أكد النائب العميد أنطوان بانو انّ إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن مهلة الأول من أيلول لتشكيل الحكومة، "ليس نابعاً من التخويف أو التهديد، بل من حرصه ونيّته على دفع الأطراف لوضع حدّ للمراوحة الحاصلة بالملف الحكومي، إدراكاً منه بضرورة حسم الملف في ظلّ الاستحقاقات المحليّة الراهنة"، معتبرا أن "مهلة التأليف لا يمكن أن تبقى مفتوحة لأنّ الوقت يداهمنا، والبلاد بحاجة ماسة إلى حكومة استثنائية قادرة على المساهمة في الخروج من هذا النفق المُظلم".
وعبّر بانو في حديث لـ"النشرة" عن أسفه لكون "الاستحقاق الحكومي لا يزال عالقاً ولعدم وجود نيّة جديّة لكسر حلقة العقد التي هي بمعظمها داخليّة، لأنّ بعض القوى السياسية لا ترغب في احترام الأحجام التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت على أساس القانون النسبي، فتستمرّ في المطالبة بسقوف عالية". وقال: "إنّ العقد الداخلية، وإن كانت صعبة، إلا أنها ليست مستحيلة، ويمكن حلّها إذا ترفّعت بعض الأطراف عن المصالح الشخصية خدمةً للمصلحة الوطنية. وليس سرّاً أنّ العقد خارجية أيضاً موجودة لأنّ بعض القوى الإقليمية تحاول لعب شدّ الحبال وتضييق الخناق على العهد بهدف تطويقه".
وأشار بانو الى أن "ثمة مصلحة لبعض الجهات في إثارة ملف العلاقات اللبنانية السوريّة في هذه المرحلة الراهنة، في محاولة لوضع العصي في الدواليب وعرقلة الولادة الحكومية. ولذلك، شعرنا مؤخراً أنّ ملفّي الحكومة والتطبيع مع سوريا مترابطين، مع أنني لا أرى مصلحة أو ضرورة أو أي سبب لتلازمهما". وأضاف: "في موضوع العلاقات اللبنانية-السوريّة، لا بدّ من التذكير بأنّ العلاقات الدبلوماسية قائمة أصلاً، واللجنة الأمنيّة الثنائيّة ناشطة، والتنسيق جار على قدم وساق في إطار التنسيق لعودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، فالعلاقات طبيعية وقنوات الاتصال مفتوحة مع الحكومة السورية".
وردا على سؤال عن العلاقة مع "القوات اللبنانية"، قال بانو: "نحن لا نكنّ إلا كل المودّة والاحترام للقوّات، إلا أننا عبّرنا، بعد المقابلة التلفزيونية لرئيسها الدكتور سمير جعجع، عن بعض المخاوف التي ساورتنا حيال تصريحاته، فكيف له أن يربط بين الخيارات والتحالفات السياسية التي جرت في الانتخابات النيابية الأخيرة، وبين موقع رئاسة الجمهورية الدستوري وصلاحياته، إذ لا يُعقل إلغاء حصة رئيس الجمهورية المستقلّة والانقلاب على المسلّمات التي تعزّز موقع رئاسة الجمهورية"، معتبرا أنه "يكفي ما نزعه اتفاق الطائف من صلاحيّات الرئاسة الأولى". واضاف: "نتمنّى على القوات اللبنانية أن تدعم عهد الرئيس دعماً حقيقياً بالقول والفعل".
وشدّد بانو على "الأهميّة البالغة" للمبادرة الروسية لإعادة النازحين، باعتبار أن "النزوح السوري أرهق كاهل الدولة والشعب اللبناني، ولبنان لم يعُد قادراً على تحمّل هذا الوزر الثقيل الذي كلّفه خسائر فادحة في جسمه الاقتصادي". وقال: "جبّارة هي الجهود التي بذلها مؤخراً وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في موسكو لتفعيل هذه الخطة في دعم كامل منه للمبادرة الروسية لتأمين عودة آمنة وكريمة وتدريجية للنازحين. إلا أننا نخشى أن تكون بعض الدول مصرّة على ربط عودتهم بتحقيق تسوية سياسية في سوريا، مما قد يشكّل ورقة ضغط سياسية على لبنان والدول الأخرى المُضيفة". وأكد أن "لبنان لا يمكنه انتظار الحلّ السياسي في سوريا لأنّ أزمة النزوح عندنا دقّ لها ناقوس الخطر، وبالتالي لن نقبل أن نكون رهينةً للتدخلات الخارجية في أي ملف كان".
وتناول بانو الوضعين المالي والاقتصادي، فاعتبر أنه "لا يُخفى على أحد في لبنان أنّ أكثرية اللبنانيين تعيش تحت خط الفقر، وأنّ الغالبية الساحقة ترزح تحت ضائقة مالية شديدة، فالبطالة متفاقمة، وفرص العمل غير متوفرة، والقدرة الشرائية للناس شبه معدومة. إلا أنّ الوضع المالي لا يزال حتى الساعة ممسوكاً ولا أعتقد أنّه ثمة خوف على الليرة". وأضاف: "لكن هذا لا يعني التغاضي عن حقائق مالية مُخيفة في لبنان إذ انّ بلدنا يحتلّ المرتبة الثالثة على مستوى الدين بعد اليابان واليونان في ظلّ ظاهرة تنامي الدين العام البالغ 85 مليار دولار، أي حوالي 150% من إجمالي الناتج المحلي وسط توقّعات للخبراء بأن يبلغ 158% بحلول نهاية السنة، ناهيك عن نسبة النمو للعام التي قُدّرت بـ2%".