة لبنان.


وبحسب الاجواء التي عكسها فوشيه، فإنّ تأليف الحكومة لا يشكل فقط عاملاً محصِّناً للاستقرار في هذا البلد، بل انه يستجيب للضرورات اللبنانية، التي تستوجب التعجيل بالحكومة، خصوصاً ما يتّصل بكل المشكلات ولاسيما الوضع الاقتصادي وضرورة إنعاشه، إضافة الى الضرورات الملحّة المرتبطة بمؤتمر «سيدر».


وعلمت «الجمهورية» انّ مجموعة من المشاريع المرتبطة بالمؤتمر ستُدرج في جدول اعمال الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي قرر بري ان يدعو إليها قبل نهاية الشهر الجاري.

قدح وذم!

إلّا انّ الواقع على الارض السياسية يُظهر انّ الجمود المستحكم بمسار التأليف مصحوب بتوترات تهدد بتفاقم الأمور أكثر، ولاسيما مع اشتعال «حرب التغريدات» بين «الحزب التقدمي الاشتراكي» من جهة و«التيار الوطني الحر» وفريق رئيس الجمهورية من جهة ثانية، والتي تخللها قصف سياسي عنيف وتبادل اتهامات وعبارات تجاوزت السياسة الى القدح والذم، وصولاً الى حد استخدام أوصاف استحضرت «علوج» وزير الاعلام العراقي في زمن صدام حسين، محمد سعيد الصحّاف، كما فعل النائب السابق وليد جنبلاط في تغريدة أطلقها ضد فريق رئيس الجمهورية، وأنهاها بقوله «بئس الساعة التي أتت بهم الى الحكم».

رسالة عون

في هذه الاجواء، عاد رئيس الجمهورية ميشال عون الى بيروت عند الحادية عشرة من مساء أمس وما زالت قيد التداول فكرة ان يوجّه رسالة الى المجلس النيابي، بغية حضّ الحريري على التعجيل بتشكيل الحكومة.


واذا كان عون لم يحسم بعد قراره في توجيه الرسالة، مُكتفياً بالاشارة الى انّ هذا الامر ممكن على اعتبار انّ توجيه هذا النوع من الرسائل حق دستوري له، الّا انّ مصادر مجلسية بارزة قالت لـ«الجمهورية»: «انّ لرئيس الجمهورية الحق في مراسلة مجلس النواب ساعة يشاء، وثمّة حديث جدي عن إمكان مبادرته الى هذه الخطوة. ولكن اذا ما وجّه رسالة الى المجلس تحت عنوان حَضّ الرئيس المكلف على التعجيل بتشكيل حكومة، فهو من جهة «يقطعها» مع الرئيس المكلف وينعى إمكانية التفاهم معه، ومن جهة ثانية فإنّ الرسالة إذا وصلت الى مجلس النواب، فإنها ستسلك طريقها لكي تتلى أمام الهيئة العامة لمجلس النواب، ومن ثم سيفتح باب النقاش حولها، وفي حال سارت الامور على هذا النحو، فإنّ أقصى ما يمكن ان يصدر عن المجلس حيالها هو «توصية» لا أكثر ولا أقل، ومعروف انّ التوصية لا تتمتّع بصفة الالزام».


لكنّ الأخطر بحسب المصادر، «هو انّ الرسالة ستفتح باب النقاش حولها بين النواب في الهيئة العامة، وهذا معناه انّ هناك من سيؤيدها، وهناك من سيعارضها وينتقدها، ويبدأ الكلام العشوائي عن الدستور والصلاحيات. وفي الخلاصة، إضافة الى ما يعانيه البلد حالياً من توترات وانقسامات ومكايدات، فإنّ الرسالة ستحدث سجالاً كبيراً وانقساماً أكبر يصعب احتواؤه، يعني أننا نكون امام مشكلة فنصبح امام مشكلة أكبر».

بري لـ«الجمهورية»

هذا التعطيل المستمر، وما يرافقه من توترات وتشنجات وخطاب طائفي، قال عنه بري لـ«الجمهورية» إنه «يقدّم صورة غير مطمئنة وتثير القلق وتسيء للبلد ولا تخدم الاستقرار، ولا يجوز ابداً ان تصل الامور الى هذا الحد».


وفي توصيفه لوضح التأليف، قال: «الحالة مقفلة على الآخر، ولا يوجد اي تقدم ولو خطوة، ويبقى ان نأمل في ان تسير الامور في الاتجاه الصحيح».


وكرّر قوله: «مشكلتنا التي جعلتنا نعاني، والتي هي السبب الاساس لمعاناة البلد هي انعدام المواطنية، فعندما نشعر بهذه المواطنية ونعرف معناها ينتهي كل شيء، ولا تبقى هناك مشكلة في هذا البلد». اضاف: «مع الأسف، المسبِّب الاساس لهذه المشكلة، هو الغرب الاميركي والاوروبي، الذي رسم الشرق على طريقته، وصاغ كيانات المنطقة بطريقة مفخخة في داخلها، بحيث منحها من حيث الشكل ما سمّاها ديموقراطيات، الّا انها في مضمونها ملغومة بالطائفية والمذهبية، ولبنان مثلاً، من هذه الكيانات، أوجدوا له دستوراً ونظاماً ديموقراطياً، لكنهم قبل ان يخرجوا منه فَخّخوه، وفرضوا ان يكون رئيس الجمهورية مارونياً، ورئيس مجلس النواب شيعياً ورئيس الحكومة سنياً، فأيّ معنى للديموقراطية هنا اذا كانت ركيزتها طائفية؟ منذ ذلك الحين أوجدوا هذه المشكلة الطائفية، ومع الأسف عندنا أرض خصبة لهذا الزرع، وأكاد اقول ان ليس في لبنان ديموقراطية سوى بالاسم. والآن أنظروا الى العراق حالياً، انهم يسعون الى إخضاعه لهذا النوع من الديموقراطية «المغمّسة» ليس فقط بالطائفية، بل بالمذهبية الكريهة».

