توقعت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن يؤدي تضارب المصالح في سوريا بين كل من روسيا وإيران إلى اشتعال معركة السيطرة على الأراضي السورية بين الدولتين في اليوم التالي لانتهاء الحرب، وإعلان انتصار رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقالت الصحيفة في تقرير للمحللين العسكريين عاموس هرئيل وأمير تيفون، نشرته، اليوم الأربعاء: "بالرغم من أن كلا الدولتين جزء من نفس نظام القوات المؤيد لنظام الأسد ولا تتواجهان بينهما مباشرة، إلا أنه يوجد تضارب مصالح معين بين روسيا وإيران".
واستطردت: "كل واحدة منهما تتطلع إلى عقد صفقات اقتصادية مستقبلية مع النظام لإعادة إعمار الدولة (والتي من شأنها جزئيا الاستناد إلى استغلال مواد النفط التي تبقت في سوريا) ولكليهما يوجد مصلحة في الحفاظ على وجود عسكري في سوريا".
وأوضحت"هآرتس"، أن معركة السيطرة بين روسيا وإيران بدأت في كواليس الاستعداد لليوم التالي لإعلان انتصار الأسد، قائلة: "التوتر بين الدولتين ظهر أمس عندما أرسلت روسيا أسطولا من عشر سفن على الأقل وغواصتين إلى شواطئ سوريا، بعد يوم من التوقيع على اتفاق أمني جديد بين إيران وسوريا".
وأضافت: "روسيا تحافظ على وجودها العسكري في سوريا من أجل ضمان انتصار الأسد، ولكن يوجد لها مصالح استراتيجية أخرى، وعلى رأسها الحفاظ على مخرج إلى البحر الأبيض بواسطة الميناء الذي تسيطر عليه في شواطئ مدينة طرطوس في شمال سوريا".
إقرأ أيضا : إسرائيل تهدّد مجدداً بمهاجمة أهداف إيرانية في سوريا
وأشارت الصحيفة إلى أن وسائل الإبحار الروسية مزودة بصواريخ كروز التي تستطيع المساعدة في الهجوم على المعارضة في إدلب، وأن تعزيز القوات البحرية الروسية الحالي يعد الأكثر كثافة منذ بداية الحرب في سوريا.
ولفتت "هآرتس" إلى أن إسرائيل الاتفاق الذي وقعه وزير الدفاع الإيراني خلال زيارته إلى سوريا مفاده من وجهة النظر الإسرائيلية: "نحن هنا من أجل أن نبقى".
وأضافت: "التحذيرات الإسرائيلية بخصوص الشأن الإيراني وجهت في السنة الأخيرة ضد تواجد رجال الحرس الثوري في سوريا وضد نشر أنظمة عسكرية إيرانية في سوريا. وإعادة تأهيل الجيش السوري، بعد سنوات من الحرب، لا تحتل مكانة متقدمة في جدول التهديدات التي تقلق إسرائيل".
وأكدت الصحيفة أن "الحرب في سوريا حسمت في صالح نظام الأسد، ولكن واقع اليوم الذي سيعقب ذلك ما زال آخذا في التشكل وهو مرتبط بصراعات قوى عديدة بين الأطراف المختلفة".
ورصدت إسرائيل، بحسب الصحيفة، خلافا داخل الحلف الوثيق بين النظام السوري وإيران، من بين مؤشراته: "مهاجمة قوات النظام مؤخرا لقوات إيرانية في بلدة أبو كمال، وهو ما يبدو انعكاسا لصراع داخلي على الهيمنة على المعبر البري الإيراني الممتد من إيران عبر العراق، وصولا إلى دمشق، ومنها إلى بيروت".
وحول دور الولايات المتحدة في إعادة إعمار سوريا قالت الصحيفة: "لا يوجد لإدارة ترامب في المرحلة الحالية سياسة واضحة بشأن إعادة إعمار سوريا باستثناء مبدأ واحد، هو إلقاء المسؤولية الكاملة بهذا الشأن على روسا ونظام الأسد".
وقال الخبير الأمريكي في السياسات الخارجية، ماط برودكسي لـ"هآرتس"، إن "إيران تحاول السيطرة على سوق الاتصالات في سوريا، والبنى التحتية لهذا القطاع، وخاصة في منطقة دمشق، وقد سبق أن تم توقيع اتفاق حول هذا الموضوع مع إيران العام الماضي، وهو قطاع لن يساعد إيران اقتصاديا فقط، بل أيضا من الناحية الاستخباراتية".
وأضاف: "سبق لإيران أن قامت بخطوة مماثلة في العراق، والآن هناك حديث عن محاولات إيران إقامة خط متواصل من القوات العسكرية يبدأ في العراق وينتهي في لبنان، وبالتالي فإن السيطرة على البنى التحتية للاتصالات تساعد في تحقيق هذا الهدف".
وتابع: "النظام السوري يخطط لتوزيع الأراضي الزراعية التي يملكها اللاجئون السوريون الذين هجروا من سوريا، على القوات الإيرانية، مع تخصيص مساحات من هذه الأراضي لإقامة مشاريع إسكان سيتم منح عطاءاتها لشركات ومتعهدين إيرانيين".
وأشارت الصحيفة إلى أن "شركات إيرانية حصلت على امتيازات السيطرة على مناجم الفوسفور، عدا عن نشاط اقتصادي لشركات إيرانية، إذ إن إيران لا ترى في سوريا ساحة قتال فحسب، وإنما ساحة للنشاط الاقتصادي الضروري لإيران في السنوات المقبلة".
ونقلت "هآرتس" عن الخبيرة الأمريكية أريان تبيتاي قولها إن "الإيرانيين لا يعتزمون مغادرة سوريا في السنوات المقبلة، لأنهم يعتزمون كسب مبالغ هائلة من عمليات إعادة الإعمار واستغلال مشاريع إعمار سورية لتحسين الوضع الاقتصادي الإيراني، خاصة أن القيادة الإيرانية تعتقد أن أوروبا ودول العالم لن تسمح بتحويل سوريا إلى نسخة جديدة من ليبيا، وبالتالي فإن هذه الدول ستنخرط أيضا في مشاريع إعمار سوريا حتى في ظل دور فاعل لإيران في هذا المضمار".