لم تعد صورة ما يعرف بـ "نهر الغدير" الغارق بنفاياته غريبة على اللبنانيين، وخصوصاً على سكان حي السلم في الضاحية الجنوبية، الصورة تتكرر في كل عام، لكن تختلف بارتفاع عدد النفايات المرمية في النهر إلى أضعاف نفايات الأعوام السابقة، صورٌ وفيديوهات "قذرة" إجتاحت مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام، وزادت الإنتقادات العالمية والدولية التي تُصنفنا بـ "بلد النفايات"، وهذه المرة لا يقع اللوم على الدولة اللبنانية فقط، إنما على أنفسنا كلبنانيين وعلى نظافتنا.
هي فضيحةٌ بحق أنفسنا أولاً، بحق صحتنا وبحق مستقبل أطفالنا، نحن من يرمي النفايات في ذلك النهر، ومع كل "شتوة" نشكو منها، فإلى من نشكو؟ ومن ماذا نشكو؟ أنشكو إهمالنا ولامبالاتنا؟ أم نشكو لدولةٍ صماء؟ أم نعترف بأن هذه النفايات نفاياتنا ونحن من رماها في النهر؟! فكفى شكوى، ربما نحن جزءٌ من صورة "نهر الغدير"، الذي هملته الدولة اللبنانية مرة، وهملناه نحن ألف مرة.
ومنذ سنواتٍ طويلة، تتصاعد أصوات الأهالي في "حي السلم" للمطالبة بإيجاد حل فوري لأزمة النفايات في النهر، بحيث لم تعد مياه النهر مياهاً عاديّة بل باتت مياه مجارير بإمتياز، ومجموعة نفايات متراكمة امتزجت مع السيول والتربة، تفيض تلوثاً وقذارة.
إقرأ أيضاً: أنقذوا جامعة الوطن!
مشهد "نهر الغدير" اليوم لا يختلف كثيراً عن مشاهد الأعوام السابقة، فالأزمة مستمرة منذ ما قبل عام 2009، والنفايات لازالت متراكمة في باحته الجافة التي سرعان ما تمتلىء بمياه ملوثة خلال الشتاء، وتؤدي إلى فيضان النهر ودخول مياهه إلى المنازل.
أما مشهد الأهالي وهم يحاولون إخراج المياه من منازلهم لا يتغير، وكعادتهم يطلقون ندائهم للدولة اللامبالية، ويشكون من أزمة مميتة هم أنفسهم شاركوا في تفاقمها بعد رميهم للنفايات التي تُصنف بنفايات كيميائيّة قاتلة.
هذه المرة علينا أن نلوم أنفسنا لا الدولة فقط، فنحن من عليه أن يهتم بنظافة منزله والحي الذي يسكن فيه أولاً قبل إطلاق صراخات النداء في وجه الدولة، نحن من علينا أن نصنع نظافتنا بأيدينا، أن نخلق تربية منزلية نُربي أجيالنا عليها، أن نتعلم النظافة، كي لا نصل إلى ما وصلنا عليه اليوم، لأنه من المعروف أن النظافة من الإيمان، لكن بعد نفايات "نهر الغدير" أين إيماننا؟