دخل رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على خط السجال المحتدم بين النواب والقياديين «الاشتراكيين» من جهة، وأنصار الرئيس اللبناني ميشال عون من جهة أخرى، بعيد انفجار الخلاف السياسي بين الطرفين داخل الوزارات.
فبعد اتخاذ وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال مروان حمادة، قبل أيام، قرارا بنقل رئيسة دائرة الامتحانات هيلدا خوري، المقربة من «التيار الوطني الحر» من منصبها، لتتولى مصلحة الإرشاد والتوجيه، وتعيين أمل شعبان عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل» مكانها، وهو ما اعتبره العونيون «قرارا سياسيا انتقاميا ظالما بحقها»، سارعوا لرد «الصاع صاعين»، فقرر وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال طارق الخطيب، نقل الموظف الدائم في الوزارة نزار هاني المحسوب على الحزب التقدمي الاشتراكي من محمية أرز الشوف، إلى دائرة الأنظمة الإيكولوجية في مصلحة الموارد في الوزارة، فيما أصدر مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، قراراً بإعفاء المهندس الدكتور رجى العلي المحسوب أيضا على «الاشتراكي» من مهامه في مديرية الدراسات في المؤسسة، ليتولّى مهاما استشارية وفنية.
وأتى القراران الأخيران بعيد الدعوة العلنية التي وجهها النائب في «التيار الوطني الحر» زياد أسود، إلى وزراء التيار لـ«إقالة من ينتمي إلى (وزير التربية) مروان حمادة وفريقه»، قائلا: «فليكن الأسلوب نفسه عبرة لمن اعتبر، طالما أن الكيدية والميليشياوية طاغية، والحكم ليس للقوانين والأخلاق؛ بل للتشبيح والشبيحة».
ودخل جنبلاط مباشرة على خط السجال المفتوح، فغرد أمس على حسابه على موقع «تويتر» قائلا: «إذ تغرق البلاد في السيول وأنهار القمامة وتلوث الليطاني والعتمة، تفاوض الحكومة أصحاب المولدات بدلا من تلزيم مصنع طاقة جديد. ولا فرق بين أصحاب المولدات وأصحاب السفن التركية. وفي هذه الأثناء يقوم العلوج في شركة الكهرباء والبيئة بسياسة تطهير وانتقام. بئس الساعة التي أتت بهم للحكم. علوج».
واعتبر النائب ووزير التربية السابق إلياس بو صعب، أن حمادة اتخذ قراره لأن هيلدا خوري رفضت الانصياع لتدخلات سياسية، فيما أصدر الأخير توضيحا أشار فيه إلى أن التدبير الذي اتخذ أتى بعد مرور عامين على انتهاء التكليف، مشددا على أن للوزير الحق في إجراء التعديلات داخل الوزارة. وقال حمادة: «ما جرى لا يقلّل من شأن المديرة التي ستتولى إحدى أهم المصالح في الوزارة، وهي الإرشاد والتوجيه، وهي إحدى أكبر المصالح في وزارة التربية الوطنية»، مؤكدا أن «ما حصل ليس إقالة؛ بل إعادة توزيع للمسؤوليات، مع الاحترام الكامل للاعتبارات الطائفية والتوازنات في الوزارة». وأضاف: «حملة الشتائم لن تغير شيئا بفرض التوازن في وزارة استباحوها على مدى سنوات».
وشدد النائب عن الحزب «التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن، على أن القرار الذي اتخذه حمادة «لم تكن له أي خلفية تشفي أو تصفية حسابات، وهو قرار إداري صرف؛ لكننا تفاجأنا بردة الفعل العنيفة، وكأن قراراتهم كانت معدة مسبقا»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إذا دل أداؤهم هذا على شيء، فعلى عقلية إقصائية وعلى الكيدية المتحكمة بهذا الفريق السياسي». واتهم أبو الحسن «التيار الوطني الحر» بانتهاج «سياسة المافيات»، معتبرا أن «أبرز مثال على ذلك ما هو حاصل من سرقات وسمسرات وهدر وفساد في وزارة الطاقة، بحيث إن 40 في المائة من الدين العام سببه الإدارة غير السليمة لملف الكهرباء». وأضاف: «يتحدثون عن تفاقم الفساد وهم يتسلمون وزارة مكافحة الفساد، يتحدثون عن تدهور الاقتصاد وهم يتسلمون هذه الوزارة، تماما كالحال في وزارة البيئة. فليكفوا عن هذا الأسلوب الرخيص في التعاطي والتعامل مع الآخرين، ولينصرفوا لإنجاز مهامهم وواجباتهم تجاه الشعب اللبناني».
وحاول النائب في تكتل «لبنان القوي» ومقرر لجنة التربية النيابية أسعد درغام، استيعاب عملية التصعيد في المواقف، فدعا لوقف السجال وسياسة التشفي، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن قرار حمادة غير مفهوم بالسياسة والتوقيت. وتساءل: «لماذا اتخاذ هذا القرار بعد سنتين من توليه الوزارة وفي مرحلة تصريف الأعمال؟ نحن لا نختلف بتاتا من الناحية الأكاديمية مع الوزير حمادة؛ لكننا لا شك نختلف معه في السياسة وفي توقيت اتخاذ القرار الذي بدا أقرب إلى ممارسة سياسة التشفي». وحثّ درغام على إعادة الملف إلى مكانه الطبيعي وسحبه من السجال السياسي.