في هذه الاجواء يستعدّ الرئيس المكلف سعد الحريري لجولة مشاورات جديدة، وكشف أمس انه اتصل بعون أمس الاول، وقال: «اتفقنا أن أُجري اتصالات في شأن ملف تشكيل الحكومة، وأن أزوره خلال بضعة أيام»، لافتاً الى انه سيلتقي عدداً من الأفرقاء السياسيين، آملاً في «تبلور شيء» خلال يومين او ثلاثة.
واكدت مصادر وزارية قريبة من رئاسة الجمهورية لـ«الجمهورية» ان الحريري ابلغ الى عون انه سيجري في الأيام القليلة المقبلة إتصالات ولقاءات لبلورة ما هو مطروح من مشاريع مخارج تقصّر الطريق نحو توليد الحكومة، قبل ان يزوره. ورحّب رئيس الجمهورية باستعدادات الحريري، وتمنى له التوفيق مؤكداً انه ما زال في انتظار تشكيلته الحكومية في أقرب وقت».
تكتّم حول المخارج
وفي الوقت الذي لم يشر أي مصدر الى هذه المخارج، ما زالت اوساط «بيت الوسط» تتكتم على شكل ومضمون المقترحات الجديدة التي تحكم حراك الرئيس المكلف. وتحدثت هذه الاوساط لـ«الجمهورية» عن لقاءات متوقعة للحريري مع كل من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وممثل عن تيار «المردة»، وذلك قبل ان يزور رئيس الجمهورية.
وفي إطار ما تسبّبت به الفتاوى التي صدرت اخيراً حول طريقة التعاطي مع تعثر مهمة التكليف والتأليف، من ردّات فعل سلبية، التقى الحريري مساء امس الرئيسين السابقين للحكومة فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي، وتعذّر حضور الرئيس تمام سلام لوجوده في الخارج.
وقالت مصادر معنية انّ اللقاء شكّل استمراراً للقاء السابق بين رؤساء الحكومات السابقين والحريري، والذي خصّص في حينه للبحث في العقبات التي حالت دون إتمام مهمته في تشكيل الحكومة والمفاوضات الجارية وما انتهت اليه حتى اليوم. ولفتت الى انّ السنيورة وميقاتي أكدا استمرار دعمهما مهمة الحريري، مع تمّسكهما بما قال به الدستور لجهة دور رئيس الحكومة في التأليف الحكومي في اطار التعاون مع رئيس الجمهورية.
الحريري
وكان الحريري قد أوضح أنه يعرف تماماً ما هي صلاحياته كرئيس مكلف، وما ينصّ عليه الدستور في هذا المجال، وهو يتصرّف بناء على ذلك، «وإن كانت لدى أيّ فريق سياسي أي ملاحظات فليعلنها». وقال: «لا أحد يُحدّد لي مهلاً إلاّ الدستور اللبناني، وأنا لستُ معنياً بما يكتبه أي وزير يريد أن يقدّم شرحاً قانونياً بمفهومه، وإلّا فإننا سندخل في متاهة لن ننتهي منها». واضاف: «أنا الرئيس المكلّف وسأبقى مكلفاً، وأنا من يشكّل الحكومة بالتعاون مع فخامة الرئيس، ونقطة على السطر». واعتبر «انّ مسؤولية الإسراع في تشكيل الحكومة هي مسؤولية كل الأطراف لتفادي التدهور الاقتصادي في البلاد». وقال: «إن لم تتشكّل الحكومة قريباً، فإنني سأسمّي كل من يعرقل بالأسماء».
وعن كلام الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله حول التأليف والمحكمة الدولية، شدد الحريري على انّ موضوع تشكيل الحكومة «لا علاقة له بأي أمر، وهو موضوع حصص وأحزاب سياسية تريد حصصاً وحقائب أكثر، وتريد أن يكون لها حجم ما في مجلس الوزراء. أما بالنسبة الى المحكمة الدولية، فإنّ موقف «الحزب» منها واضح منذ زمن ولم يتغيّر. وبالتالي، فإنّ هذا الكلام ليس جديداً، وبالنسبة إلي أيضاً، فإنّ الجميع يعرف موقفي من المحكمة، فحتى حين ذهبت إلى لاهاي قلت من هناك إنّ ما يهمني هو أمن البلد واستقراره، لكن العدالة لا بد ستتحقق، ونقطة على السطر».
جنبلاط
في هذا الوقت، يتابع جنبلاط الاتصالات السياسية المتعلقة بملف التأليف الحكومي، وقد اندرجت زيارته لبري امس الاول في جانب منها في هذا الاطار. واكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ«الجمهورية» ان «الامور لا تزال على حالها مع تمسّك الحزب بحقه في التمثيل الدرزي الكامل».
«لبنان القوي»
الى ذلك شدّد رئيس تكتل «لبنان القوي» الوزير جبران باسيل على أنّ «حصة الرئيس الوزارية لا ترتبط بمرحلة معينة، ولا يجب العودة الى اخطاء استراتيجية ارتكبت منذ التوَصّل الى «إتفاق الطائف» بهدف تحقيق مكسب سياسي». وأمل في اعتماد «النفس الوطني» في تأليف الحكومة، لافتاً الى انّ «هذه العملية شأن داخلي».
