علمت «الجمهورية» انّ الحريري لن يزور عون حاملاً اي مسودة تشكيلة وزارية، الّا بعد اجتماع سيعقده في اي وقت قبل نهاية الاسبوع مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل.
وقالت مصادر معنية في هذا السياق انّ اتفاق الحريري مع «القوات اللبنانية» على اعطائها 4 حقائب ليس بينها حقيبة سيادية او منصب نائب رئيس الحكومة لن يكون ناجزاً الّا إذا قبل به باسيل، علماً انّ الحريري لم يتفق بعد على نوعية الحقائب الاربع لـ«القوات» في انتظار لقائه وباسيل، اذ قد يكون للأخير موقف معارض، خصوصاً انّ ما يرشح في هذا الصدد من أوساط التيار لا يشجّع المعنيين على التفاؤل. واكدت المصادر انّ لقاء الحريري ـ باسيل متوقع خلال الساعات المقبلة، على ان ينعقد اللقاء بينه وبين عون غداً او بعد غد الاحد. ولفتت المصادر في هذا الصدد الى انّ الحريري كان قد شكّل حكومته الحالية التي تصرّف الاعمال في يوم أحد أواخر العام 2016.
لا جديد حكومياً
على أنّ الحراك الحكومي الجديد على خطوط عين التينة و«بيت الوسط»، وقصر بعبدا أوحى بوجود موجة تفاؤلية تلفح الاجواء السياسية. لكنّ مصادر واكبت الاتصالات خلال الساعات الاخيرة أكدت لــ«الجمهورية» ان «لا جديد استثنائياً حصل، وأنّ الامور ما تزال تدور في الحلقة نفسها، فلا عروض استثنائية قُدِّمت ولا تنازلات، والمبادرات تدور في حلقة مفرغة، وبالتالي فإنّ الوضع اذا بقي على حاله لن تكون هناك ولادة حكومية وشيكة».
وفي جديد المشاورات امس، لقاء في «بيت الوسط» بين الرئيس المكلف والنائب وائل ابو فاعور موفد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط. وعلمت «الجمهورية» انّ ابو فاعور ابلغ الى الحريري إصرار جنبلاط وتمسّكه الشديد بمطلبه تمثيل الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة بـ3 وزراء.
وفي الموازاة إلتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الوزير ملحم الرياشي موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وذلك في حضور الوزير علي حسن خليل الذي زار بدوره «بيت الوسط». وتردد انّ اللقاء تناول في جانب منه نتائج اللقاء الاخير بين الحريري وجعجع.
«القوات»
وفي هذا الوقت، أدرجت مصادر «القوات» لقاء الحريري ـ جعجع «في سياق اللقاءات شبه الدورية، في مرحلة تستدعي التشاور والتواصل وتبادل الافكار، في ظل حرص مشترك على تشكيل الحكومة في اقرب فرصة لأنّ البلاد لا تتحمّل مزيداً من التأخير». وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»: «من هذا المنطلق قدمت «القوات» أقصى ما يمكن من تسهيلات وتنازلات لولادة الحكومة العتيدة، ولكن هذا اقصى ما يمكن أن تقدمه نسبة الى حجمها النيابي والوطني».
واوضحت المصادر «انّ الحريري اطلع جعجع على حصيلة اتصالاته ولقاءاته، وكانت مناسبة شدّد فيها جعجع مجدداً على الحجم التمثيلي لـ«القوات»، مشيرة الى انهما «تبادلا الافكار الحكومية، خصوصاً انّ الحريري حمل معه وجهة نظر «القوات» اكثر من مرة الى رئيس الجمهورية، وهو مؤتَمن عليها و«القوات» تثق بجهده وبدوره وتدعمه وتؤيده على كل المستويات. ومن ضمن السقف الذي وضعته «القوات» لتمثيلها الوزاري، دار النقاش مع الحريري لكي يكون لديه هامش من الخيارات في موضوع الحقائب، متى حصل أي تقدّم على هذا المستوى، ولكن طبعاً من ضمن السقف الكمّي والنوعي التي تطالب به «القوات».
