قد يكون من المشروع، مع اقتراب الشهر الثالث من تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، طرح السؤال: هل هناك مَن يفخّخ هذا التكليف؟ ولمَ وكيف، ووفقاً لأية مصالح وحسابات؟
ثم إذا كانت الحكومة، ستؤلف حكماً، فلمَ عرقلة التأليف، ومن الجهة أو الجهات العاملة على هذا الخط؟
هذه الأسئلة فرضت نفسها على جدول الاهتمام للاعتبارات التالية:
1- عدم تحقيق أية زحزحة عن الخيارات المعلنة، منذ الأيام الأولى للاستشارات. الأخطر من ذلك «المباهاة» بأن أي تراجع لم يحصل لا لدى التيار الوطني الحر، وهو التكتل الأكبر نيابياً، ولا لدى خصومه، سواء «القوات اللبنانية» أو الحزب التقدمي الاشتراكي، أو حتى حلفائه في أحزاب 8 آذار.
2- إقحام نقاط خلافية في صميم عملية التأليف، من باب فتح الباب امام نقاش، من شأنه ان يعرقل، ليس إلا، التأليف، وهو المتعلق تارة بالنازحين السوريين، أو فتح معبر نصيب، أو حتى تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس بشار الأسد..
3- العودة إلى طرح مسألة التشريع، وعقد الجلسات التشريعية، لإنقاذ مؤتمر «سيدر» وهذا ملف خلافي، كما هو معروف..
4- اللعب على حافة الهاوية الاقتصادية، بضخ معلومات عن وضع اقتصادي سيئ، يكاد يلامس الانهيار! على الرغم من تأكيدات معاكسة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
على ان الأخطر، التلويح بالشارع، على الرغم من معارضة مختلف القوى والمراجع الرسمية والأمنية لمثل هذا الخيار المدمّر، ليس للتسوية وحسب، بل للاستقرار أيضاً.
تطويق التشنج في الشارع
وليل أمس، نجحت الاتصالات العاجلة التي جرت بين القيادات السياسية والحزبية والأمنية من احتواء الموقف المتشنج، الذي خرج إلى الشارع، بعد أقل من 24 ساعة، مما تفوّه به سالم زهران (مدير مركز الارتكاس الاعلامي) بحق الرئيس سعد الحريري، وموقفه الرافض لتطبيع العلاقات مع النظام السوري الحالي، والذي جاء خلال برنامج تلفزيوني «بموضوعية» على شاشة محطة M.T.V ليل أمس الأوّل.
وأشار بيان صدر عن الأمانة العامة «لتيار المستقبل» إلى ان «مجموعات من الشبان في بيروت والمناطق أقدمت على اقفال طرقات واشعال اطارات استنكاراً لكلام نابٍ تلفظ به اعلامي على إحدى الشاشات».
وإذ أكّد المستقبل «رفضه استخدام الشارع، دعا المناصرين إلى الامتناع عن مثل هذه الأعمال، لأن الاعتراض يتناول شخصاً ينطق بصفاته وصفات مدرسته السياسية، ولا يستحق إحراق عجلة واحدة في احياء العاصمة والمناطق».
على ان مصادر سياسية متابعة لأجواء الاحتقان الداخلي، على خلفية تضمين البيان الوزاري موقفاً للتطبيع مع النظام السوري، حذّرت من مخاطر التفلت، لأن نقل المشكلة إلى الشارع، لن يساهم في حلحلة عقد التأليف، ولا يسرع هذه العملية، بل على العكس، يُهدّد بتشتيت الجهود، وإيجاد عقبات يكون من الصعب تجاوزها..
والمتفق عليه، لدى مختلف الأوساط المواكبة لعملية التأليف ان «اللي ضرب ضرب» فلا إمكانية لحكومة قبل عيد الأضحى، وحتى بعده مباشرة.. فالبلاد دخلت العطلة، قبل أربعة أيام من أيام العيد الثلاثة الثلاثاء والاربعاء والخميس، مع سفر عدد من النواب والوزراء والمسؤولين إلى الخارج لتمضية العطلة هناك..
تبرير التأخير
ومع الترقب والانتظار، علَّ الاتصالات والمشاورات تسفر عن شيء إيجابي «تتناسل» العقد لدرجة يختلط معها المحلي والإقليمي، بعد ان دخل الرئيس نبيه برّي على الخط، معتبراً رفض الرئيس الحريري «تضمين البيان الوزاري مطلب عودة العلاقات مع النظام السوري» بأن كلام غير واقعي ولا يفيد، مثنياً على ما جاء في خطاب الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله الأخير..
