من هذه الزاوية أكد حرب امام رابطة خريجي الاعلام برئاسة عامر مشموشي أنّ «لبنان في مأزق اليوم»، مشدّداً على أنّ «النزاع الدائر حالياً غير مرتبط بالصلاحيات الدستورية أو الحصص والمقاعد، بل يتمحور حول معركة رئاسة الجمهورية المقبلة، التي بدأت الاستعدادات لها منذ اليوم، وعلى رغم أنّ العهد لا يزال في مستهلّه».
وكشف حرب أنّ «تشكيل هذه الحكومة يتمّ انطلاقاً من مبدأ أنّها هي التي ستتعامل مع استحقاق رئاسة الجمهورية المقبل، في حال انتهت ولاية الرئيس عون أو في حال استقالته لأسباب صحية، كما يروّج له بعض القريبين منه. ومن هذا المنطلق، باشرت جميع الأطراف السياسية، وحتى أقرب القريبين من الرئيس، التخطيط للسيطرة على القرار في معركة رئاسة الجمهورية المقبلة». وتوقّع حرب أن «لا تحصل الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، أو في حال، لا سمح الله، أخذ الله وديعته قبل انتهاء ولايته، لأنّ ما قام به عون لتبوُّء سدّة الرئاسة، سيلجأ إليه غيرُه من اللاعبين السياسيين أيضاً في سبيل الوصول الى قصر بعبدا»، مذكّرا بأنّ «الرئيس عون استطاع تعطيل الانتخابات الرئاسية، لأنه كان يملك وحلفاؤه أكثر من ثلث أعضاء المجلس النيابي، بحيث لم يتمّ تأمينُ نصاب الثلثين المطلوب للدورة الأولى. وعليه، ترك البلد في فراغ رئاسي مدة سنتين ونصف السنة. وفي المحصّلة، نجحت خطته وتمكّن من فرض مشيئته والوصول الى الرئاسة، لاعتبارات متعددة».
وفي هذا الإطار، اعتبر حرب أنّ «الفريق الأكثري اليوم يدرس طريقة استعمال هذا السلاح لتحقيق مبتغاه، ألا وهو تأمين ثلثي حصته حكومياً، فيتمكّن من أن يحكم البلد من خلال الحكومة، ولو بعد انتهاء ولاية الرئيس عون وفي ظلّ فراغ رئاسي»، موضحاً أن «من خلال تأمين ثلثي الوزراء، يسهل عليه التحكّم بالمجلس على هواه، كما أنّ استقالة ثلثي الوزراء الذين يؤيّدونه يؤدي حتماً الى تطيير الحكومة، إذا قضت مصلحتُه بذلك».
أما بالنسبة الى الأفرقاء الآخرين، والذين لكلّ منهم حساباته، فلفت حرب الى أنّ «عجزهم عن الحصول على ثلثي الحصة الحكومية، سيدفعهم الى المطالبة بالثلث المعطل، ما يفسّر الإصرار على تأمين أحد عشر وزيراً وعدم الاكتفاء بعشرة وزراء. وفي المحصّلة، من الواضح أنّ الجميع يسعى الى إيجاد السلاح الذي يسمح له بالتحكّم بالطرف الآخر عشيّة الاستحقاق الرئاسي المقبل. إلاّ أنّ هذه الحسابات تصبح بلا مردود إذا استمرّ الرئيس عون في الحكم حتى انتهاء ولايته، فستحصل الانتخابات النيابية قبل الانتخابات الرئاسية وبالتالي ستسقط حكومة العهد حكماً، أو تُعتبر مستقيلة، عند بدء ولاية المجلس النيابي الجديد، ما يطرح علامة استفهام كبيرة عمّا إذا كان السجال الحاصل حول الحكومة اليوم، هو من منطلق أنّ الرئيس لن يبقى طوال السنوات الأربع المقبلة في الحكم؟»
وتعليقاً على البيان الصادر عن رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام، قال حرب إنّ «الدستور يعطي رئيس الجمهورية صلاحية مطلقة لقبول أو رفض أيّ صيغة تُقدَّم له، فأن يوقّع مرسوم تشكيل الحكومة يعني أن يبدي رأيه فيها، كما أنّ على الرئيس المكلف أن يوافق مع رئيس الجمهورية على الصيغة التي يطرحها وبالتالي أن يأخذ برأيه والتعاون معه في سبيل خدمة مصلحة البلد».
