وفي هذا الاطار لوحظ أنّ فريق الرئيس ميشال عون عاد الى خطاب تحديد المهل والتحذير من قطب مخفية تُعطّل عمل الرئيس سعد الحريري الذي تضع اوساط «التيار الوطني الحر» علامات استفهام كثيرة حول أدائه وتمهّله وتماهيه مع شروط النائب وليد جنبلاط و»القوات اللبنانية».
وتوجز أوساط التيار هذه الملاحظات بالآتي:
- أولاً، ارتكب الحريري، في نظر «التيار»، أخطاء لا يمكن تجاوزها وتجاهلها، ففي الموضوع السوري، تعتبر الأوساط «أنّ رئيسَ حكومة مكلّفاً لا يملك الصلاحيات ولا يملك الغالبية النيابية لكي يقرّر ما إذا كان لبنان سيعيد علاقته بسوريا أم لا». وتشير الى «انّ هذا القرار يُتّخذ في مجلس الوزراء بالاكثرية، ولا يحق للرئيس المكلّف استباق الحكومة واستباق رئيس الجمهورية، خلافاً لمصلحة لبنان الاقتصادية، كذلك لا يحق له القول إن لا حكومة اذا ما حصل التطبيع مع النظام السوري.
- ثانياً، في موضوع عودة النازحين السوريين تأخذ اوساط التيار على الحريري ايضاً «استباقه» زيارة الوزير جبران باسيل لروسيا وتكليفه مستشاره جورج شعبان القيام بمبادرة مع الروس، وتشير الى «انّ هذا الاستباق هو ايضاً «فاول» سياسي. وتكشف انّ نتائج اجتماع باسيل بوزير الخارجية الروسي «صبّت في خانة عودة العلاقات مع سوريا خلافاً لما أراده الحريري، فالروس لن يحلّوا في هذا الملفّ مكان النظام الذي هو صاحب الشأن الأول والأخير في موضوع عودة النازحين.
- ثالثاً، تأخذ اوساط «التيار» على الحريري موقفه المتضامن مع المملكة العربية السعودية في أزمتها مع كندا، وهذا الموقف ايضاً لا يلزم لبنان ويرتّب اكلافاً سياسية عليه، ولم يكن يجدر بالحريري التفرّد به لأنه يصدر حصراً عن مجلس الوزراء، لا عن رئيس مكلّف بتأليف الحكومة.
- رابعاً، تقول اوساط «التيار» إنه اذا كان أحد يعتقد أنّ استقبال السيد حسن نصرالله للوفد الحوثي يشكل ضغطاً على الرئيس ميشال عون فهو مخطئ، فـ«حزب الله» لم يستقبل الوفد سرّاً وهي ليست المرة الاولى التي يدعم فيها الحوثيين وهذا شأنه، وفي المقابل فإنّ السعودية التي تشكّل المرجعية الإقليمية للحريري وحلفائه، تستقبل قيادات لبنانية ويزور مسؤولون فيها لبنان، وما يصحّ هنا يصحّ هناك، وليس بهذا الأسلوب يمكن الضغط على عون.
- خامساً، تبدي أوساط «التيار» توجّسَها من كل ما يحوط بحركة الحريري «الذي يهدر الوقت داخل وخارج لبنان»، وتشير الى «أنّ الاسباب الخارجية لعرقلة التأليف باتت واضحة، وعلى الحريري حسم امره، لأنّ ترك البلد بلا حكومة ليس في مصلحة أحد، وتضيف «أنّ علامات استفهام كبيرة باتت تقف خلف العقدة الحكومية تتخطّى النزاع على الأحجام الى النقاش في صلب عمل الحكومة المقبلة وتوازناتها، خلافاً للنتائج التي افرزتها الانتخابات النيابية، فهناك قوى تريد تأليف الحكومة بما لا يتفق مع هذه النتائج والمعايير.
إلامَ يؤشر موقف «التيار» من الحريري وعُقد التأليف؟
الواضح انّ النزاع على الاحجام بات الوجه الآخر لمعالم المرحلة المقبلة، فالكلام الذي قاله السيد نصرالله عن انتصار محور ايران واضح في ترجماته اللبنانية، التي تبدأ من تأليف الحكومة، وهذه الترجمات ستجعل من مهمة الحريري مهمّةً شبهَ مستحيلة، لتعذّر تلبيته شروط التأليف، التي تبدأ من محاولة فرض استعادة العلاقات مع النظام السوري ولا تنتهي بخرق «النأي بالنفس» الذي يمارسه «حزب الله» في كل الملفات، وخصوصاً في الملف اليمني.