ألقت تقارير الاستجواب الأمريكية التي رفعت عنها السرية مؤخراً الضوء على واحدة من أبرز الشخصيات السياسية الشيعية في العراق ودور إيران في تدريب وتسليح الميليشيات العراقية التي هاجمت القوات الأمريكية خلال حرب العراق.
يجرى استجواب قيس الخزعلي، زعيم مجموعة ميليشيا شيعية رئيسية تحاول اقتناص دور سياسي في العراق، منذ عقد من الزمن بعد أن قبض عليه الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة. اتهمه الائتلاف بتنظيم هجوم عام 2007 أدى إلى مقتل خمسة جنود أمريكيين.
تمّ رفع السرية عن التقارير وتمّت الموافقة عليها لإصدارها من قبل القيادة المركزية الأمريكية قبل أشهر كجزء من محاولة لدراسة تاريخ حرب العراق. على الرغم من عدم توزيعها رسميًا من قِبل الحكومة الأمريكية، إلّا أن صحيفة وول ستريت جورنال تمت مراجعتها. وقد تم نشر التقارير في واشنطن حيث كان المشرعون والمسؤولون في إدارة ترامب يناقشون ما إذا كانوا سيعينون السيد الخزعلي ومليشياته ككيانات إرهابية.
قراءة تقارير رفعت السرية من الاستجوابات
• زيارة أحد معسكر التدريب الإيراني
• اختطاف الخزعلي لجندي أمريكي، وتدريب إيرانيين
• يقر بمعرفة معلومات عن هجوم كربلاء
• الخزعلي يكشف أن إيران قدمت للصدر مليون دولار
• الاحتياطات الأمنية التي يتخذها الإيرانيون لإخفاء تدريبهم للميليشيات الشيعية العراقية
• كيف تقدم إيران المتفجرات المتشعبة إلى الميليشيات الشيعية
• كيف تقوم إيران بتهريب متفجرات متشعبة إلى داخل العراق
• واجهت الولايات المتحدة الخزعلي مع الأدلة في هجوم كربلاء ليعترف الخزعلي بأنّ ايران خططت للهجوم
ومن المرجح أن تؤدي التقارير إلى تعكير المشهد السياسي في بغداد، حيث يتنافس السيد الخزعلي على السلطة مع قادة سياسيين شيعة آخرين، بمن فيهم مقتدى الصدر، رجل الدين الشيعي الناري الذي جنت حركته مكاسب مثيرة للإعجاب في الانتخابات العراقية الأخيرة.
والشخصية السياسية في قلب الدراما هي السيد الخزعلي، زعيم عصائب أهل الحق، الميليشيا الشيعية التي فازت بـ 15 مقعدًا في الانتخابات البرلمانية العراقية في مايو. في الأشهر الأخيرة، أكد السيد الخزعلي علانية أنه ليس مدينًا لإيران. لكن تقارير الاستجواب تظهر أن السيد الخزعلي ناقش تفاعله مع إيران والدعم الذي تلقاه من طهران لدعم الميليشيات الشيعية العراقية خلال فترة مهاجمة القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها.
تتنافس إيران والولايات المتحدة على النفوذ في العراق. طوال الحرب في العراق، سعت إيران للتأثير على الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في العراق ، غالباً على حساب الأقلية السنية. كما قدمت إيران الأسلحة والتدريب للميليشيات الشيعية، كما يقول المسؤولون الأمريكيون ، لكي يتمكنوا من مهاجمة القوات الأمريكية والضغط عليهم لمغادرة البلاد. غادرت القوات الأمريكية في عام 2011 بعد فشل الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في التوصل إلى اتفاق يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء. ووفقاً لتقرير الاستجواب في 18 يونيو / حزيران 2007 ، قال الخزعلي إن الحرس الثوري الإسلامي الإيراني قام بتنفيذ التدريب في ثلاث قواعد قرب طهران، بما في ذلك قاعدة الإمام الخميني التي قال السيد الخزعلي إنه زارها. "هناك إيرانيون وحزب الله اللبناني يجرون التدريب في هذه القواعد" ، حسب التقرير ، بناء على الاستجواب. "إن الإيرانيين هم خبراء في حرب واسعة النطاق بينما اللبنانيون هم خبراء في حرب العصابات".
