هل يكون أيلول حاسماً بالنسبة لتشكيل الحكومة أم أنه سيكون بالصدام السياسي مبلول؟
نحو أسبوع تفصل عن بداية أيلول ، الموعد حدّده رئيس الجمهورية لإعلان موقف حازم من مسألة التأخير في تشكيل الحكومة، وعن أنّ مهلة التأليف ليست مفتوحة. وعلى قاعدة أنه ليس لأحد أن يأخذ البلاد رهينة ، يتحضر الرئيس ميشال عون للإعلان عن خطوات سيبادر اليها في بداية ايلول. واذا كان رئيس الجمهورية يتحدث عن "عامل خارجي" يعطل تشكيل الحكومة لتعطيل العهد، يفضّل عدم الحديث عن الخيارات البديلة تاركاً الامور الى ايلول حيث ستوضع النقاط على الحروف بحسب مصادر مقربة. وعليه فإن الجميع ينتظر ما سيقوله الرئيس الذي يرمي الكرة في ملعب الرئيس المكلف.
فماذا يمكن أن يقوله رئيس الجمهورية بعد أول أيلول؟ وما هو مدى تأثيره على مجريات التأليف ؟ هل سيتصرف على أنه طرف وليس حكماً بين الأطراف؟
إقرأ أيضا : أبو سفيان دخل الإسلام وحسُن إسلامُه..والرئيس عون دخل تيار الممانعة وحسُنت مُمانعتُه
كما أن الدستور الذي يفرض أن يكون لرئيس الجمهورية رأيه في التشكيلة الوزارية، لا يقيد الرئيس المكلف بسقف زمني لتشكيل الحكومة، وعليه لا توجد خيارات بديلة عند الرئيس سوى إنتظار الرئيس المكلف. وبناءاً على الواقع السياسي المأزوم، فإن المؤشرات تدل على ان الاشتباك السياسي ينذر بالتصعيد، بإنتظار خلط للاوراق من جديد. ثلاثة أشهر على تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف حكومة ما بعد الإنتخابات وقت قصير في اللعبة الديمقراطية اللبنانية. لكن خمس سنوات بلا انتخابات نيابية، مدّد خلالها المجلس النيابي لنفسه بلا حرج. وسنتان ونصف بلا انتخاب رئيس للجمهورية، حيث ابتكروا للفراغ تعبيراً ملطّفاً هو الشغور الرئاسي. ثلاثة أشهر زادت فيها حدّة الأزمات على الناس وتكاثرت الأخطار على لبنان والتحدّيات أمامه، وبدأت نافذة الفرصة المفتوحة تضيق. ثلاثة أشهر شهد خلالها الصراع الجيوسياسي في الشرق الأوسط وعليه تطورات دراماتيكية. قمة هلسنكي بين الرئيسين ترامب و بوتين اصطدمت الإتفاقات فيها بالدولة العميقة في أميركا والحسابات الإقليمية المعقدة في المنطقة، بحيث فشل اللقاء في جنيف بين مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون وسكرتير مجلس الأمن القومي الروسي ألكسندر باتروشيف. المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين ينقصها التمويل قبل التعثّر أمام الجدار الأميركي والأوروبي والرفض لأية مشاركة في التمويل وإعادة الإعمار من دون التسوية السياسية. العراق الخارج من إنتخابات نيابية يواجه في تأليف الحكومة الشدّ الأميركي والايراني في اتجاهين متعاكسين. وحرب اليمن تستنزف الجميع في نفق لا ضوء في نهايته. ولسنا خارج التأثر بذلك على الرغم من سياسة النأي بالنفس. ولا في منأى عن مفاخرة أطراف لبنانية بالتأثير في الأحداث والتطورات، ثم التلويح بالإستعداد لتوظيف الأرباح الخارجية في اللعبة الداخلية.
والظاهر ان النأي بالنفس دخل مرحلة تتطلب التأويل وإعادة التفسير، سواء جرى التمسك به أو إخراجه من القاموس في تأليف الحكومة. والظاهر أيضاً أن أم العقد التي كانت مخفية تحت سطح العقد المعلنة، جرى دفعها الى مقدمة المسرح ، وهي السياسة الإقليمية للحكومة والمحور الذي يُراد أخذ لبنان إليه. والمفارقة ان المطروح في البازار الأميركي الروسي هو إخراج إيران من سوريا والمطروح في البازار الحكومي هو تعزيز النفوذ الإيراني في لبنان.
وهكذا ، هل سيكون شهر أيلول حاسماً ؟ وغداً لناظره قريب .