قرأتُ بين عينيه قرآناً، وسمعتُ من جنبيه نداء القلب، عندما أهداني كتابه "خطاب القلب".. فكتب العلامة هاني فحص:(...اعذروني وأنا أعذركم، فلطالما تحملتم عني وتحملتموني وحملتم مني، بذلتم لي صدور بيوتكم،فأحدثت فجوة في الجدار الخلفي ولم أعد أدخل إلا ليلاً صحبة العقارب والجرذان، ورؤوس موائدكم فقلبت المائدة على رؤوسكم، وأعواد منابركم فحولتها إلى عِصِيٍّ من كلام عَصِيٍّ وجلدتكم، ومقدمة مسيرتكم فأضأت اشارة اليسار فذهبت يميناً، وأوتار حناجركم فآثرت العزف منفرداً..وأسرار أسركم فحولتها إلى تقارير أمنية، وصليتم على النبي وآل النبي كُرمى لعينيَّ، فأغمضت عينيَّ لأعيد النظر في الحديث الشريف:"لا نبي بعدي" لماذا لا نبي بعدي ؟ وأنا ماذا ينقصني لأكون نبياً ؟.. كنت إذا ما افتقرت استغنيتم وآثرتموني ببعض جنى العمر، فإذا ما افتقرتم بعتكم لأول مشتر، فإذا لم يشتركم مني أحد، بعت نفسي على حسابكم، ومنيتكم بالجنة، لأن أكثر أهل الجنة من البلهاء... ولكن من فينا الأبله؟ النهر أم غثاء السيل؟ السلحفاة أم الأرنب؟ كل الذين استهبلوكم بلهاء، كل الذين يستهبلوكم أو سوف يستهبلوكم بلهاء... بلهاء بدون جنة.....)
ربما أخذتني الجدران إلى خيالات غير مرئية وظلال كثيفة الأشباح..وأجمل ما في الطبيعة أنها أنثى،فاشتهيتها منذ طفولةٍ باردة، وانتظرتها كل يومٍ، وفي الأحلام المقيمة في نجوم النوم، عبثاً أحاول أن أجد نفسي الضالة والضائعة وسط أطياف ومرايا..وعبثاً أنتظر فراغاً بفارغ الصبر، أنا لا تأتيني تلك المرسومة بأنامل الألوان، ولا تهتم بي تلك الخارجة من عظام الأموات، لأني بائس ويائس وليس عندي ما يفري ويغري.. مسكين على أبواب النساء، يرى ولا يُرى، يُشاهدهنَّ وهنَّ يُملِّعن قمصان الأنبياء والأغنياء، ولا يقربن من حُفر الفقراء! لماذا لا أنعم مثلهم بالجواري والملكيات، رغم أن وجهي مثل وجه يوسف، تشرق منه الشموس وتسبحُ فيه الأفلاك، واسمي يوسف أيضاً، ولكن إخوتي لم يسروني بضاعة مزجاة، ولم يسجدوا لي كما فعلوا بعد أن باعوه بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودات، ولونوا بأحقادهم الدفينة قميص الخيانة، ولم تراودني عن نفسها، ولو راودتني إمرأة لما تركتها تقد قميصي من دبر، ولأطعمت شغفها، وأشبعت جوعها، ولما تركتها تئن من فقرٍ وحاجة.. لا أعرف لماذا لا يأسر وجهي نساء العالم؟ لماذا لا يكترثون للجمال، ويكترثون لأشياء أخرى، ولا يقطعن أيديهن من أجل وجهي، بسكاكين الرهبة والرغبة، أجمل نساء العالم يتأبطن أذرعة رجالٍ لا وجوه لهم، وجوههم لا تضحك حتى لرغيف الخبز الساخن، ولله في خلقه شؤون...