«المستقبل»
من جهتها حذّرت كتلة «المستقبل» من «تنامي خطاب يتعارض مع مفاعيل التسوية التي أعادت الاعتبار الى دور المؤسسات الدستورية، ووضعت حداً لفراغ استمر لأكثر من عامين في موقع رئاسة الجمهورية». وشددت على أنّ التعاون بين عون والحريري «لم يكن نزهة سياسية تنتهي بانتهاء هذا الاستحقاق أو ذاك، بل هو كان وسيبقى في أساس مشروع حماية البلاد والتضامن على مواجهة التحديات الخارجية، والشروع في خطة النهوض الاقتصادي والانمائي، ومكافحة أسباب الهدر والفساد في مؤسسات الدولة». ودعت الى «الكف عن أساليب تخريب العلاقات الرئاسية»، مؤكدة «أهمية تحصين التسوية السياسية وكل ما ترتّب عليها من انفراجات».
التطبيع والنازحون
على صعيد آخر، شكّلت زيارة الرئيس السويسري الآن بيرسيه للصرح البطريركي في الديمان، في حضور ممثلين للطوائف الإسلامية والمسيحية، مناسبة لطرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أزمة النزوح. وقال في كلمته للمناسبة: «نحن جميعاً نتعاون مع المجتمع الدولي للوصول الى حل مشكلة النازحين السوريين والعراقيين والفلسطينيين، وعودة الجميع باحترام الى بلدانهم. وهذا الحق في العودة هو من الأولوية في عملنا اليومي، ويجب أن لا ترتبط عودتهم بالحلول السياسية والتي يمكن أن تستغرق سنين طويلة، وأن لا ترتبط بمصالح الكبار».
بدوره، قال بيرسيه: «هذه الزيارة لا تقتصر فقط على تمتين العلاقة بين لبنان وسويسرا، بل لنذكر أنّ لبنان ليس البلد الوحيد المعني بقضية النازحين واللاجئين. وكان اللقاء مع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب والمسؤولين تأكيداً على اهتمامنا بمساعدة لبنان وعدم تركه وحيداً. إنّ لبنان هو مركز عالمي للحضارات كلها والحوار بين الأديان والشعوب».
صيّاح
وأوضح النائب البطريركي العام المطران بولس صيّاح لـ«الجمهورية» أنّ زيارة الرئيس السويسري للديمان، وفي حضور ممثلين للطوائف الإسلامية والمسيحية، «حصلت بناء على طلب بيرسيه الذي أبدى ارتياحه الى التجربة اللبنانية من حيث تعايش الأديان والمذاهب، وأبدى فرحته باجتماع العائلة اللبنانية بمختلف أطيافها وقدرتها على الحوار، كذلك شجّع الجميع على الاستمرار بالحوار في ما بينهم، خصوصاً انّ التجربة اللبنانية تتفوّق على التجربة السويسريّة من حيث التعايش بين المذاهب والأديان».
الحريري وشويغو
وفي حين أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أنّ السلطات السورية ستكون جاهزة لعودة مليون لاجئ بعد أعمال إعادة الإعمار التي تدعمها موسكو، أوضح الحريري انه نَسّق مع وزير الخارجية جبران باسيل قبل سفره الى روسيا وبعده، كذلك يتم التنسيق مع الروس في ملف النازحين.
وقال: «كلنا نريد عودة النازحين ولكن بإرادتهم وبمساعدات دولية، والنقاش في هذا الامر لا يتم بفتح حوار مع النظام، ولم نقفل ابواباً على سوريا وفتحنا أبوابنا للاجئين ومن هم مع النظام كانوا يسافرون من مطاراتنا، ومؤسف ما يحصل من الطرف الآخر».
المشنوق
من جهته شدّد وزير الداخلية نهاد المشنوق على انّ فتح المعابر مع سوريا يجب ان لا يكون مرتبطاً بالشروط، وقال: «إنّ القاعدة التي تربّينا عليها هي أن لا شروط بين الشعبين اللبناني والسوري، لجهة الكلام عن شروط لفتح هذا المعبر أو ذاك بين لبنان وسوريا». وأضاف: «لا يجوز أن يصبح فتح معبر وحيد جزءاً من تفاوض سياسي، ولا أعتقد أنّ الوقت مناسب لذلك، لأنّ الدنيا أخذ وعطاء».
كهرباء زحلة
وفي وقت يستمرّ الإشتباك «القواتي» - العوني حول الحكومة، لم تحلّ بعد مشكلة كهرباء زحلة، والتي أسفرت عن فتح اشتباك بين نواب تكتلي «الجمهورية القوية» و«لبنان القوي». وفي السياق أكد النائب جورج عقيص لـ«الجمهورية» أنّ «المعركة حول كهرباء زحلة ليست معركة قواتية - عونية، خصوصاً انّ نائب «حزب الله» في زحلة أعلن عدم رضاه عن إدخال المنطقة في المجهول وإعادة العتمة إليها». وأشار عقيص الى «أننا ننتظر خطة الوزير سيزار أبي خليل لنبني على الشيء مقتضاه، لأننا سنتصدّى لمحاولة إعادة العتمة الى زحلة»، لافتاً الى أنه «إذا كانت أمور كهرباء لبنان «ستمشي» عندما تصل الى زحلة، فنرحّب بذلك». وأوضح أن «هناك تناقضاً كبيراً بين حديث الوزير أبي خليل والنائب العوني سليم عون، فأبي خليل قال إنّ هناك خطة لتأمين الكهرباء لزحلة بكلفة أقل بخمسين في المئة من كلفة «كهرباء زحلة»، في حين أنّ عون قال لإحدى المحطات التلفزيونية «إننا لم نطّلع على الخطة بعد، فلا تحكموا عليها قبل انطلاقتها»، لذلك نؤكّد أن لا ثقة نتيجة هذا التضارب و«التخبيص» الموجود».