ما تزال كل الأطراف اللبنانية عاجزة عن إيجاد ثغرة في الجدار السياسي الذي يرتفع يوما بعد يوم أمام تأليف الحكومة العتيدة، في وقت لا تبدو فيه الدول الاقليمية متحمسة لانجاز هذه التشكيلة في ظل الضبابية التي تخيم على وضع المنطقة ككل من سوريا الى العراق فإيران وصولا الى العقوبات الأميركية المنتظرة، ما يشير الى أن كل التحركات والاتصالات والزيارات واللقاءات والوعود بتقديم تشكيلات حكومية، هو بهدف إلهاء الناس وشراء الوقت الى حين أن يقضي الله أمرا كان مفعولا..
كل الأنظار إتجهت الى زائر بيت الوسط أمس الأول، علّ الرئيس سعد الحريري يخرج من لقائه مع الدكتور سمير جعجع بتوافق ما يساعد على المضي قدما نحو السير بالتأليف الجدي، لكن يبدو أن الأمور تزداد تعقيدا، خصوصا أن جعجع يعتبر أن العلاقة الجيدة مع الحريري شيء، والحكومة شيء آخر.
تشير المعلومات الى أن جعجع أبلغ الحريري تمسك القوات اللبنانية بطرحها لجهة حصولها على حقائب وزارية بحسب تمثيلها النيابي، وهي: خمسة وزراء في الحكومة من دون حقيبة سيادية ومن دون منصب نائب رئيس مجلس الوزراء، وأربعة وزراء في حال كان أحد المنصبين من حصة القوات مع حقائب أساسية من بينها التربية، وما دون ذلك لا تنازل ولا تفاوض، أو لا مشاركة وهذا يعني غضب أميركي وسعودي على الحريري والحكومة معا..
تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن الحريري قد يكون مستفيدا من إصرار جعجع على موقفه حيال حصة القوات في الحكومة، خصوصا أن تمسك الوزير جبران باسيل بحصوله على الثلث المعطل، (8 وزراء للتيار الوطني الحر إضافة الى 3 وزراء لرئيس الجمهورية) يشكل إحراجا كبيرا للرئيس المكلف الذي في حال أعطى باسيل ما أراد، يكون قد سلمه مفاتيح السراي الحكومي، وتخلى له عن مقاليد الحكومة التي يصبح مصيرها في يد باسيل، وهو أمر لا يمكن أن تقبل به الأطراف السياسية الأخرى.
وترى هذه المصادر أن موقف جعجع ربما يمنح الرئيس المكلف فرصا إضافية للتفاوض والمناورة لتجنب شرب هذا الكأس المرّ (الثلث المعطل لباسيل) خصوصا أن ذلك سينعكس سلبا على الحريري لا سيما في طائفته وفي الشارع السني الذي يطالب الحريري اليوم بأن يكون أكثر صلابة في الدفاع عن حضوره وصلاحياته والامساك بزمام الحكومة التي سيتولى رئاستها.
علما أن الحريري وفي ظل الضبابية التي تحيط بالموقف السعودي تجاه ما يقوم به على صعيد تشكيل الحكومة، يدرك بدون أدنى شك بأن وقوفه الى جانب جعجع والنائب السابق وليد جنبلاط في طرحهما الحكومي من شأنه أن يرضي المملكة التي تعتبر الرجلين من أبرز حلفائها في لبنان في الوقت الراهن.
وتقول هذه المصادر: إن العقد التي تحول دون تأليف الحكومة تتضاعف، وهي ربما تدفع الى مواجهة حقيقية بين الحريري وباسيل بدءا من حصة جعجع وصولا الى حصة جنبلاط (3 وزراء دروز) والتي يصر باسيل على خرقها بالنائب طلال أرسلان، فضلا عن الضغط المستجد من 8 آذار على الحريري بضرورة تمثيل سنة 8 آذار، ما يؤكد أن كل ما يحكى عن الحكومة حتى الآن، لا أساس له ولا يعدو محاولات لذر الرماد في عيون اللبنانيين.