وفي حين أكد حرب أن «لا موجب دستورياً يلزم رئيس الجمهورية بتوقيع تشكيلة الحكومة التي يرفعها إليه الرئيس المكلف»، شدّد في المقابل، على أن «لا مهلة زمنية تلزم الرئيس المكلف بالاعتذار، فهذا البلد يقوم فقط على التوافق بين المسؤولين». وكشف أنّ «هذه المسألة شكّلت أحد الموضوعات المهمة التي نوقشت في الطائف وأثارت جدلاً كبيراً: ففي وقت تحدّث البعض عن ضرورة تقييد الرئيس الملكف بمهلة زمنية لا تتعدى الشهر أو الخمسة والأربعين يوماً، على أن يُعتبر التكليف ساقطاً في حال تعذّر تشكيل الحكومة، ويتمّ تعيين البديل، اعتبر آخرون أنه يستحيل تحديد فترة زمنية للتكليف، لأنّ ذلك سيسمح لرئيس الجمهورية، في حال لم يكن راضياً عن مَن كلّف التأليف، بتعطيل كل الصيَغ المقترحة في انتظار انتهاء المدة، فارضاً على الأكثرية النيابية التي أفرزته، اختيار غيره بحجّة أنه عجز عن استكمال مهمته».
وأوضح حرب أنّ «النواب المسيحيين المشاركين في مؤتمر الطائف هم مَن رفضوا أن تبقى المسألة عالقة وغير مضبوطة بمهل يحدّدها الدستور، فيما التزم النواب الشيعة قرار إخوانهم السنّة، وبعد اجتماعهم في جناح الرئيس صائب سلام، خرجوا لإبلاغنا رفضهم تحديد مهلة زمنية للرئيس المكلف، وكان الرئيس سلام قد شدّد على أنّ الرئيس المكلف هو مَن يحدّد المهل المعقولة التي سيتطلّبها التشكيل ومدى انعكاس تأخير التشكيل على المصلحة الوطنية، على أن تكون الضوابط هي أخلاقيته ووطنيته بالاضافة الى حسّه بالمسؤولية الوطنية».
واضاف: «في وقت لم يتغيّر موقفُ المسيحيين من ضرورة تحديد مهلة معيّنة، ارتأى الرئيس الحسيني وعدد من النواب ولا سيّما منهم الشيعة ضرورة وضع آلية لتشكيل الحكومة، تقضي بأن يضع رئيس الحكومة صيغة للحكومة، ويطّلع رئيس الجمهورية عليها، وفي حال رفضها هذا الأخير، ولم يتوافقا، يلجأان الى طرحها في مجلس النواب، فإذا حازت على الأكثرية النيابية، تُعتبر نافذةً خلافاً لرأي رئيس الجمهورية، أما إذا لم تحز على موافقة الأكثرية، فذلك يعني أنها تلغي التكليف ويتمّ تكليف رئيس حكومة آخر، ولكنّ هذا الاقتراح لم يلقَ موافقة أيٍّ من المسيحيين والسنّة، لأننا ارتأينا أنّ البلد لا يُحكم بمثل هذه الآلية، لأنّ النظام القائم في لبنان ليس نظاماً مجلسيّاً»، لافتاً الى أنّ «النظام المجلسي يخلق حالة عدم استقرار دستوري ويضعف السلطة، إذ لا يمكن اعطاء مجلس النواب صلاحية اتّخاذ قرار تشكيل السلطة التنفيذية، خلافاً لإرادة كل من رئيس الجمهورية ورئيس السلطة التنفيذية».