اندلعت مظاهرات في البصرة هذا الشهر بعد أن أصيب الآلاف بالمرض بسبب تلوث المياه، وتكثفت الأسبوع الماضي بعد مقتل العديد من المتظاهرين. أحرق المحتجون مكاتب معظم الأحزاب السياسية في البصرة، بما في ذلك الجماعات شبه العسكرية القوية المدعومة من إيران. أحرق المتظاهرون القنصلية الإيرانية في البصرة. كما أطلقت الصواريخ باتجاه البعثات الدبلوماسية الأمريكية دونما وقوع اي ضرر مما صعد التوترات وزاد من حدة النزاعات بين الولايات المتحدة وإيران لتشكيل الحكومة المقبلة في البلاد.
أشعلت النار في القنصلية الإيرانية يوم الجمعة في استعراض للغضب ضد تدخل طهران في الشؤون العراقية والطبقة السياسية في البلاد بأكملها، والتي فشلت في توفير حتى الخدمات الأساسية على الرغم من مليارات الدولارات من عائدات صادرات النفط، ومعظمها ينتج في البصرة.وبعد ساعات، تم إطلاق صواريخ باتجاه مطار البصرة، حيث تقع القنصلية الأمريكية، وفي المنطقة الخضراء شديدة التحصين التي تضم سفارتها في بغداد.
تدعم الولايات المتحدة وإيران التجمعات السياسية العراقية المتنافسة في معركة محتدمة لتشكيل الحكومة بعد انتخابات مايو التي لم تبين فائزًا واضحًا. تريد إدارة ترامب حكومة صديقة في بغداد بعد ثلاث سنوات من الحرب ضد الدولة الإسلامية، وهي تسعى إلى عزل طهران سياسياً واقتصادياً بعد الانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية. وتدعم الدولتان الجماعات المتنافسة في دول مثل سوريا ولبنان واليمن أثناء محاولتها تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.
لم يتضح من الذي أطلق الصواريخ باتجاه البعثات الدبلوماسية الأمريكية لكنّ بعض السياسيين والمحللين اعتبروا الهجمات بمثابة إشارة تحذير لواشنطن في إطار سعيها لمنع الفصائل القريبة من إيران تشكيل الحكومة بعد الانتخابات البرلمانية في مايو. كان المبعوث الأمريكي بريت ماكجورك قد اعتمد على الأحزاب الكردية والسنيّة لدعم الائتلاف الذي كان رئيس الوزراء حيدر العبادي جزءاً منه.وفي هذا السياق، اعتبر النائب السني صلاح الجبوري انّ "هذا تصعيد خطير في فترة زمنية حرجة في منطقة غير مستقرة."
تنافست الولايات المتحدة وإيران على النفوذ في العراق منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003، لكنهما توصلتا إلى حل وسط بشأن الحكومات الأخيرة. في عام 2014، أصبحوا بحكم الواقع حلفاء في الحرب ضد الدولة الإسلامية. ومع ذلك، فإن أجنداتهم تتفاوت بشكل متزايد مع انحسار خطر الجماعات المسلحة. تحتاج إيران أيضاً إلى حكومة صديقة في الجوار حيث أنها تتعرض لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة.
إن صراعًا كاملًا ليس في مصلحة إيران أو الولايات المتحدة، ولكن مع لعبة عالية المخاطر، يمكن لأي من الجانبين بسهولة أن يُخطئ الحساب يقول ريناد منصور، وهو باحث في Chatham House ، "كلاهما يريد تجنب حرب أهلية شاملة ، إن أمكن".
وحذّر زعماء ميليشيا شيعية لهم علاقات وثيقة مع طهران يوم السبت من أنهم سيستهدفون القنصليات والاستخبارات في أي دولة أجنبية مسؤولة عن التحريض على شن هجمات على مكاتبهم والقنصلية الإيرانية في البصرة.وقال القائد العسكري البارز الشيعي أبو مهدي المهندس، الذي وصفته الولايات المتحدة بأنه إرهابي لدوره في قصف السفارتين الأمريكية والفرنسية في الكويت في الثمانينات من القرن الماضي: "السفارة الأمريكية تشرف على الوضع في البصرة".
وبالنسبة للعراق، الذي يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك إعادة بناء المناطق المدمرة ومنع نشطاء الدولة الإسلامية المهزومين من استعادة قوتهم، يمكن للعنف أن يزيد من تقويض تعافيه.وكان مقتدى الصدر، الذي فازت قائمته الانتخابية بأكبر عدد من المقاعد وشكل في البداية تحالفاً مع السيد عبادي ، قد دعا يوم السبت إلى استقالته مع العديد من الفصائل الأخرى.ورحب قيس الخزعلي، القائد الشيعي شبه العسكري في تحالف فتح المدعوم من إيران ، بخطوة الصدر وقال إن التوافق بين الجانبين سيحقق الاستقرار في العراق، مما يوحي بأنهما يقتربان من بعضهما البعض.
وحث يان كوبيس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، الساسة يوم السبت على الإسراع في تشكيل حكومة قادرة على تلبية مطالب الناس.وقال: "إن عملية تشكيل الحكومة التي طال أمدها تخلق حالة من عدم اليقين وبيئة خصبة للتلاعب السياسي وأعمال التخويف والعنف التي تخرب العمليات الديمقراطية".
ترجمة وفاء العريضي
بقلم إيزابيل كولز وعلي نبهان نقلا عن وول ستريت جورنال