ولم يفرض الضباط الإيرانيون أية أهداف محددة يجب مهاجمتها في العراق، لكنّهم أشاروا إلى أن الميليشيات الشيعية العراقية تركز بعض هجماتها على القوات البريطانية "لفرض انسحاب" وزيادة الضغط على الولايات المتحدة للانسحاب أيضا، حسبما ذكر التقرير. وقال قاسم الدراجي، عضو المكتب السياسي للحزب، "يبدو أن الولايات المتحدة تقود حملة ضد عصائب أهل الحق وزعيمها الشيخ قيس الخزعلي لأنه رفض بشدة التدخل الأجنبي في الشؤون العراقية". كما ناقش الخزعلي كيف أن الإيرانيين قاموا بتزويد الميليشيات بقاذفات، وهي نوع مميت بشكل خاص من العبوات الناسفة التي قتلت أو أصابت مئات من الجنود الأمريكيين. وقال أحد المحتجزين: " إنّ أي شخص يمكن أن يحصل على التدريب وأنّ إيران لا تهتم بمن يحصل عليه" . ويقول المسؤولون إن أكثر أدوار السيد الخزعلي سوءًا، والدور الذي أدى إلى اعتقاله، كان مشاركته في مؤامرة لخطف القوات الأمريكية في مدينة كربلاء جنوب بغداد، والتي انتهت بمقتل خمسة جنود أمريكيين. كان هدف هجوم كربلاء، الذي قال للمحققين أنه خطط له من قبل إيران هو أخذ الرهائن الأمريكيين الذين سيتم من خلالهم عملية تبادل بين أتباع السيد الصدر المحتجزين من قبل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والرهائن، حسب قول الخزعلي. وقد تمّ تسليم الخزعلي إلى السلطات العراقية في أواخر عام 2009 بعد أن تعهد أعضاء ميليشياته بإلقاء أسلحتهم وأطلق سراحه بعد ذلك بوقت قصير. ولم يكن هناك ما يشير في التقارير إلى أن الخزعلي تعرض لاستجواب قاس أثناء احتجازه لدى الجيش الأمريكي، رغم أنه اشتكى من تعرضه للإجهاد.
وقال الخزعلي وهو يخضع لاستجواب إنه كان شاباً فقيراً، وفقاً لمحاضر الاستجواب، وشاب مثقف حصل على درجة البكالوريوس في الجيولوجيا قبل الذهاب لدراسة الدين. رغبته في خلط العلم واللاهوت حصل على موافقة محمد الصدر، أحد المفكرين الشيعة الأكثر احتراماً وأبا مقتدى الصدر. وقد قُتل الشيخ الصدر في عام 1999 في هجوم ألقى أتباعه باللوم على الرئيس العراقي صدام حسين. في الاستجواب المتكرر، ناقش الخزعلي سفره المكثف إلى إيران مع مقتدى الصدر، ثمّ فيما بعد بصفته مبعوثًا بحثًا عن المال والدعم السياسي . في وقت لاحق، خلال زيارة قام بها بمفرده إلى إيران عام 2005، أخبره المسؤولون الإيرانيون أن الصدر بحاجة إلى المشاركة في الانتخابات العراقية لضمان "سيطرت الشيعة الكاملة على البلاد والحكومة". كما أخبر الخزعلي أيضاً عن خلافه مع الصدر، الذي اشتكى منه في 6 يناير / كانون الثاني 2008 متهمًا إياه، "ليس له مبادئ ولا يعمل إلا لتحقيق مكاسب شخصية". وبعد أيام من تلك الرحلة، التقى بقاسم سليماني.
كما أخبر الخزعلي المحققين بأنّ عددًا من الشخصيات السياسية العراقية الأخرى كانوا متعاطفين مع إيران أو متأثرين بها، بما في ذلك جلال طالباني، الذي شغل منصب الرئيس العراقي وتوفي في عام 2017. وقد امتنعت الميليشيات المدعومة من إيران عن مهاجمة القوات الأمريكية منذ عودتها إلى العراق في عام 2014 لمساعدة القوات العراقية على قتال المتشددين من الدولة الإسلامية، وهي عدو مشترك لواشنطن وطهران.
لا تزال صِلات السيد الخزعلي الوثيقة مع إيران صدى لليوم بسبب عصائب أهل الحق، المنظمة الانفصالية التي شكلها وهي مصارعٌ قويٌ بينما يكافح العراق لتشكيل حكومة بعد الانتخابات، كان لديهم مقعد واحد من قبل، وكانوا يلعبون دوراً كبيراً لأنهم يملكون أسلحة. ويقول كيرك سويل، رئيس تحرير النشرة الإخبارية السياسية العراقية، إنّه" في حين أن هذه المقاعد الـ15 ليست مفيدة بالضرورة من تلقاء نفسها، فإنّ الخزعلي قد يندمج في ائتلاف أو يتفكك ليستمر" ... لقد حقق الصدر نجاحًا كبيرًا من خلال كونه معارضًا على مدار السنوات القليلة الماضية، ويمكن للخزعلي أن يكتسب القوة والشعبية بأسلوب مماثل.
ترجمة وفاء العريضي
بقلم مايكل ر. غوردون وبن كيسلينغ نقلًا عن وول ستريت جورنال