قاسم لـ«الجمهورية»

وفي الملف الحكومي، قال نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم لـ«الجمهورية»: «عُقد الحكومة معروفة ومحصورة، وعلى رأسها مشكلة تمثيل «القوات»، فإذا كان الاستنساب هو الطريق للوصول الى تشكيل الحكومة، فالواضح بعد مرور 3 اشهر انّ هذا الطريق غير مُجد، لذلك من المهم الاتفاق على معيار يكون أساساً للتشكيل، وعندها تتشكّل الحكومة».


اضاف: «أفضل معيار يُقنع، ويكون قابلاً للتطبيق، هو نسبية التمثيل الحكومي انسجاماً مع نسبية التمثيل النيابي، وبغير المعيار المتفق عليه، يبدو انّ الامور ستتأخر».


واكد قاسم «انّ البلد لم يعد يحتمل، والوضع الاقتصادي يحتاج الى معالجة في غرفة العناية الفائقة، ومصالح الناس متعثرة ومتضررة، والبدء الفعّال بمكافحة الفساد يمر عبر الحكومة، وحاجات البلاد المختلفة تتطلّب ان نسرع في التشكيل، ولدينا نعمة كبرى يجب الّا نفرط بها، وهي نعمة الاستقرار الامني، في محيط غير مستقر في المنطقة والعالم، فلنحوّل هذه النعمة الى خيار الاستقرار السياسي من خلال تشكيل الحكومة واكتمال عقد المؤسسات في الدولة. فكل الناس يقرأون ويسمعون، ولم تعد المبررات كافية للتأخير، فليتمّ وضع الحل على سكته الصحيحة لننهض بلبنان امام التحديات».


وعن احتمالات عدوان اسرائيلي، قال قاسم: «لا يبدو انّ ظروف اسرائيل تسمح بعدوان حالياً على لبنان. فهي من ناحية مردوعة، وهي من ناحية اخرى تعلم مدى جهوزية المقاومة، ومن ناحية ثالثة لها ظروفها السياسية والعسكرية التي تجعلها في اهتمامات لا تصل الى حدود المبادرة الى الحرب في هذه المرحلة، ونحن كـ«حزب الله»، على الرغم من هذا التحليل السياسي، نعمل بالاحتياط ونُبقي على جهوزية كاملة لأي احتمال طارىء او مفاجىء». وشدّد على انّ «كل عمل تقوم به الاجهزة الامنية اللبنانية بشكل وقائي لوضع حد للارهاب، بأصنافه المختلفة هو عمل جيد».

النفط... مهدد

في مجال آخر، علمت «الجمهورية» انّ بري أثار مع السفير الفرنسي ملف النفط البحري من زاوية محاولة اسرائيل للتنقيب ضمن المياه البحرية اللبنانية. ولفتَ الى خطورة هذا الاعتداء الاسرائيلي، مؤكدا انّ لبنان لا يمكن ان يقبل بذلك، ولا التخلي عن حقه في مياهه وثروته النفطية. ورفض المحاولات الرامية الى منع لبنان من الاستفادة من ثروته، عبر سَعي بعض الاطراف الى تأجيل التنقيب في البلوكات التي لزمها لبنان، لمدة سنة.


وقالت مصادر معنية بهذا الملف لـ«الجمهورية»: «انّ بري سعى من خلال إثارته هذا الموضوع مع السفير الفرنسي لكي تأخذ شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال» علماً بموقف لبنان، علماً انّ هذه الشركة وقّعت في شباط الماضي عقداً للتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية ضَمّ تحالف شركات يضمّها مع شركة «ايني» الايطالية، و«نوفاتك» الروسية و«توتال» نفسها، وانّ البدء بحفر أول بئر سيتمّ خلال العام 2019.


وعلمت «الجمهورية» انّ لدى بري توجّهاً لإبقاء هذا الملف في صدارة اهتمام الدولة اللبنانية، ولحشد الدعم لموقف لبنان في الحفاظ على حقوقه وسيادته ومنع المساس بها.


وضمن هذا السياق، تمّ التأكيد خلال الاجتماع العسكري الثلاثي اللبناني ـ الاسرائيلي ـ الدولي (اليونيفيل)، الذي عقد في الناقورة الاسبوع الماضي، على موقف لبنان المتمسّك بسيادته على اراضيه ومياهه البحرية وثرواته النفطية، ورفض محاولات إسرائيل المَس بها او الانتقاص منها، مع التشديد على موقف الجيش اللبناني الحازم لجهة مواجهة أي اعتداء إسرائيلي على هذه الحقوق».


وفي السياق، قالت مصادر رئاسية لـ«الجمهورية»: «أولوية رئيس الجمهورية هي الحفاظ بكل السبل على هذه الثروة الوطنية، التي هي حق لكل الشعب اللبناني وأجياله المقبلة».


وحول الأمر نفسه، قال مسؤول كبير في «حزب الله» لـ«الجمهورية»: «حزب الله» تبنّى موقف الدولة اللبنانية في كل المسائل المرتبطة بالحدود البرية والبحرية، وما تقرره الدولة اللبنانية بأركانها الثلاثة نعمل على أساسه، ونكون جزءاً لا يتجزأ من الدفاع عن الموقف الذي يحمي حقوق لبنان كاملة وغير منقوصة»