بدأت «اليونيفيل» سنتها الجديدة بعد التمديد لها في مجلس الامن قبل اسبوع من خلال استصدار القرار ٢٤۳۳.
وهذه السنة، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية، حصل التمديد بشكل مختلف عن السنة الماضية، لاسباب عديدة لعل أبرزها:
ان كل الدول في مجلس الامن تعتبر ان الوضع في منطقة عمليات القوة الدولية، تحسن نسبة للقرار ٢۳٧۳. ويعتقد الاميركيون انه ادى الى تغييرات عملانية، ثم ان الزيارات التي قام بها مسؤولون اميركيون الى لبنان في الآونة الاخيرة وزياراتهم الى الجنوب وكانوا يعملون على ملف «اليونيفيل»، والمطالب التي جرت تلبيتها جعلت الاميركيين يقتنعون بالتمديد. مع الاشارة الى انه كان لدى الاميركيين في مرحلة التفاوض حول استصدار القرار ملاحظات، اذ طالبت واشنطن مجلس الامن بضرورة تخفيض عديد القوة البحرية في «اليونيفيل». وهذا ليس بقصد استهداف لبنان، انما يأتي الطرح في اطار، نظرة الاميركيين وهي انه لا يجب التجديد لكل قوات حفظ السلام في العالم بشكل تلقائي، بل يجب النظر الى فاعليتها، بحيث يلزم عدم الابقاء على تجديد مفتوح دون النظر الى التقدم الذي تحرزه مهمتها ودورها. لكن لبنان استطاع الحفاظ على التجديد الدوري دون اي تغيير في الولاية، بحيث عادت الولايات المتحدة وقبلت بالتمديد دون خفض عدد القوة البحرية حالياً. انما هي طلبت من الامين العام للامم المتحدة وضع تقرير عن التقدم الذي احرزته «اليونيفيل» في منطقة عملياتها. وهذا التراجع عن المطلب حالياً، جعل الولايات المتحدة ايجابية وسهلت الاجماع حول التصويت على القرار. والقرار طلب من الحكومة اللبنانية «تطوير خطة لزيادة قدراتها العسكرية البحرية، بالتزامن مع الدعم الدولي، مع الابقاء على هدف خفض عديد قوة «اليونيفيل» البحرية، ونقل مسؤولياتها الى الجيش اللبناني». وهذا يعني حض السلطات اللبنانية على تطوير قواتها البحرية والاستفادة من الدعم الدولي للجيش اللبناني في ذلك، تمهيداً للاعتماد على «الذات». والقوة الدولية بات لها في لبنان٤٠ سنة، ويجب على لبنان اقتناص هذه الفرصة لتقوية قدراته في هذا المجال.
وتقول المصادر الغربية، ان العملية الاخيرة ضد «اليونيفيل» كانت احد الاسباب التي ادت الى القلق ورفع سقف المطالب الاميركية، لكن القرار شدد على وصول المفتشين من «اليونيفيل» ودورياتها الى كامل منطقة عملياتها وحرية حركتها. وهذا شدد عليه الاميركيون في التفاوض، لانهم يريدون ان تصل «اليونيفيل» الى اي مكان تريده في اطار منطقة عملياتها.
كما ان لبنان وفرنسا وأصدقاء لبنان في المجتمع الدولي، نجحوا في اقناع الاميركيين، بأن الدور المهم الذي تؤديه «اليونيفيل» يجب ان يتم دون تغيير بالولاية، نظراً للدور الذي تلعبه في الاستقرار والامن في الجنوب. واذا ما وضع في الميزان المخاوف والقلق، مقابل دور القوة في حفظ الامن، فان الاهتمام انصب في التفاوض على جعل الاميركيين يرتاحون الى النتيجة. وبالتالي كانت هناك مفاوضات جيدة اخذت بالاعتبار المخاوف الاميركية، وفي المقابل اقتنع الاميركيون بالتمديد دون تعديلات او تغيير في المهمة. والتفهم الذي ابدته الولايات المتحدة، مهم لوضع القوة، وللجيش اللبناني والاستقرار والبناء على كل المعطيات الايجابية التي تحيط بهذا المناخ.
وتعتقد المصادر، ان ما يطالب به الاميركيون، حتى التقدم، تحرزه قوات حفظ السلام في مهمتها، هو بالنسبة الى لبنان لكي يسهل الانتقال في وقت ما من مرحلة وقف الاعتداءات الى وقف النار الثابت. لكي لا يبقى الوضع في المنطقة هشاً. وترى المصادر، ان الاقتراح بشأن القوة البحرية، هدفه ان كل الدول يجب ان تساعد لبنان على بناء قوة بحرية وان يعتمد على نفسه. والاستقرار يمثل نجاحاً لكل الجهد اللبناني كدولة والجيش مع «اليونيفيل».
ومن المهم ادراك مدى الدور الذي تقوم به اللجنة الثلاثية في خفض التوتر وفي حل النزاعات على الارض. انها آلية تمنع تهيئة الاجواء لنشوب اي نزاع كبير. والفضل لدور لبنان البناء داخل اللجنة لحل النزاعات والحفاظ على السيادة.
ويمكن القول ان ٩٥ في المئة من مطالب لبنان تحققت قبل التمديد، وساعده في كل ذلك كل من فرنسا والكويت. والاجماع في التصويت لصالح التمديد يعني اجماعاً دولياً على تحييد لبنان واستقراره، وبأن استمرار الوضع اللبناني هادئاً ومستقراً يتمتع بضمانة دولية. فالاميركيون تعاملوا بايجابية مع التمديد، على الرغم من ملاحظاتهم، ولم تكن لديهم النية في اللجوء الى معركة لها انعكاساتها غير المعروفة النتائج. وشكل الالتزام الاميركي بالاستقرار احدى ابرز النقاط الاساسية في سياسة واشنطن حيال لبنان. وكل الدول فاوضت بمهارة لكن بحزم ايضاً، حول ضرورة استمرار هذا الاستقرار، وهو متفق حوله اقليمياً ودولياً.