نشرت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية تقريرا، سلطت فيه الضوء على الهجوم الذي ستشنه القوات السورية على محافظة إدلب، معقل انطلاق الثورة السورية قبل سبع سنوات، وذلك خلال الأيام القليلة القادمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه في الوقت الذي يهدد فيه الجيش السوري منطقة إدلب المعارضة، الواقعة في شمال غرب سوريا، يجب التشديد على أن قوات بشار الأسد ليست سوى أقلية مدعومة رسميا من الخارج تستهدف أغلبية منتفضة تخلى عنها الغرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن معركة إدلب لا تدل على انتهاء وشيك للأزمة السورية، وإنما تُمثل اقتراب نهاية أولى حلقات هذه المأساة. وتماما كما تنبأت بذلك عملية تحرير حلب، وعلى غرار الموصل، تتالت الانتصارات في الرقة أولا، ثم في الغوطة، ودرعا بعد ذلك. وفي الوقت الذي ظلت فيه وضعية إدلب على حالها، حيث ساهم قربها الجغرافي من تركيا في حمايتها من ضربات النظام ولو جزئيا، تعجل بعض المراقبين باستشراف نهاية الأزمة السورية.
وأكدت الصحيفة أنه منذ معركة حلب، ظهرت بعض الحقائق الجديدة، خاصة منها تلك المتعلقة بالكواليس والدوافع الحقيقية للنظام من وراء هجماته على المناطق السورية. فلتسريع عملية مصادرة ممتلكاتهم، بدأ النظام بنشر أسماء آلاف المواطنين الذين لقوا حتفهم في سجونه، لأسباب قال إنها طبيعية.
علاوة على ذلك، تتباهى دمشق في الآونة الأخيرة بنجاحها في التلاعب بتنظيم الدولة. أما موسكو، فتعترف اليوم بأنها، ومن أجل الوفاء بالتزامها الجوي تجاه الأسد (ذلك أنها شنت 29 ألف طلعة جوية أسفرت عن قتل 86 ألف شخص)، أرسلت 63 ألف رجل من قواتها البرية إلى الأراضي السورية (من بينهم 434 جنرالا).
وأوضحت الصحيفة أن الانتصار لا يعني نجاح أحد أطراف المجتمع السوري في إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر. فقد كان لفاعلين أجانب دور محوري في دعم استمرارية قمع النظام لشعبه. وكان النظام السوري مدعوما أساسا من قبل إيران والعالم الشيعي أولا، ثم من طرف روسيا، بنسبة لا تقارن مع الدعم الغربي أو العربي الذي تلقته المعارضة.
وتطرقت الصحيفة إلى أنه في كانون الأول/ ديسمبر 2016، أُجبر السكان الشرعيون لحلب على مغادرة محافظتهم. آنذاك، كان الروس والإيرانيون يهدفون إلى تدمير أي شكل من أشكال المقاومة المعارضة من أجل استمرارية حكم نظام الأسد، ما عدا إرهاب تنظيم الدولة.
وبينت الصحيفة أن النصر المنتظر في إدلب ليس سوى تفوق "لأقلية" تقودها السلطوية الأجنبية على أغلبية تخلى عنها دعاة الديمقراطية. وهكذا، لا يُمكن لانتصار التحالف مع القوى الأجنبية، الذي قضى على أمل الربيع الديمقراطي، تشكيل مخرج واضح للأزمة، بل سيكون بمثابة عامل لإعادة تشكيلها فحسب.
وأضافت الصحيفة أن انتصار العنف لا يترك أي مجال لمصالحة من المفترض أن تكون شرطا أساسيا لإعادة إضفاء الطابع المؤسسي على السلطة. وكان مثل هذا الحل يتطلب إشراك واحتواء السوريين الذين تمكنوا من النجاة في أثناء معارك حلب أو الرقة أو درعا، حين انضموا إلى ملايين اللاجئين الذين فروا من البلاد. لكن، لا شيء حدث من كل هذا، كما أن الظروف الحالية والتدخل الإيراني، سواء العسكري أو الاقتصادي أو التجاري، في سوريا لا تُبشر باقتراب تجاوز الانقسام الطائفي.
وبينت الصحيفة أنه من الممكن جدا أن يؤدي هذا النصر الذي يلوح في الأفق إلى تنامي التطرف، فضلا عن أنه سيكشف عن عدم وفاء الغرب، الذين أخلفوا وعودهم في عديد محطات النزاع السوري. كما سيشكك هذا النصر في مصداقية النخب السورية التي، بعد أن صدقت وعود النظام، (الذي قدم لها تعهدات بتكريس "الاعتدال" السياسي الذي طالبت به)، قدمت تنازلات متكررة.
وفي الختام، نوهت الصحيفة بأن هذا النصر سيشكل دعما للأطراف المتطرفة، أي الجهاديين. فعلى الرغم من الهزيمة العسكرية النكراء التي لحقت بهم، إلا أنهم اليوم ظلوا الخصوم الوحيدين لبشار.