طال عمرك يا طويل العمر... ويـا طويل العمر في حكومة تصريف الأعمال.. ويا وطناً يطول فيه عمر المأساة وعمر الزعامات وتقصر فيه أعمار الناس.
الأعمار تطول، والمأساة تطول، والألسنة تطول بالذمّ والقدح والتجريح، ويبقى التأليف الحكومي سلعةً يتقاسمها التجار حصصاً ترتفع فيها المزايدات، وتبقى مادة التنشيط المستورَدة تُبلَّع للجياد المشتركة في ميدان السباق.
لو أنهم يعقلون، لما كانوا يطالبون بتضخيم عدد وزرائهم لأنّ لقب الوزير في ظـلّ ويلات هذه الإيام لم يعد يوحي بالإحترام.
الرئيس الصديق نبيه بري يقول: «إنّ لبنان في غرفة العناية»... والرئيس بـري يعرف أن في لبنان مرضى وليس في لبنان أطباء.
ويطلب الرئيس برّي: «من الجميع دونما استثـناء تقديم تنازلات من أجل أن تسْلَم أمـور الوطن...» وهو يعرف أنْ ليس في لبنان من يضحّي حتى بالخلافة، ما سلمت أمور اللبنانيين.
وهو يعرف جداً أن هذه الدولة المريضة الفاسدة المتصدّعة الأركان، باتت تـترنّح زاحفة: إما الى الهاوية وإما الى الحتْـف، وهي تحتاج الى مَنْ ينقذها من العار.
نقول: مع ما يحمل الكلام من الخجل: هناك من يرى أنّ الرئاستين الأولى والثانية محسوبتان على توجّهات المحور الإيراني السوري، وهناك من يعتبر في المقابل أنّ في تأليف الحكومة ما يحقق بعضاً من التوازن لمصلحة المحور السعودي الخارجي.
ولأن المحور السوري الإيراني يرعى في لبنان تنظيماً عسكرياً أصبحت قدراته في مستوى طاقات الجيوش، لا بدّ في المقابل من أن يعتمد المحور السعودي على بقايا التنظيمات الميليشياوية اللبنانية لتحقيق شيء من التوازن الذهني بخلفية عكسرية.
وان تركيب هذين المحورين يرتبط حكماً بالمحور الثالث المتصل بانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة، والتي كانت السبب القاطع في انهيار تفاهم معراب، على أساس أن «المعرابيِّـين» إنْ همُ اتفقوا على تقاسم الحقائب والمقاعد مناصفة، فلا يمكن أن ينقسم معهم مقعد الرئاسة الأولى الى نصفين.
يتذرعون بنتائج الإنتخابات النيابية مقياساً لتضخيم أحجام وتصغير أحجام وعزل أحجام، ومن قال: إنَّ الإنتخابات النيابية التي تشكّل المجلس النيابي، يجب أن تشكل أيضاً الحكومة، وأين هو فصل السلطات الذي اهتدى إليه مونتسكيو للحؤول دون الإستبداد السلطوي، وهل تصبح السلطة في لبنان أشبه بنظام ملكي أو نظام كلّي، أو نظام ديمقراطي يمارس ما يسميه بعض الفلاسفة بالإستبداد اللطيف نتيجة أكثرية طاغية أفرزتها ديمقراطية مركّبة...؟
وقانون الإنتخابات هذا، الذي يتذرعون به ويستندون إليه هو الذي قال عنه الوزير وليد جنبلاط أواخر الشهر الماضي في احتفال مؤسسة العرفان، إنه «قانون أدّى الى شرذمة البلد»... وعلى صورة القانون المشرذِم تكون الحكومة مشرذمة.
وقانون الإنتخابات الذي بات شراً لا بـدَّ منه، كان وسيظل خاضعاً لمشيئة مَنْ يؤكِّدون به حـقَّ الوراثة لهم ولذريتهم حكَّاماً مؤبَّدين.
يقول موتسي تونغ وهو يردّ على الذين هدَّدوا الصين بحرب نووية: «في بعض الحالاتِ لابأس في أن يموت نصف الشعب ليحيا النصف الآخر».
وبلسان موتسي تونغ نقول: لابأس في أن نموت نحن وأنتم تعيشون، ما دمنا نعيش معكم ضحايا أصنامٍ مفترسة.