وأكدت اوساط سياسية مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» انه من غير المستبعد ان يكون الهدف من ورإء اثارة موضوع العلاقات اللبنانية _ السورية تبرير التأخير في تشكيل الحكومة او صرف النظر او التصويب على مكان اخر.
ولفتت الى انه لا يمكن ايقاف تشكيل الحكومة كي تحدد سلفا المواضيع الواجب معالجتها لان ربط التأليف بملف ما قد يدفع الى المطالبة بإثارة ملف اخرى على مثال حزب الله وسلاحه. ومن هنا دعت الاوساط المطلعة الى قيام الحكومة الجديدة بالإنصراف الى بحث كل المواضيع مذكرة بأن جميع الاطراف معنية بها في وقت لاحق بعد اتمام عملية التأليف وليس قبلها.
وافادت ان موضوع العلاقة مع سوريا تحدده الحكومة والبيان الوزاري.
إلى ذلك، نفت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية اي كلام عن مهلة للتكليف وقالت ل اللواء ان الدستور لم يحدد مهلة وبالتالي لا حديث ابدا في هذا الموضوع.
وفي السياق، توقف مصدر دبلوماسي عند المشاورات الجارية في موسكو، سواء في الشق السوري، وما يحضر لإدلب، أو الملفات الإقليمية المفتوحة، في ضوء الأزمة الأميركية - التركية، وما يحضر للبنان، سواء في ما خص الملف الحكومي أو دور لبنان، وعلاقاته في المرحلة المقبلة.
على ان اللافت، وسط الأجواء الضبابية القائمة المحيطة بالملف الحكومي، ما اشارت إليه محطة «المنار» في نشرتها المسائية أمس، نقلاً عمّا وصفته بـ«مرجع متابع» من ان الرئيس الحريري «لا يملك خياراً الا خيار تشكيل الحكومة، وإلا فإن الخيارات السياسية والدستورية تصبح متاحة لإنقاذ لبنان من عجزه»، أي كما يفهم من السياق من عجز الرئيس المكلف عن التأليف.
وهذا الموقف، يثير أكثر من علامة استفهام، لا سيما وأنه يأتي عشية الاطلالة الثانية، هذا الشهر للسيد نصر الله، من الهرمل، الأحد المقبل، على الارجح، حيث سيتناول لمناسبة تحرير الجرود، الوضع الحكومي أيضاً..
محاكمة الحريري الفصل الأخير
وكان الملفت للاهتمام ما اشارت إليه «المستقبل» من ان الشهر المقبل سيشهد محطة مهمة على طريق العدالة «في محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، إذ من المقرّر ان تستمع المحكمة في النصف الأوّل من أيلول إلى مطالعة الادعاء والدفاع الأخيرة، قبل ان يلفظ قضاة المحكمة الحكم.
وقالت مصادر مطلعة ان الأدلة التي سيقدمها الادعاء في الفترة بين 3 و10 أيلول، وهي قوية، ومن الصعب دحضها، لكن المصادر استدركت ان الأمور تخطت الحكم الذي سيصدر..
وكان الرئيس الحريري استقبل في «بيت الوسط» مساء الاربعاء ، رئيس كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط يرافقه النائب وائل ابو فاعور. وتناول اللقاء الوضع السياسي العام ولاسيما في ما يتعلق بتأليف الحكومة الجديدة.
وغرد النائب جنبلاط، عبر حسابه على «تويتر»، عن اللقاء مساء في «بيت الوسط»، قائلا: «لقاء إيجابي مع دولة الرئيس (المكلف تأليف الحكومة سعد) الحريري تداولنا خلاله في أبرز الملفات المهمة وعلى رأسها تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، وضمان صحة التمثيل عبر اعتماد معيار ثابت هو نتائج الانتخابات».
وكشفت مصادر نيابية، في اللقاء الديمقراطي، ان الرئيس الحريري مؤيد لموقفنا بأن نتمثل بثلاث حقائب، عبر اعتماد معيار ثابت هو نتائج الانتخابات.
«القوات» خطأ الإيحاء بالتخلي عن السيادية
ورفض مصدر قريب من التيار الوطني الحر استمرار تمسك الفريق الجنبلاطي بالحصة الدرزية كاملة، في إشارة إلى نهج قديم، عندما كانت الوصاية السورية، تضع تشريعاً خاصاً لجنبلاط في قوانين الانتخابات..
وجدّد المصدر القول ان القوات لم تعد متمسكة بوزارة سيادية والمهم نوعية الوزارات التي ستكون من حصتها، وعددها أربعة.
لكن مصادر وزارية وزارية قواتية قالت لـ«اللواء» رداً على سؤال عن تخلي «القوات» عن مطلب الوزارة السيادية بأنه «خطأ».