أربعة أيام على إنتهاء ولاية مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار، حيث يبلغ يوم الأربعاء المقبل السبعين من العمر، ما يعني بحسب القانون إنتهاء مهامه في الافتاء بشكل رسمي، تمهيدا لانتخاب مفت جديد، أو تكليف من يقوم بمهام الافتاء الى حين إجراء هذه الانتخابات.
لا يوجد في الأفق ما يشير الى إجراء إنتخابات مفت جديد في وقت سريع، حيث لم تجر الدعوة لذلك، ولم تصدر أسماء الهيئة الناخبة، وربما يعود ذلك الى الوضع السياسي المتأزم وإنشغال الجميع بتشكيل الحكومة العتيدة، لكن ذلك لا يعني حصول التمديد أو إرتباطه به، حيث يمكن أن تسير الأمور بانسيابية قانونية، لجهة تسليم الشعار الأمانة، وتكليف شيخ آخر قد يكون على الأرجح أمين الفتوى الشيخ محمد إمام، بانتظار أن يحدد مفتي الجمهورية موعد الانتخاب، ما يساهم في الحفاظ على هيبة دار الفتوى وحضورها وعلى تطبيق القوانين فيها وإحترام المهل في كل مواقعها.
ليس خافيا على أحد أن قرار التمديد أو عدمه يعود الى مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الذي يدرس بتمعن شديد تداعيات القرار الذي سيتخذه، وتأثيره على الوضع العام وعلى القيادات السنية وعلى المشايخ والعلماء، وهو الذي يحرص منذ أن تولى مهامه على أن يكون على مسافة واحدة من الجميع وعلى التصرف بحكمة وحنكة حفاظا على وحدة الطائفة وتآلف قياداتها لا سيما رؤساء الحكومات السابقين الذين يشكلون اليوم شبكة أمان فوق الرئيس المكلف سعد الحريري.
يدرك المفتي دريان أن ثمة إنقساما عاموديا بين القيادات السياسية والدينية المعنية حول التمديد للمفتي الشعار الذي بات معروفا أنه لم يكن على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ودخل في معارك سياسية عدة سندا ودعما لجهة ضد أخرى خصوصا في الانتخابات النيابية الأخيرة، كما يحرص المفتي دريان على أن لا يشكل قراره بالتمديد أو عدمه أية حالة نفور أو خلاف بين القيادات السنية لا سيما بين رؤساء الحكومات الذين يعتبر كثيرون أن إجتماعهم وتآلفهم وتعاونهم اليوم يعطي قوة حضور غير مسبوقة للطائفة ككل، ومن مهام المفتي دريان أن يرعى هذا الاجتماع وان يدفع نحو تحصينه.
تشير المعطيات الى أن المفتي دريان يحتاج بحسب القانون الى تفويض من المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى لاصدار قرار بتمديد ولاية المفتي الشعار لسنة مقبلة، وهذا الاجتماع من المفترض أن يعقد اليوم السبت، ولا يوجد على جدول أعماله طلب التفويض، ما يعني أن المفتي دريان ربما يطرحه من خارج جدول الأعمال وأن يطلب من أعضاء المجلس التصويت على منحه التفويض، ما من شأنه أن يفتح الأمور على ثلاثة إحتمالات:
الأول: أن لا يطرح المفتي دريان طلب التفويض على المجلس، ما يعني قرارا حاسما وحازما منه بعدم التمديد للشعار الذي من المفترض أن يترك مكتبه في دار الفتوى يوم الأربعاء المقبل، لتأخذ الأمور مساراتها القانونية بالتحضير للانتخابات بعد تشكيل الحكومة، وتكليف أحد المشايخ ليقوم بمهام الإفتاء.
الثاني: رفض المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى إعطاء التفويض للمفتي دريان، ما يعني أيضا عدم التمديد للشعار، وإتباع الخطوات القانونية المعروفة.
الثالث: إعطاء المجلس التفويض للمفتي دريان الذي سيكون له أن يختار بين التمديد للشعار أو عدم التمديد، ومواجهة الانقسام القائم وتداعياته على المؤسستين السياسية والدينية.
يشير مطلعون الى أن المفتي دريان سيكون أمام خيارين أحلاهما مرّ بالنسبة له، نظرا لحال الانقسام القائم حول التمديد، ما يجعل في هذه الحالة تطبيق القانون والحفاظ على المهل هما المخرج الوحيد له من هذه الأزمة، وهما السبيل الوحيد للحفاظ على حضور وهيبة المؤسسة الأم وعدم فتح المجال لأي كان أن يوجه سهاما سياسية أو دينية إليها.