مع بداية خاتمة المحكمة الدولية والإفادة بما توصل اليه قاضي التحقيق بعد سنين من المرافعات في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري يصبح استماع الرئيس المكلف سعد الحريري لنتائج المحكمة قبيل صدور القرار النهائي ذو اتصال مباشر بطبيعة التشكيل الحكومي المرتقب بحيث قد يسهم في تأخير التشكيل أو في فرض شروط منسجمة مع ما توصلت اليه المحكمة الدولية من إدانة مباشرة لأشخاص منتمين لحزب مهيمن على الساحة السياسية بفعل فائض القوّة التي يتمتع بها أو من الممكن وكما جرت عادة الرئيس الحريري غض النظر عن الشق الخلافي و التعاطي العقلاني مع متطلبات السلطة التي تستوجب مروراً آمناً مع الخصوم و الأعداء لتسهيل أعمال الحكومة من التشكيل الى البيان الوزاري الى مزاولة الأعمال الحكومية.
لكن صدور القرار النهائي وما يستلزم ذلك من تبعات ومسؤوليات أمنية وسياسية سيفرض أعباءه المكلفة على الحكومة إن لم تتأثر به الشوارع الطائفية والتي تستنهض أدوارها وفق جرعات جديدة من المواد الإختلافية وهذا ما سيعيد الحلقة المتوترة الى دورانها بين اللبنانيين اذا لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لفرملة اندفاعات نتائج القرار المنتظر.
لم ينتظر المتضررون من القرار صدوره كي يتلقوا عواقبه المعنوية والمادية فبادروا الى الذهاب نحو دمشق للضغط على الرئيس الحريري لثنيه عن استقبال القرار بحرارة التحدي واتخاذ الخطوات المسهلة لتنفيذ مفاعيل قرار المحكمة الدولية وبدت نبرة الخطاب السوري لدى وزراء الممانعة عالية جداً في لحظة سياسية تحتاج الى خفض مستويات التوتر والتشنج للمساهمة في ولادة الحكومة خاصة و أن فريق المقاومة يدين العرقلة ويسهل من التشكيل الحكومي كما صرح أكثر من مسؤول معني في الحزب وخارجه.
إقرأ أيضًا: ترمب بيشرب النفط وبوتين بمص دماء السوريين
لكن البدء باستعجال عودة العلاقة مع النظام السوري في ظل انقسام سياسي حول هذه العلاقة يعيق من تأليف الحكومة وفريق المقاومة يستعجل خطوة التأليف وقد تعرض للمعرقلين للتشكيل سواء كانوا حلفاء له أو أخصام فما الذي استجد كي يضع وزير الحزب الحجر السوري في طريق التشكيل الحكومي؟
لم يضع الوزير الدائم في التشكيلات الحكومية الحجر السوري في الطريق الحكومي بقدر ما كان يضعه في طريق المحكمة الدولية وما احتدامه الشديد واحتداده على ضرورة التواصل مع النظام السوري دون إذن مسبق من رئيس الحكومة تلبية لواجب العمل الحكومي والمصالح المشتركة كيّ ينعم لبنان بالمن والسلوى السوريين بعد أن افتقدهما نتيجة سياسات خاسرة خسّرت لبنان وهزّت شباك اقتصاده و أدخلت في مرماه كرات عديدة دهورت أوضاعه وجعلته لا على حافة الهاوية بل في فراغ الهاوية.
هذا "الهيرقل" الاقتصادي الصنديد والنابغة في علم الاقتصاد قد حلّ أزمة لبنان الاقتصادية بثوان من خطاب تاريخي ناري قلّ مثيله ويجب أن تكافأه عليه التشكيلات الدولية والاقليمية والعربية كونه اجترح حلاّ للبنان جعله ينأى عن سياسات التبرعات والقروض الدولية والعربية وما عاد هناك من حاجة للؤتمرات الايطالية والفرنسية المختصة بمساعدة لبنان طالما أن معبر نصيب فيه كل النصيب ولا داعي لقطع الياناصيب من مؤتمر "سد".
ما شاء الله الآن عرفنا لماذا يتمسك الزعماء بالوزراء الثابتين كونهم ورثة كارل ماركس و آدم سميث ونحن نتيجة قصورنا لا ندرك حكمة الحكماء من تمسكهم بصغار هم كبار ونادرون و نحن لا نُدرك ما يدركه النجباء من أمتنا حماهم الله و وسّع عليهم من فيض علمه بسعة من المعرفة الزائدة و المسبقة بعالم الإنس والعفريت.