وحده بوتين كان سيد لقاء طهران أمام رئيس ايراني لا حول له ولا قوّة وأمام رئيس تركي نصف قوي كونه مخنوق بأزمات كبيرة من الأمن الى السياسة فالاقتصاد
 

حرص الرئيس الروسي على خيار الحرب في إدلب رغم التحذيرات الدولية من مخاطر استخدام القوّة في منطقة مكتظة بالسكان ورغم استمهال حليفه التركي له بغية تأجيل الحرب دفعاً لحل سلمي على غرار الاتفاقيات المعمول بها بين الأتراك والروس في أكثر من محافظة سورية. رفض القيصر الصغير العرض التركي وقرر مع الرئيس الإيراني خوض حرب مدمرة لإدلب كي لا يبقى في سورية معارضاً للنظام وكي تسقط آخر المحافظات السورية الأساسية في يدّ الروس كي تصبح ورقة التفاوض على سورية قوية الاستثمار مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتظر من يأتيها بالورقة الرابحة كي ترضى عنه وتخفف عن الدولة المعاقبة أعباء العقوبات المفروضة عليها.

في قمّة طهران تماه روسي - إيراني وقد بدا الرئيس الإيراني حسن روحاني شبيهاً برؤساء إيران المتشددين ولم يكن معتدلاً رغم ان موقفه لا يغير شيئاً في طبيعة الموقف الإيراني كونه كالملكة في بريطانيا خارج دائرة الحكم وهذا ما يجعل كلامه غثاء سيل اذا لم يأت نسخة طبق الأصل عن موقف قيادة الحرس الإيراني ولعلم الطرفين الروسي والتركي بذلك كان الاستماع الى روحاني من باب الدبلوماسية لا الواقعية.

وحده بوتين كان سيد لقاء طهران أمام رئيس ايراني لا حول له ولا قوّة و أمام رئيس تركي نصف قوي كونه مخنوق بأزمات كبيرة من الأمن الى السياسة فالاقتصاد وهذا ما جعل من الخليفة التركي ربع خليفة في قمّة طهران لذلك كان الرئيس الروسي مدججاً بسلاح التكبر على الدولتين وكان قيصرهما رغم قصر قامته أمام قامتيّ أردوغان وروحاني.

إقرأ أيضًا: خلي عينك على العراق من شرّ إيران

اذا ما دخل بوتين إدلب من باب الحرب أصبح للشرق الأوسط دولة جديدة نافذة ومتقاسمة للنفوذ مع الولايات المتحدة الأمريكية وهذا ما سيكون على حساب أوروبا وعلى حساب الدول التي خسرت معركتها في سورية ولم تحصل رغم ما بذلت من إمكانيات على ما احتاجت اليه من قيام نظام متفاهم مع السياسة العربية بقيادة المملكة العربية السعودية التي تقود المرحلة العربية الراهنة وهذا ما يعني أن نظام الأسد سيشهد عودة جديدة على حساب العرب وهذا ما سيؤكد خسارة العرب لحرب سورية وفشلهم الذريع في تقرير مصير شعب عربي راهن على الإخوّة العربية لتغيير مساره السلطوي.

بعد إدلب يكون بوتين قد مصّ آخر الدماء العربية الممكنة لأن ما تبقى في سورية هو تحت السيطرة الأمريكية وروسيا أعجز من أن تخطو خطوة واحدة باتجاه النفط الذي تنعم به أميركا وحدها دون غيرها من الدول التي تبذل إمكانياتها في سبيل الانتصار على محافظات فارغة لا يتوفر فيها سوى القحط والفقر والجرب والدمار في حين أن الثروة السورية هي بيد أميركا ولا أحد يستطيع المسّ بما مسكته يد أميركا في سورية لذا يتبين جنون بوتين وحلفائه في حلقات الحروب المخاضة ضدّ محافظات سورية تحتاج الى من يطعمها وهذا ما يجعل من بوتين مجرد وحش يعتاش على الدماء العربية كما اعتاش سابقاّ على دماء المسلمين في الشيشان.

لا أفق في القوّة الروسية المبذولة في سورية سوى كسب ورقة نفوذ تقربهم من أميركا وبيع سلاح  من خلال التجارب المعتمدة في الحقول السورية ضمن أكلاف وفواتير لم تعد مدفوعة كما كانت سابقاً لعجز النظامين الإيراني والسوري عن التسديد في ظل انهيار الدولة في سورية وانهيار الاقتصاد في إيران بعد رزمة عقوبات أمريكية قاتلة وطالما أن الروس يقاتلون بعيداً عن النفط السوري فلا شيء يعكر مزاج أميركا عند الآبار النفطية في الرقّة والحسكة ودير الزور لا روسي ولا إيراني وهذا ما يدل على أن الحروب تٌدار بعيداً عن مصالح أميركا وتلبي شروط اسرائيل.