يتّفق المحافظون المتشددون بعيداً عن هويتهم الى درجة التقاطع احياناً، حتى ولو كانوا في عز المواجهة بينهما. من ذلك ان رئيس الولايات المتحدة الاميركية دونالد ترامب، ومرشد الثورة في الجمهورية الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي، وصلا الى اعلى درجات المواجهة التي لا يعرف احد الى اين ستصل وكيف ستنتهي، رغم ذلك فهما يتقاطعان في ردود فعلهما من معارضيهما...

الرئيس دونالد ترامب جال وصال خلال لقائه بمجموعة من القساوسة الإنجيليين الذين يُقال انهم لعبوا دوراً بارزاً وأساسياً في فوزه، وهو نفّذ لهم الكثير من مطالبهم وأهمها نقل السفارة الاميركية الى القدس. امام المساعدين والصحافيين تحدث بهدؤ ثم انتقل بعد انفراده بالقساوسة الى الاهم (وهو مسجل) فتحدث عن القضية الأساس بالنسبة له وهي الانتخابات النصفية التي يخشى خسارتها مما قد يؤدي الى محاكمته لاحقاً... فقال: "الانتخابات النصفية ليست مجرد استفتاء. انها استفتاء على حرية التعبيروالتعديل الاول (الضامن للحريات)... سيبدلون كل شيء فعلناه وسوف يفعلون ذلك بسرعة وبعنف...انهم أناس يتّسمون بالعنف". واضح ان ترامب يخاف من التغيير لانه سيطيح به وبكل ما هو محافظ ومتشدد...

المرشد آية الله خامنئي، ترك الباب مفتوحاً على مصراعيه بمساعدة ودعم الأخوين علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى وشقيقه رئيس القضاء صادق لاريجاني (الذي يقال ان ثروته تبلغ حوالي مئة مليون دولار) لكي يُسقط النواب من يرغبون من الوزراء وليضعوا آخرين تحت قوس المساءلة والقلق. وعندما كادت ان تصل "السكين" الى "رقبة" الرئيس حسن روحاني لتطيح به، رفع المرشد يده طالباً ترك روحاني سالماً "لان إسقاطه سيؤدي الى الفوضى"... واضح ان خامنئي أعرَف بكثير بقواعد الشد والجذب والحصار من ترامب، يساعده في ذلك طبيعة وتركيبة النظام وصلاحياته الواسعة. المرشد يريد بقاء روحاني أسيراً له حتى يكمل ترتيب خلافته بحيث يرثه "محافظ" مثله، وليبعد بذلك روحاني عن خلافته، خصوصاً وأن حظوظه تضاعفت بعد وفاة (او مقتل)هاشمي رفسنجاني. وقد أورد مجيد مكي من الإصلاحيين ان "العديد من المؤسسات، وفي الحرس الثوري وفي قم، يَرَوْن في روحاني الخليفة المناسب لخامنئي". وردا على هذا التطور اندفع منصور ارضي المنشد الخاص للمرشد في المناسبات نحو تهديد روحاني مباشرة فقال بوضوح: "سيلقى روحاني مصير رفسنجاني وسيموت غرقاً في المسبح"...

المرشد وهو يخوض معركة خلافته يقول للشعب الايراني ان مسؤولية الفوضى لا تقع عليه وإنما على الإصلاحيين والأميركيين. "انا اعمل جهدي لابعاد الفوضى"، علماً انه بهذا التهديد يكشف ضعفه ووقوف ايران على حافة الخطر وعدم قدرته وحده على ضبط التطورات...

السيد أبطحي القريب جداً من محمد خاتمي، الرئيس الأسبق والاقوى بين الإصلاحيين، وجّه لوماً لروحاني لإخفاقه في المواجهة مع المتشددين في المجلس والوقوع في الفخ الذي نصبوه له. وبدلاً من ان يضع النقاط على الحروف "ويكشف الحقائق التي تفضح دور المحافظين في الأزمة اكتفى بالدفاع"... روحاني أكد مرة اخرى خوفه على الوحدة الوطنية. باختصار لشدة تعلق روحاني بالاستقرار بدلاّ من الفوضى اختار وضع "السكين" على رقبته...

لا شك ان المواجهات ستتصاعد في واشنطن وفي طهران وضد بعضهما البعض طوال الفترة الممتدة حتى أواخر تشرين الثاني المقبل، حيث ستظهر وجهة مسار المواجهة سواء بتصفية حسابات بالوكالة او بالجلوس على طاولة المفاوضات مهما بلغ منسوب التمنّع .