مما لا شك فيه بأن قضية النازحين السوريين تثير اهتمام كل المكوّنات اللبنانية لما لها من تأثير سلبي على الوضع العام، اقتصادياً واجتماعياً وحتى ديمغرافيا مما يوجب على السلطة السياسية العمل مع المجتمع الدولي لعودة هؤلاء اللاجئين إلى بلادهم طوعياً وهذا ما تفعله هذه السلطة حالياً، وما الزيارة التي قام بها الرئيس سعد الحريري مؤخراً إلى روسيا واسفرت عن مبادرة روسية لحل هذه القضية وفق الآلية التي رسمتها الأمم المتحدة، وكلف رئيس الحكومة أحد معاونيه لمتابعة الأمر مع المسؤولين الروس، وصولاً إلى تشكيل لجنة مشتركة تتولى معالجة عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، ولكن ان تتحوّل هذه القضية إلى هدف عند بعض القوى السياسية الداخلية لإعادة الوصاية السورية التي خرجت بقوة ثورة شعبية عارمة كما فعل وزير الخارجية جبران باسيل خلال زيارته إلى موسكو فذلك أمر غير مقبول، ويجب ان يكون موضع رفض من كل القوى السياسية في البلاد، فضلاً عن رفض المجتمع الدولي.
فبدلاً من ان يكون هدف زيارة الوزير باسيل إلى موسكو بعد زيارة رئيس حكومته، متابعة ما تمّ الاتفاق عليه، تبين من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال كان هدفه تحريض القيادة الروسية التي تضع يدها على سوريا، لإعادة وصاية النظام السوري على هذا البلد، وقد تجلى هذا الأمر بكل وضوح في دعوة رئيس الدبلوماسية الروسية الحكومة اللبنانية إلى التنسيق مع هذا النظام كشرط أساسي لا بدّ منه لكي تتابع القيادة الروسية العمل في المبادرة التي أطلقتها لحل أزمة النزوح السوري في لبنان.
الا يذكر هذا الأمر اللبنانيين بالوصاية السورية وببلدة عنجر البقاعية حيث كانت ترسم السياسة اللبنانية وتنفذ هناك، وحيث كان العديد من القيادات اللبنانية يتقاطر إلى هناك لتلقي التعليمات من المسؤول السوري المقيم في هذه المنطقة من لبنان. الوزير باسيل لم يذهب إلى موسكو بعد زيارة رئيس حكومته لاستكمال البحث، فيما تمّ الاتفاق عليه في هذه الزيارة عملاً باتفاق الطائف الذي حصر برئيس الحكومة وحده متابعة السياسة الخارجية التي يرسمها مجلس الوزراء، بل ذهب إلى هناك لغرض تحريض القيادة الروسية على التدخل في شؤون لبنان الداخلية وفرض وصايتها على هذا البلد بصورة مباشرة أو عبر النظام السوري المدعوم منها بصورة غير مباشرة، وبذلك يكون وزير خارجية حكومة تصريف الأعمال قد كشف الغطاء عن الجانب الذي كان يخفيه من سياسة المماطلة ووضع العصي في طريق تأليف الحكومة، وهل ثمة من لا يزال يشك في ذلك بعد دعوة وزير خارجية روسيا حكومة لبنان إلى التنسيق مع النظام السوري الذي لا يزال قائماً بسبب الاحتلال العسكري الروسي لهذه الدولة الشقيقة.