عشية «أسبوع الاستحقاقات» والترقبات، بدءاً من سفر الرئيس ميشال عون إلى نيويورك لإلقاء كلمة لبنان امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومغادرة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى لاهاي، للاستماع إلى المطالعة الأخيرة للادعاء امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في 11 أيلول الجاري، وعلى وقع ثبات أجواء التهدئة على الجبهة الحكومية، اعرب الرئيس الحريري عن أمله في الوصول إلى حكومة وفاق وطني، يعمل لها «ليل نهار بصمت وكتمان وهدوء»، معتبراً ان برنامج الحكومة العتيدة هو التمكن «من تنفيذ برنامج الإصلاحات والاستثمارات بتمويل المرحلة الأولى من مؤتمر سيدر بحوالى 12 مليار دولار، باعتباره «خشبة الخلاص لبلدنا من الأزمة الواضحة للجميع».
واعتبر الرئيس الحريري انه «كرئيس مكلف اعمل على أساس الدستور ولا داع لسجالات وجدليات غير مطروحة»، داعياً إلى ان نحترم نتائج الانتخابات اللبنانية، «فإذا كانت تشكيلة لا تحترم الانتخابات النيابية، فإن المجلس يحجب عنها الثقة، اما إذا نالت الثقة، فلا يمكن ان تكون مناقضة لنتائج هذه الانتخابات».
الحريري
وفي تقدير مصادر سياسية، ان المواقف التي اعلنها الرئيس الحريري مساء أمس، من السراي الكبير، من شأنها ان تحسم الكثير من الجدل والنزاع سواء حول الصلاحيات الرئاسية، أو المفاوضات الجارية لتأليف الحكومة، خصوصاً بعدما أكّد ان التشكيلة الحكومية العتيدة لا يمكن ان تكون مناقضة لنتائج الانتخابات النيابية، باعتبار ان الصيغة التي قدمها إلى بعبدا، هي السقف الذي سيفاوض من خلاله للتوصل إلى صيغة منشودة.
وكان الرئيس الحريري اغتنم مناسبة حفل العشاء الذي أقيم مساء في السراي تحت رعايته لمناسبة اختيار change maker هذا العام لبنان كمركز اقليمي للشرق الأوسط، لاطلاق مجموعة مواقف سياسية أراد من خلالها تهدئة التوترات السياسية التي رافقت تقديمه الصيغة الحكومية الأخيرة، فضلاً عن سجالات وجدليات غير مطروحة حول الصلاحيات الدستورية، سيما وان «لا فائدة من الكلام فوق السطوح، والتصعيد والاتهامات والمواقف العنترية»، حسب تأكيده، فضلاً عن ان الجدليات على الصلاحيات «ليس لها أي علاقة بهدف التوصّل إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت».
ولفت زوّار «بيت الوسط» لـ«اللواء» إلى ان الرئيس الحريري، لم يكن متفائلاً كثيراً أو متشائماً أمس بالنسبة إلى موضوع تشكيل الحكومة، بالرغم من حرصه على لملمة الأجواء المتوترة، وعلى التسوية الرئاسية مع الرئيس عون.
وتوقع هؤلاء عودة الهدوء إلى الساحة السياسية خلال الـ48 ساعة المقبلة، في إشارة إلى عمل جار لسحب موضوع الصلاحيات من التداول الإعلامي، في موازاة العمل لحلحلة العقد المطروحة، مع التأكيد هنا بأن الصيغة الحكومية التي اقترحها الحريري هي صيغة مبدئية قابلة للأخذ والعطاء والتبديل.
واوضحت مصادر مطلعة ان اي تطور حكومي جديد لم يبرز باستثناء التركيز على التهدئة لمواصلة العمل الحكومي وهو ما كان في صلب زيارة الوزير غطاس خوري الى قصر بعبدا وهو لم يفصح عن سبب الزيارة. ومعلوم انه مكلف بنقل اجوإء عن الرئيس المكلف ودائما تبرز خطوته في اطار تقريب المسافات. ولكن اي شيء يتصل بالمرحلة المقبلة غير معروف بعد وهو لن يتضح قبل لقاء الرئيسين. لكن مصادر في تكتل لبنان القوي اسفت للمماطلة الحاصلة في الملف الحكومي وقال النائب ماريو عون لـ«اللواء» ان التوجه في ما خص توجيه الرئيس عون رسالة الى مجلس النواب غير محسوم بعد.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس عون الذي يزور ستراسبورغ الإثنين المقبل سيكون اول رئيس لبناني يلقي كلمة في البرلمان الأوروبي وذلك في الجلسة الافتتاحية. وستتركز الكلمة الرئاسية على ملف النازحين وموقف لبنان منها وهو امر يوليه البرلمان اهمية بسبب التعاطي الاوروبي المتفاوت لمسألة اللاجئين.
