تعد المكسرات واحدة من الصناعات اللبنانية الشهيرة التي يعتمد عليها في موضوع صادراته. فنظراً لتفوق لبنان في طريقة تحضيرها صارت اليوم تطول أسواقاً عالمية بينها دول الخليج وأوروبا فتلقى إقبالاً من قبل المستهلكين هناك، لا سيما في هولندا والسويد وقبرص وغيرها. فـ«المخلوطة» كما يسمونها في لبنان هي رفيقة اللبنانيين من مختلف الأعمار، إذ نسبة كبيرة منهم ترافقهم (المخلوطة) في سهراتهم المنزلية كما أثناء ارتيادهم المقاهي والمطاعم. وإذا حللت ضيفاً في منزل أحدهم لا بد أن يشاركك بـ«صحن مخلوطة» فتستمتع بقرمشتها وبرائحة أصنافها الشهية التي تتألف من أنواع مختلفة.
وعلى الرغم مما شهدته صناعة البزورات اللبنانية أخيراً من أخذ ورد بين دول أجنبية وعربية شكّكت في جودتها، فإن الأمر لم يتعدَّ الزوبعة في فنجان. فلقد عاد صحن «المخلوطة» اللبنانية ليتربع على عرش المذاق الأفضل. وجاء البيان الصادر عن وزارة الصناعة اللبنانية ليدحض كل الشائعات التي تناولت البزورات اللبنانية بعدما أكدت أنها مطابقة للمواصفات المطلوبة بامتياز وأنها تجري دورياً مع وزارة الاقتصاد، البحوث والفحوصات اللازمة للحفاظ على جودتها. هذا الأمر أراح الدول التي ترددت حول الموضوع، كاليابان، فعادت تستورد حاجتها من هذا المنتج اللبناني.
ويستهلك لبنان نحو 1000 طن شهرياً من المكسرات، وفي مواسم الأعياد والمناسبات يرتفع هذا الرقم ليلامس 1500 طن. كما يتم تصدير المكسرات اللبنانية إلى نحو 41 دولة عربية وأوروبية. وتعد المناطق التي يغلب فيها عدد السكان العرب على غيرهم الأكثر طلباً على هذا المنتج، وبينها ما يقع في أميركا وفرنسا والسويد والدنمارك.
أما أحدث ما حققه لبنان في هذا المجال فهو حيازة إحدى محامصه المعروفة (كاستانيا) على ثقة الخارج بعد أن أدرجتها مجلة «فوربس» العالمية على لائحة أفضل 30 شركة لبنانية. كما اختارت المجلة المذكورة المدير التنفيذي لـ«كاستانيا» بيتر دانيال من بين رجال الأعمال اللبنانيين الخمسة والثلاثين الأكثر تأثيراً.
والمعروف أن هناك نحو 42 محمصة في لبنان تصنع المكسرات والفواكه المجففة. أما المشهورة منها، فلا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة كـ«الرفاعي» و«وحماصني» و«حواصلي». وتشهد هذه المحامص الموزعة على شمال لبنان (16 محمصة) ومنطقة جبل لبنان (14 محمصة) وبيروت (12 محمصة) منافسة قوية فيما بينها، جعلت بعضها يعتمد طرقاً جديدة في كيفية تحضيرها بعيداً عن الطريقة التقليدية التي كانت في الماضي تعتمد على الآلية اليدوية، فيما اليوم صارت تركن إلى ماكينات وآلات متطورة تستقدم من الخارج.
«نعد من المصانع القديمة في لبنان (تأسست في عام 1985)، وكنا أول من أطلق بيعها في أكياس (فاكيوم) لتحتل رفوف المحلات منذ نحو 18 عاماً»، يقول بيتر دانيال المدير التنفيذي لـ«كاستانيا» التي حصلت على التنويه العالمي. ويضيف في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا اليوم مصانع بزورات في العراق والأردن والسعودية ونخطط لتصدير منتجاتنا إلى كل بلدان أوروبا وأميركا دون حصرها في المناطق السكنية ذات الغالبية العربية». ويشير دانيال إلى أن لبنان يأتي في مقدمة البلدان العربية المعروفة بصناعتها المميزة للمكسرات. ويوضح: «لدينا طريقتنا في التحضير والتحميص بحيث لا نشبه بمذاقها أحداً غيرنا. كما أننا معروفون باختيارنا أجود أنواع البزورات الخام المستوردة من منشئها كالصين وتركيا وأميركا».
وتتجاوز أصناف مكونات البزورات اللبنانية 80 نوعاً. ويقول دانيال في هذا الإطار: «لدى (كاستانيا) 87 صنفاً من البزورات توزع على 4 خلطات معروفة بالأسواق لتجمع بين (المشكل العادي) و(القلوبات)، وليتفرع عنها ما يعرفه المستهلك بـ(إكسترا) و(سوبر إكسترا)، وقد نقوم بتقديم خلطات جديدة في المستقبل القريب». يذكر أن «كاستانيا» حازت من نحو 13 عاماً على شهادة الجودة العالمية «أيزو 22000» المطابقة للمعايير العالمية لسلامة الغذاء.
وتتصدر المكسرات اللبنانية لائحة الهدايا التي يحملها اللبناني معه إلى الخارج إلى جانب حلوى «البقلاوة»، فتوضب في أكياس خاصة تتحمل الحرارة ومسحوب منها مادة الأكسجين لتبقى طازجة لأطول مدة ممكنة.