الكلام عن اقتراح روسي بشأن إدخال لواء من الشرطة العسكرية الروسية مسافة 20 كيلومتراً ضمن الحدود اللبنانية، لتأمين معبر للاجئين السوريين للعودة إلى سوريا بموجب الخطة الروسية، لم يكن وليد ساعته. الجديد فيه هو دخوله في سياق البازار الروسي الأميركي، وخلال المفاوضات التي عقدت بين مستشاري الأمن القومي في البلدين. الفكرة موجودة في خلفية التفكير الروسي منذ فترة، واستناداً إلى التكتيكات الروسية، فهي تظهر من جملة عوامل، كان آخرها انتشار الشرطة العسكرية الروسية في محيط القصير.
لم يكن الجواب الأميركي واضحاً ولا إيجابياً بشكل كامل حيال هذا الطرح الروسي، بل اقتصر الجواب على اعتبار أن الخطة الروسية لم تصل إلى أي تقدّم بعد، ومسألة عودة اللاجئين ستكون مرتبطة بخطة سياسية وسياق إعادة الإعمار. وهذا يحتاج إلى دعم سياسي ومالي دولي. وهنا، حاول الروس اللعب على وتر آخر مع الأميركيين، هو أن وجودهم في تلك المناطق سيكون لمصلحة الرؤية الأميركية، بشأن إخراج إيران وحلفائها من تلك المناطق، والضغط عل طهران، بالإضافة إلى تعزيز أمن إسرائيل كاستمرارية للتوافق الدولي الذي حصل في الجنوب السوري.
بحسب المقترح الروسي، فإن موسكو تستند إلى قدرة لديها لإقناع اللبنانيين بهذه الخطوة، بشكل لا يكون خرقاً للسيادة اللبنانية، ويأتي هذا الاستناد بعد نصائح روسية عدة للقادة اللبنانيين بوجوب التنسيق مع النظام السوري. وما يقال عن اتصال الرئيس ميشال عون برئيس النظام السوري بشار الأسد كان عبارة عن تجاوب مع نصيحة روسية. ولا شك أن موسكو تطمح إلى مزيد لبنانياً، في ضوء الإنجازات التي تحرزها في سوريا. وهي تتعاطى مع لبنان وكأنه ملحق بسوريا.
تعتبر موسكو، استناداً إلى علاقاتها الإيجابية مع مختلف القوى، أنها قادرة على التدخل لإيجاد حلول للعديد من الملفّات العالقة، خصوصاً بين لبنان وإسرائيل، ومنها ملف مزارع شبعا وترسيم الحدود البرية والبحرية، ربطاً بملفات النفط والغاز مستقبلاً. وهذا سيقدم الطرف الروسي كطرف راعٍ للعب أدوار تفاوضية قادرة على الوصول إلى حلول تطبيعية.
ولكن، ثمة سؤالاً يطرح نفسه عما سيفعله حزب الله وإيران إذا ما كان المسار الروسي سيتقدم لبنانياً؟ تجيب المصادر بأنه من المبكر الإجابة عن ذلك قبل بلورة صورة الوضع السياسي في سوريا، ووضع النظام وكيفية تثبيته وتشاركيته في الحكم، ولكن ذلك يعطي نوعاً من المؤشرات بشأن الاغراءات الروسية المقدمة إلى الأميركيين والإسرائيليين ودول الخليج في آن، بما يتصل بالموضوع اللبناني، وبموضوع حزب الله وإيران بشكل خاص.
في الأثناء، يجري الحديث عن نشر قوات طوارئ دولية على الحدود اللبنانية السورية، لضمان تطبيق القرار 1701 وتوسيع نطاق عمله إلى الحدود اللبنانية السورية. وهذا المسار سيعمل الروس على تكريسه، استناداً إلى الانتصارات التي حققوها في سوريا، والضمانات التي قدّموها للمجتمع الدولية. وهم يرتكزون على اعتبارهم حاجة دولية وإقليمية، وحاجة إسرائيلية بالتحديد، لجهة ضمان أمن إسرائيل من الجنوب السوري. وهذه قد تسحب من الإيرانيين بعض الأوراق.
والآن، هناك نوع من التمايز بين الروس والإيرانيين، ففيما يُطلب من الإيرانيين الانسحاب من الجنوب السوري، يُجيب الإيرانيّون بأن وجودهم يقتصر على الخبراء. وفيما يطرح الروس إنسحاب كل القوى الأجنبية من سوريا بمعزل عن رأي بشتر الأسد، يجيب الإيرانيّون بأن وجودهم بالاتفاق مع النظام والأسد. ووسط ذلك، ثمة كلام روسي يربط بين خروج إيران من سوريا ووقف العقوبات على موسكو.