وفي موقف يتكرر، نقل موقع «العهد الاخباري» عن وزير الزراعة غازي زعيتر، الذي يزور دمشق، ان زيارة الرئيس نبيه برّي إلى دمشق واردة في أية لحظة، والأمر يتوقف على ظروف الرئيس برّي الأمنية، فضلاً عن ظروف الرئيس السوري بشار الأسد، داعياً إلى انتظار الأيام القادمة، لتظهر مدى العلاقة الأخوية بين الرئيسين الأسد وبري، على حدّ تعبيره..
«حزب الله»
وفي السياق، لفت انتباه المراقبين هدوء «حرب الصلاحيات» فجأة، وسط تساؤل عن الجهة التي اضطلعت بدور الاطفائي بعدما بدأ التصعيد يبلغ الشارع بيافطات رفعت في بعض المناطق واتخذت طابعاً طائفياً خطيراً، وفيما رجحت بعض المعلوات ان يكون «حزب الله»، وعبر قنواته المعهودة فعل فعله في هذا المجال، انطلاقاً من حرصه على الاستقرار، وعدم انزلاق البلد إلى صراع مذهبي، كانت لافتة للانتباه دعوة نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم إلى تشكيل الحكومة التي تستوعب الجميع بالطريقة المناسبة، حتى ولو كانت هناك خلافات سياسية فلا مشكلة في ذلك، إذ تستطيع الحكومة ان تجمع، والخلافات يمكن ان تناقش وفي النهاية أصل تشكيل الحكومة مطلوب، لأن الحكومة هي التي تنقذ البلد من المزيد من التدهور».
وكان الاجتماع الذي عقده الرئيس عون في بعبدا، مع وزير المال علي حسن خليل في حضور رئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان، حول الأوضاع المالية والاقتصادية في البلاد، خلص إلى نتيجة مؤداها، ان هناك أزمة اقتصادية وجموداً اقتصادياً قد يكون مفتاح معالجتها تشكيل الحكومة وانتظام عمل المؤسسات»، بحسب ما أكّد الوزير خليل، والذي شدّد على سلامة الوضع المالي والنقدي برغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
فوضى المطار
وسط هذه الأجواء، انهمكت الدولة من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها في «فضيحة» توقف نظام الاتصالات المخصص لتسجيل حقائب الركاب المغادرين عبر مطار رفيق الحريري الدولي، ما أدى إلى توقف كلي لعملية التسجيل وازدحام في قاعات المغادرة اعتباراً من الحادية عشرة مساء أمس الأوّل وحتى الرابعة فجراً، فتأخر اقلاع الطائرات وارجئت الرحلات وسادت أجواء بلبلة بلغت اصداؤها دول العالم قاطبة.
وفيما سجل استنفار رسمي واداري ووزاري شامل، ترجمه الاجتماع الموسع الذي عقده الرئيس الحريري في «بيت الوسط» وجمع كافة المسؤولين عن المطار، في حضور وزراء الاشغال يوسف فنيانوس والداخلية نهاد المشنوق والمال، إضافة إلى قادة امنيين، بدا ان ثمة اتجاهاً للمحاسبة، إذ استدعى رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية كلاً من رئيس المطار فادي الحسن والمدير العام للطيران المدني محمّد شهاب الدين للتحقيق في ملابسات ماحدث، فيما أشار وزير العدل سليم جريصاتي إلى تحرك النيابة العامة المختصة لتبيان ما إذا كانت هناك أفعال جرمية.
غير ان التحقيقات اشارت إلى سبب تقني يعود إلى ان شركة Sita المعنية بالشق التقني والمعلوماتي والتي تتعاقد مع نحو 70 مطاراً حول العالم لم تتمكن من القيام بالمهام الموكولة إليها، نتيجة العطل الذي طال شبكة الاتصالات التابعة لها، ولم تنفع بدورها الوسيلة الاحتياطية التي لجأت إليها فكانت النتيجة تأخر الركاب أكثر من خمس ساعات.
