حطت أزمة تشكيل حكومة العهد الأولى رحالها بين استراسبورغ حيث يحل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضيف شرف على البرلمان الأوروبي وبين لاهاي التي توجه إليها الرئيس المكلف سعد الحريري لمواكبة مرافعات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قبل أن تنصرف هيئة المحكمة للمذاكرة في مسار يتوقع أن يستمر أشهراً عدّة.
وبين هاتين المحطتين يقف الشعب اللبناني، صغيره وكبيره، وإلى أي فئة سياسية ينتمي، قلقاً مما يخبئه الغد، على ضوء التصريحات التي تطلق من هذا الفريق ومن ذلك، ومن هذا الخبير النقدي والاقتصادي، والتي تنذر بخطورة الأوضاع العامة، وتتفق كلها على ان البلد برمته وصل إلى حافة الانهيار إذا استمرت البلاد بعد من دون حكومة تتصدى بسرعة إلى كل هذه التحديات، بخطط متوافق عليها من شأنها أن تنقذ البلد من الانهيار الذي أصبح شبه محتم مهما تغنى كبار المسؤولين في الدولة بقدرة لبنان على الصمود أكثر في وجه كل الاعاصير التي تهب عليه، فإلى متى يستمر الأمر على هذا المنوال ومتى يستفيق كبار المسؤولين ويضعوا حداً لهذا الوضع الخطير بالاقدام على خطوة تشكيل الحكومة متجاوزين في ذلك كل العقبات والمطبات وما يسمونه بفقد التمثيل لهذا الفريق ولذاك . فما الذي كان يمنع رئيس الجمهورية أن يوقع على مرسوم التشكيلة الوزارية التي رفعها إليه الرئيس المكلف قبل أسبوع وأكثر من موعد سفره الميمون إلى استراسبورغ، بل ما الذي كان يمنعه من أن يعيد الاتصال بالرئيس المكلف ويعقد معه اجتماعاً لا ينتهي الا بعد الاتفاق على تشكيل الحكومة وعدد الوزراء، وتوزيعها على الكتل النيابية وفق اعتماد آلية متوافق عليها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، الا إذا كان المقصود من رئيس الجمهورية أن لا تشكّل الحكومة وتبقى البلاد تعيش في الفراغ، وتتعطل معها كل المؤسسات والحركة الاقتصادية بهدف الضغط علی الرئيس المكلف لكي يقبل بما يمليه عليه رئيس الجمهورية ويكون متناسباً مع الأهداف التي رسمها رئيس التيار الوطني الحر الوزير في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل وتقضي بأن تكون غالبية الثلثين في الحكومة العتيدة من حصة تياره حتى يتمكن من التحكم بالقرارات الحكومية، وفق ما تحدث عنه في افتتاح إحدى الإنجازات الإنمائية في منطقة البترون التي يمثلها في المجلس النيابي.
وإذا كان الأمر ليس كذلك، وان رئيس الجمهورية يرغب في أن تكون حكومة عهده الأولى وفاقية ان تتمثل فيها كل الفرقاء وفق معيار نتائج الانتخابات النيابية، فلماذا اعترض التشكيلة التي رفعها إليه الرئيس المكلف وهي تراعي هذه المعايير ولا تتناقض معها الا إذا كان ما يفعله رئيس التيار الوطني الحر هو ما رسمه رئيس الجمهورية له، وهذا من شأنه في حال كان صحيحاً ان يضع البلاد أمام أزمة سياسية طويلة، تماماً كما حصل قبل تلك التسوية التي أدت إلى انتخابه رئيساً للجمهورية وكل كلام غير ذلك، يحتاج الي كثير من التدقيق.