ولفتت المصادر الى «انّ الحديث تناول مواضيع وطنية، وتحدثت عن وجود تقاطع بين الطرفين «على رفض التطبيع وضرورة تأجيل هذا الملف الخلافي الى أمد غير منظور، لأنّ التسوية قامت على استبعاد الملفات الخلافية، والتأكيد ان لا مهلة امام الرئيس المكلف ينص عليها الدستور وضرورة استبعاد كل الملفات الخلافية التي تنقل البلاد من ازمة حكومية الى ازمة كيانية». وإذ اكدت المصادر نفسها حرص جعجع على العلاقة مع بري، قالت: «جاءت ترجمة هذا الحرص من خلال إيفاده الوزير ملحم الرياشي الى عين التينة لإطلاع رئيس المجلس على تفاصيل اجتماع «بيت الوسط» ودقائق تفاصيل المفاوضات الجارية، نظراً الى دوره الدافع والداعم والمسهّل للتأليف».
كنعان
وقال امين سر تكتل «لبنان القوي» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «إنّ موقف الرئيس ميشال عون حرّك مياه التأليف الراكدة على أساس معادلة داخلية جديدة تحمل في طيّاتها ملامح تسوية يشارك في إنتاجها الجميع، وخصوصاً الرئيس المكلف والرئيس بري، ونحرص كـ»تكتل» على إعطائها كل فرص النجاح. لذلك، أتوقع أن يستمر هذا الدفع للوصول الى ولادة حكومية قريبة تمهّد للبدء بالتحضير لمقاربة عاجلة للملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية الداهمة».
«الوفاء للمقاومة»
وفي المواقف المتصلة بالاستحقاق الحكومي، شددت «الوفاء للمقاومة» على «سلبيات المراوحة في تشكيل الحكومة وانعكاس الضرر من جرّاء ذلك على لبنان واللبنانيين، فضلاً عن تضييع الوقت وتغييب المعيار المحدد الذي على أساسه تتحقق المشاركة ويتوازن التمثيل». واكدت انّ الحريري «يدرك أنّ المراوحة والتأخير في تشكيل الحكومة حتى الآن سيضعان التأليف أمام تعقيدات جديدة ،خصوصاً اذا تبين انّ الاستنساب هو المعيار المعتمد».
«اللقاء الديموقراطي»
واعتبر «اللقاء الديموقراطي» انّ الأوضاع الداخلية والتطورات الإقليمية الخطيرة «تحتّم علينا تحصين وضعنا الداخلي من خلال اتخاذ الخطوات العاجلة والحاسمة لكسر الحلقة المفرغة في الملف الحكومي، والذهاب في اتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية وفق الأصول المعتمدة، بما يضمن احترام الصلاحيات، وتسهيل مهمّة الرئيس المكلّف وإزالة العقد والعراقيل الموضوعة أمام عملية التشكيل، والابتعاد عن بعض الاجتهادات القانونية والهرطقات الدستورية غير المجدية». وكرّر تمسّكه «بضرورة احترام الإرادة الشعبية التي تمّ التعبير عنها في الإنتخابات النيابية الأخيرة».
التمثيل السني
واعلن «اللقاء التشاوري» للنواب السنّة المستقلين انّ تيار «المستقبل» لا يحق له ان يحتكر التمثيل السني. ودعا الى تأليف «حكومة وحدة وطنية تُبنى وفق معايير محددة، وتأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات وتحديداً بالنسبة الى الطائفة السنية».
موقف جديد
الى ذلك لفت الانظار امس موقف أعلنته كتلة «الوفاء للمقاومة» التي تضم نواب «حزب الله» وحلفائه، ودعت فيه لبنان «الى الاستفادة من تطورات الأوضاع في المنطقة لمراجعة تموضعه الاستراتيجي، ولإعادة النظر في بعض علاقاته الاقليمية والدولية».
وإذ وجد البعض في هذا الموقف «تثبيتاً للبنان في المحور السوري ـ الايراني في الوقت الذي تشهد المنطقة تطورات وحشوداً عسكرية»، ذهب بعض آخر الى القول «انّ تعقيد تأليف الحكومة العتيدة سينسحب ايضاً على بيانها الوزاري لأنه انتقل من ثلاثية: «جيش وشعب ومقاومة» الى ثلاثية: «لبنان وسوريا وايران».
