فجأة وبينما كان الجالسون غارقون بدموعهم أسفاً على ما حصل للحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته في كربلاء يقطع الخطيب نَعيَهُ ويقول لا أريد سماع البكاء بعد اليوم ولن أكمل المجلس وغدا وبعد صلاة الفجر عليكم جميعاً التجمع أمام الحسينية تلبسون أكفانكم لأننا إن لم نتعلم من الحسين كيف نثور على مغتصبي حقوقنا فالبكاء والنحيب والحزن سيكونون وبالاً إضافياً علينا ووقف عن كرسيه ونزل عن المنبر واتجه نحو باب القاعة والجميع يرمقه بذهول .
وفي اليوم الثاني وبعد صلاة الفجر أخرجت ثياب الإحرام التي ما زالت بين يدي لم تضعها زوجتي في مكانها وتحفظها للعام القادم دخلت واغتسلت وفي نفسي شوق للقاء ذلك القارئ وأصحابي ، خرجت من المنزل لأستقل سيارتي فقلت في نفسي ولِمَ السيارة ونحن سنزحف جماهيراً لننتزع حقوقنا فرميت بالمفتاح الى زوجتي وأولادي الذين ينظرون إلي بذهول أخرس ومضيت ماشياً الى أمام الحسينية فوجدت بعض أصدقائي الذين لم يتجاوز عددهم أصابع اليدين وأحدهم أخذ على عاتقه بإقناعهم الرجوع الى منازلهم فلا الوقت عاشوراء ولا الساحة كربلاء وبالفعل تمكن من إقناع إثنين منهم فمسكته بكتفه وأدرته نحوي وإذا به ذلك الشخص الذي نراه في المجلس يتصدر الصفوف وهو صاحب ذلك الصوت المرتفع بالبكاء والنحيب .
إقرأ أيضا : موضة عاشوراء غيّرت مفهوم الحزن فينا!
تذكرت أن أسأل عن ذلك الخطيب الذي دعانا للزحف نحو ذلك الذئب المتربص بحقوقنا ومستقبلنا فأجابني أحدهم ذهبنا إليه بالمنزل وإذا بالأبواب موصدة وهو كالخاوي على عروشه عندها صرخت من يريد حقوقه فليصرخ معي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك وبصوت مرتفع والدموع تنهمر على وجنتي فلم يمشي معي سوى أربعة من رواد ذلك المجلس وبلحظة كأن شيئاً لم يكن فإن يد زوجتي قطعت علي المشهد وهي تهزني من كتفي وتصرخ علي وتستغفر الله فقد ظنت أن كابوساً ينتابني .
وبعد استيقاظي من ذلك المنام حمدت الله على حسن إختياري وقراري بعدم حضور مجالس التنويم المغناطيسي التي نراها في مجتمعاتنا والتي بدل أن تدعونا للثورة على من أذلنا وسرق حقنا نراهم يدعون للفجار الذين يأكلون أموال الناس بالباطل والذين يدعونا لعبادتهم من دون الله والتي لا تستحق أن نضيع أوقاتنا بالحضور بها.