وأكّد الوزير فنيانوس بعد اجتماع «بيت الوسط» ان كل الإجراءات ستتخذ وستتحدد كل المسؤوليات، في انتظار البيان الذي ستصدره شركة «سيتا» وسننظر إلى كيفة التعويض على الركاب الذين تأخرت رحلاتهم وخسروا بطاقاتهم.
وكشف ان الحريري لم ينتظر حتى تأليف الحكومة والاستحصال على موافقة مجلس الوزراء الجديد لصرف الأموال، إنما أخذ الأمر على مسؤوليته وأعطى توجيهاته إلى مجلس الإنماء والاعمار والمعنيين لوضع الدراسات اللازمة لحل مشكلة الازدحام في المطار، وانه سيجد الطريقة المناسبة لتأمين المبالغ المتوجبة للمطار والبالغة 88 مليون دولار.
وقال انه إذا تأمنت الأموال، أتوقع ان تمر 7 أشهر أو 8 من العمل الحثيث وبعدها سيصبح المطار قادراً على استيعاب الركاب بطريقة أفضل، علماً ان الحل النهائي يكمن في إقامة المحطة الجديدة التي تمّ الاتفاق عليها. (راجع التفاصيل ص 5).
ومع ان ما حصل في مطار بيروت يحصل عادة في جميع مطارات العالم، فقد كان لافتاً استغلاله سياسياً من فريق التيار العوني، حيث غرد النائب نقولا صحناوي عبر «تويتر» معتبراً ان وضع المطار أصبح مخجلاً وغير مقبول، حاملاً على وزير الاشغال، في حين سأل النائب زياد أسود عمّا إذا كانت اعطال المطار مقصودة لغرض صرف الأموال الطائلة دون حسيب أو رقيب؟
أوضحت شركة « SITA» طبيعة العطل الذي طرأ في مطار رفيق الحريري الدولي، ليل الخميس- الجمعة الفائت، فكشفت أنه «في معرض عمليات الصيانة الدورية والاستباقية التي كانت تقوم بها الشركة عند الساعة الحادية عشرة من ليل الخميس، ظهر خلل في نظام اجهزة التوجيه المسؤولة عن البنية التحتية للاتصال الدولي، فسارعت الشركة الى اصلاحه من خلال النظام المعمول به، الا ان طبيعة الخلل الالكتروني واستحالة اصلاحه اوجبا على الشركة ترحيل جميع خطوط الاتصال الدولي الى نظام جديد متطور بديل لاعادة تشغيل الاجهزة في مطار رفيق الحريري الدولي وتأمين سير العمل فيه، وهذا ما تحقق فعلا بالسرعة القصوى الممكنة في تمام الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم الجمعة، علما ان الشركة كانت بصدد ترحيل كافة خطوط الاتصال الدولي الى النظام الجديد في اول فرصة متاحة بعد انتهاء موسم الذروة في المطار كي لا يؤثر سلبا على سير العمل فيه».
وتمنت الشركة في كتاب وجهته الى المديرية العامة للطيران المدني على جميع المراجع التريث في القاء التهم وتحميل المسؤوليات قبل الانتهاء من التحقيقات وجلاء كافة التفاصيل التقنية.
ونشرت المديرية العامة للطيران المدني كتاب «SITA « بتحفظ خصوصاً لجهة «تنصل الشركة من موجباتها نتيجة الأعطال التي حصلت في المطار بتاريخ 6/9/2018 والضرر والمعاناة الذي لحق بالمسافرين من المطار، وأن هذا الأمر سيكون موضوع متابعة دقيقة من المديرية العامة للطيران المدني سوف تحيل غدا الكتاب إلى المراجع القضائية المختصة لإتخاذ الإجراءات المناسبة».
ازدياد التقنين
وسط هذه الأجواء، ترددت مخاوف من لجوء مؤسسة كهرباء لبنان، إلى زيادة ساعات التقنين ابتداءً من 15 أيلول الجاري، ستبدأ بتخفيض ساعات التغذية، من جرّاء نقص مالي لشراء الفيول والغاز اويل.
وعزت السبب إلى ان الوزير خليل لم يستجب لطلب فتح اعتمادات مالية، كان طلبها وزير الطاقة سيزار أبي خليل.