وسألت مصادر معارضة لـ«حزب الله»: «هل هذا بيان كتلة «الوفاء للمقاومة» او مشروع بيان وزاري للحكومة المقبلة؟ وقالت انّ هذا البيان «يؤكد أنّ «حزب الله»، الرافض سياسة «النأي بالنفس»، يراهن على أحداث المنطقة والإقليم، ويدعو صراحة الى عزل لبنان وتثبيته في المحور السوري ـ الايراني».
وحذّرت المصادر «من عواقب هذه السياسة، خصوصاً انّ وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان شدّد في الأمس القريب على سياسة «النأي بالنفس»، وتحييد لبنان عن محاور النزاع الدولية والاقليمية».
رسائل دولية
موقف «الوفاء للمقاومة» هذا سبقَته رسائل دولية شديدة اللهجة للبنان، فقد علمت «الجمهورية» انّ «الرسائل الدولية تكثفت منذ اسبوع الى اليوم، وكلها تؤكد ضرورة تأليف حكومة متوازنة، محذّرة من أنّ أي حكومة لا تنسجم مع التوازن السياسي في لبنان لن تلقى دعم المجتمع الدولي، كذلك لن تقبل اي دولة غربية بوجود قوة تعطيلية او ضامنة لـ«حزب الله» وحلفائه في الحكومة».
وفي هذا الاطار، علم انّ الرئيس السويسري الذي زار لبنان قبل ايام نصح المسؤولين اللبنانيين باعتماد الحياد، «لأنّ تركيبة المجتمع اللبناني شبيهة بالمجتمع السويسري، ومحيط لبنان اليوم شبيه بمحيط سويسرا سابقاً، ووضعية كهذه حلّها يكون باعتماد الحياد». وحرص الرئيس السويسري على الّا يتعدى هذا الامر «النصيحة الاخوية».
غراندي
على صعيد آخر، يصل الى بيروت في الساعات المقبلة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في إطار جولة في المنطقة بدأت الثلاثاء الماضي وشملت الأردن، حيث اطّلع على اوضاع النازحين في المخيمات ولاسيما منها مخيم الزعتري، والتقى اللجنة التي شكلت أخيراً وكُلِّفت الإشراف على إعادة النازحين بموجب المبادرة الروسية.
ومن عمّان انتقل غراندي الى دمشق حيث التقى المسؤولين في مكتب الموفد الأممي ستيفان دوميستورا، واطّلع من مسؤولي المفوضية في العاصمة السورية على الإجراءات التي اتخذوها في إطار المهمات الروتينية. كذلك استطلع الإجراءات السورية التي اتخذتها الحكومة السورية لتسهيل عودة النازحين بعد تشكيل اللجنة الخاصة بالنازحين السوريين في الشتات.
وفي المعلومات انّ غراندي سيبدأ زيارته لبيروت العاشرة والنصف قبل ظهر اليوم بلقاء رئيس الجمهورية، قبل ان يجول على بري والحريري والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومسؤولي المفوضية في بيروت للإطلاع على ما حققته الإتصالات في شأن برامج العودة، ونتائج اتصالات السفير الروسي الكسندر زاسبيكين بعد عودته الى بيروت، والحراك الذي يقوده لتشكيل اللجنة الخاصة بشأن اعادة النازحين.
ثوابت واضحة
وقالت مصادر أممية لـ«الجمهورية» انّ غراندي يحمل الى بيروت مواقف ثابتة، سبق للمفوضية أن عبّرت عنها في شأن برامج العودة والشروط التي ستواكب اي عملية «إعادة طوعية»، ولاسيما منها تلك المتعلقة بما هو متوافر في مناطقهم. وسيكون واضحاً في مواقفه التي سيتحدث عنها في لقاء إعلامي موسّع في ختام جولته على المسؤولين اللبنانيين، وربما انعقد مؤتمر صحافي مشترك بعد لقائه وزير الخارجية.