موجة من التذمر والغضب، تتزامن هذا العام مع عودة المدارس، ليس على غلاء الأقساط فحسب، بل أيضاً على غلاء الكتب والقرطاسيّة، لكنّ لا أحد يلتفتُ إلى إحتجاجات المواطن اللّبنانيّ الذي يتّقن الشكوى ليعود ويرضخ للأمر الواقع، من دون البحث عن حلول. وقُبيل بدء العام الدراسيّ، تتحوّل عمليّة شراء الكتب والقرطاسيّة إلى همٍّ معيشيٍّ إضافيٍّ، لا مفرّ منه، في ظلّ إرتفاع الأسعار بشكلٍ جنونيٍّ، ناهيك عن الأزمة الماليّة التي يعيشها المواطن ولا يُحسَد عليها، فيلجأ إلى الإستدانة والتقسيط لتأمين إلتحاق إبنه إلى الفصل الدراسيّ الجديد.
حال أهالي الطلاب لا يُبشّر بالخير مع بداية العام الدراسيّ، فأسعار الكتب والقرطاسيّة باتت ناراً تكوي الجيوب، لاسيّما وأنّ الأهل يُخصّصون مبالغ طائلة لمثل هذه الفترة من السنة، فإضافة إلى المبالغ التي تُدفع للمدرسة ولشراء الملابس والقرطاسيّة في المدرسة، يُجبرُ الاهالي أيضًا إلى شراء الحقيبة والأقلام والكتب من المكتبات.
وخلال مُقابلة لـِ موقع "لبنان الجديد" مع آلاء وهي أمّ لثلاثة طلّاب إشتكت:" أعيش حالة من القلق المستمرّة لأنّني لا أعرف في أيّ لحظة يُمكن أن تفرضُ علينا إدارة المدرسة زيادة غير متوقّعة على الأقساط خلال العام الدراسيّ، بالإضافة إلى كلفة التسجيل والأقساط المدرسيّة التي تجاوزت هذا العام الـ4000 دولار عن كلّ ولد".
وتابعت آلاء:" صحيح هناك مدارس رسميّة في لبنان لكنّ نضطر إلى نقل أولادنا إل المدارس الخاصّة التي تستغلّ هذا الوضع إلى أقصى الحدود."
من جهتها، قالت لنا آنجي وهي والدة أربع طلاب:" إعتدتُ في السنوات الماضية على شراء المُستلزمات المدرسيّة لأبنائي من إحدى المكتبات الشهيرة، أما اليوم فقد لاحظتُ إرتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، ففضلت شراء كتب مُستعملة إلّا أنني فوجئت بأنّ مُعظم الكُتب ليست متوفرة، فكان لا بدّ من الحجز قبل بفترة، حتى أستطيع الحصول عليها".
إقرأ أيضًا: هل تتحرّك الدّولة اللّبنانيّة بوجه وحشيّة الأفكار الداعشيّة؟
في المُقابل، أجرينا مُقابلةٍ مع أبو محمّد وهو صاحب مكتبة في الضاحية الجنوبيّة، حيثُ أكّد لموقعنا أنّ هُناك ضعف على الإقبال هذا العام مُعلّلاً تزامن موسم العام الدراسيّ مع موسم عيد الأضحى، بالإضافة إلى ضعف القدرة الشرائيّة للمواطن بسبب الغلاء.
أمّا إيفا: "كلو دفع بدفع"، هكذا علّقت والدة وهي تمسكُ يدّ إبنتها أمام صندوق المُحاسبة في المكتبة، قائلةً:"شو بدنا نعمل بدنا نعلمهم، على الله."
وزيادة الأقساط المدرسيّة يُقابلها هبوط وتدنّي المداخيل والرواتب والأجور. فالكتب في غلاء مستمرّ لأنّ أغلبها يتأثر بالدولار واليورو، هذا عدا عن أن كتباً تتغيّر كل عام حتى يبلغ سعر الواحد منها نحو ستين دولاراً ما يمنع الأهل من شرائها مُستعملة، حتى الكتاب الوطنيّ إرتفعت أسعاره لأنّ كلفة الورق والحبر والطباعة أصبحت بالعملة الأجنبيّة. أمّا اللافت أنّ أسعار بعض كتب المرحلة الإبتدائيّة تخطّت أسعار كتب المرحلة الثانويّة، بينما لوازم القرطاسيّة
فأصبحت تتطلب رصد موازنة خاصّة بها، تصلُ أحياناً إلى مئتي ألف ليرة لبنانيّة، فهنا لا ينفع المستعمل ولا يباع.
وفي عمليّة حسابيّة سريعة، يبلغ القسط عن تلميذ واحد في مدرسة خاصّة دينيّة نحو ثلاثة آلاف دولار والكتب نحو ثلاثمائة دولار، والقرطاسيّة نحو مئتي دولار، وملابس المدرسة اليوميّة والرياضيّة مئتي دولار أيضاً. من دون أن ننسى شراء بعض الكتب اللازمة التي تطلبها الإدارة والأساتذة لتطوير المستوى الثقافي للطالب ومستلزمات تطرأ طوال العام الدراسي، وكلفة النقل المدرسي الذي إرتفع مع غلاء البنزينـ وبعض الملابس والأحذية الشتويّة الضروريّة لكلّ عام.
في النهاية، يُطرحُ سؤالًا هامًا هل يتيح العلم والكفاءة للإنسان في لبنان ان يحصل على حقوقه، وأن يؤمّن مستقبلاً مريحاً وملائماً؟