أعاد الرئيس نبيه بري بإحيائه ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر هذا العام في بعلبك، وبساحة القسم تحديداً ، الحديث من جديد عن القسم الذي أطلقه الإمام الصدر منذ أكثر من 44 عام وتحديداً في آذار 1979 ومعه ما لا يقل عن مئة ألف مواطن .
هذا الحدث جعلني أبحث مرة جديدة عن ذلك " القسم " وسماعه بلكنة الإمام المميزة، حيث بمجرد سماعك له أو قراءتك إياه يمكن ببساطة أن تدخل من خلاله الى روح الامام وفكره وعقله وقلبه، ويمكنك ببساطة ان تلج الى اعماق هذا الرجل من خلال كلمات قليلة لتستشرف بعد ذلك جمال ما كان يحلم به .
فالقسم يشكل بكلماته عصارة ما يطمح اليه المقسم، تماما كقسم الشهيد جبران تويني مثلاً الذي كان يرى بأن الحفاظ على لبنان يجب أن يكون على عاتق المسلمين والمسيحيين، والوفاء لقسمهم يستوجب أن يحفظ كل فريق الفريق الآخر، فيختصر بذلك أبهى صور الوحدة الوطنية المرجوة .
إقرأ أيضا : موسى الصدر في ذكراه الأربعين
وحتى لا يبقى قسم الإمام أمر مجهول إرتأيت أن أذكره ها هنا راجياً من القارىء العزيز التأمل ملياً والتركيز العميق بمعانيه الرائعة :
" نحلف بالله العظيم أن نتابع مطالبتنا بحقوقنا المواطنية، وبحقوق جميع المحرومين دون تردد أو مساومة وأن لا نهدأ حتى لا يبقى محروم في لبنان أو منطقة محرومة، إننا اليوم نلتزم بهذا الميثاق الديني المرتبط بشرفنا الإنساني وبكرامتنا الوطنية، وسنحتفل به حتى تتحقق الأهداف، نقسم بجمال لبنان وجباله، بجنوبه وشرقه وشماله، بشمسه لدى الغروب، وبإشراقتها المطلة من الجبل، نقسم بأمجاد تاريخه، وبإعطاء إنسانه وبالحب الذي ضم به أبناءه، نقسم بدماء الشهداء، بدموع الأيتام، بأنين الأمهات، بآلام الجرحى، المكتومين، بقلق الطلاب والمثقفين، بذعر الأطفال في الحدود، وبعزم المرابطين والمجاهدين وبتضحياتهم، بليالي الخائفين، وبأيام البائسين، بالأفكار المهملة وبالكرامات المهدورة وبالجهود الضائعة، نقسم أن لا نوفر جهدا لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ومحاربة الطغيان والنضال على أعداء الوطن والمواطن، والله على ما نقول شهيد".
فلا يكفي أن هذا الإمام العظيم يحمل همّ " جميع المحرومين "، إلاّ أنّه جسّد بكلماته المختصرة أروع صور الوطنية والمواطنة التي نفتقدها هذه الأيام بعد أن أصبحنا ( عن سابق تصور وتصميم ) فِرق ومذاهب وأحزاب وكل حزب بما لديهم فرحون ....
يبقى أن أكثر ما استوقفني وحرّك نياط مشاعري هو أنه بعد أن يحلف بالله العظيم يطلب من الجماهير أن يقسموا " نقسم بجمال لبنان وجباله، بجنوبه وشرقه وشماله، بشمسه لدى الغروب، وبإشراقتها المطلة من الجبل " .
فعلاً إنه لقسم لو تعلمون جميل، ولكن بكل آسف أين هي حال جمال لبنان وجباله هذه الأيام ؟