إيران وتركيا وعملتاهما الليرة والتومان تعيشان اضطرابا نوعيا بفعل العقوبات التي فرضها الرئيس دونالد ترامب عليهما.
ان العملة الإيرانية فقدت 50 في المائة من قيمتها منذ اربعة أشهر واستقرت عند 10 آلاف مقابل دولار واحد في السوق السوداء.
وبالرغم من ارتفاع أسعار العملة الصعبة أمام العملة الإيرانية في السوق السوداء الا ان البنك المركزي الإيراني خصص المليارات من الدولار لواردات السلع الأجنبية بأسعار مدعومة لا تتجاوز 4400 تومانا لدولار واحد اي اقل من نصف الأسعار في السوق السوداء. كما خصص لكل مسافر إلى الخارج 1400 دولارا بنفس السعر ما شجع المواطن الإيراني الى السفر خارج البلاد للحصول على أموال تتجاوز نفقات سفره.
وخلال تلك الشهور الثلاثة الأخيرة شهدت إيران تزايدا في سفرات المواطنين الى الخارج بحيث كان من الصعب جدا الحصول على كرسي شاغر في جميع الرحلات.
اقرأ ايضا : كيف تُداوي إيران إدمان ترامب على العقوبات؟
وحصلت المؤسسات السياحية على فوائد هائلة جراء تطبيق تلك الخطة التي يمكن التعبير عنها بالعرض الخاص للعملة الإيرانية.
ثم استدرك البنك المركزي الإيراني وألغى حصص المسافرين وحتى الطلاب الذين يدرسون في الخارج.
ولم يكترث المواطنون الى دعوات بعض المسؤولين الحكوميين ومنهم مساعد الرئيس ورئيس منظمة التخطيط والميزانية بإخراج دولاراتهم من تحت الوسادة وبيعها في السوق. وكان الرئيس روحاني أذكى وأنبه بصمته وعدم دعوته المواطنين ببيع دولاراتهم المدخرة. ربما لأنه يعرف أن هكذا دعوة تجعله عرضة للسخرية أكثر مما تفيد البلاد.
هذا ما حصل في إيران فماذا حصل في تركيا وماذا سيحصل؟ هل الشعب التركي يختلف عن الشعب الإيراني في التعامل مع الحكومة؟ هل الشعب التركي أكثر وطنية من الشعب الإيراني؟
لو ننظر الى وسائل الإعلام التركية ونثق بما تنشرها من صور الازدحام في محلات الصرافة بعد خسارة الليرة 50 في المائة من قيمتها مقارنة مع اسعارها في شهر مارس الماضي، نستنتج بأن الأتراك اكثر وطنية وتضحية مقارنة مع الإيرانيين.
ولكن ما تؤكد عليه مصادر مطلعة من داخل تركيا ينافي ذلك. وبالرغم من أن العملة التركية شهدت تحسنا خلال يومين ماضيين استقرت عند 6.323 مقابل دولار واحد إلا ان السبب في ذلك لا يعود إلى الله كما تحدث عنه الرئيس اردوغان وإنما يعود الى وعد امير قطر باستثمار 15 مليار دولارا في تركيا وإعلانه عن وقوف دولة قطر بجانب تركيا مقابل العقوبات الأميركية.
ويبدو أن المنشّط القطري ستنتهي مفعوله خلال أسابيع بعد تنفيذ المرحلة القادمة من عقوبات ترامب على تركيا.
ويقول خبير اقتصادي ان شراء الذهب في تركيا ازداد الى ضعفين خلال أيام والطلب له يتزايد يوميا.
ان الاقتصاد التركي عملاق جدا ويعجز المنشط القطري من تحسين أوضاعه بحال تشديد العقوبات الأميركية. ويمكن القول إن العملة التركية سوف تشهد انهيارا ربما يفوق انهيار نظيرتها الإيرانية اذا لم يتراجع ترامب عن خطته في فرض المزيد من العقوبات.
ان الأتراك ليس لهم إلها آخر يختلف عن إله الإيرانيين ولا وطنية أعمق من وطنية الإيرانيين.
ان عدد السكان في كل من إيران وتركيا واحد ويكفي أن يتجه 20 في المائة من المواطنين إلى استبدال العملة الصعبة بالعملة الوطنية حتى ترتفع أسعار العملة الصعبة.
ان القوانين الاقتصادية في جميع البلدان تعطي نفس النتائج والحديث عن اختلاف الشعوب في هذا المجال ليس إلا مجرد أوهام.