إستغربت مصادر وزارية قريبة من رئاسة الجمهورية، عبر «الجمهورية»، الربط الذي أحدثه الحريري بين مساعي التأليف ومعبر «نصيب»، ولفتت الى «انّ هذا الربط فاجأ الجميع»، معتبرة انها محاولة لم تنته قراءتها بعد لاستكشاف مراميها وأهدافها. واشارت الى ان افتعال هذا الربط سيؤدي حتماً الى تعقيد مساعي التأليف، فمن طرح هذا الموضوع ومن أدرجه على جدول اعمال المفاوضات والإتصالات الجارية لتأليف الحكومة الجديدة؟ وهل المقصود التغطية على عُقد أخرى قد تكون حديثة بغية تجميد مساعي التأليف؟


ولفتت المصادر الى ان هذا الموضوع ليس أوانه على الإطلاق ويمكن مقاربته بعد تأليف الحكومة، ولدى البحث في مضمون البيان الوزاري الذي سيتضمن العناوين والقضايا السياسية الوطنية ومستقبل العلاقة اللبنانية ـ السورية ومضمونها، كسائر العناوين التي تم التفاهم عليها في البيان الوزاري لـ«حكومة استعادة الثقة» التي تصرّف الأعمال حالياً، ويمكن اضافة كثير من العناوين الخلافية التي تمّ البت بها واعتبرها البعض في حينه عملية «ربط نزاع» كالحديث عن السلاح غير الشرعي وسلاح المقاومة والإستراتيجية الدفاعية وموضوع «النأي بالنفس» عن أزمات العالم العربي وفي المنطقة».

 

وقالت: «اليوم هو أوان التشكيل، قبل الحديث عن ملفات سياسية إقليمية ومحلية ودولية، والى ان يحين زمن البحث فيها سيتّفق اللبنانيون على المخارج، فاللغة العربية مليئة بالتعابير التي يمكن ان تشكّل مخارج في حال حصول إشكال حول اي عنوان عند صوغ البيان الوزاري، وقد سبق للبنانيين ان وفّروا مثل هذه المخارج لشكل العلاقات مع سوريا في الحكومات التي تعاقبت منذ نشوء الازمة السورية، وليس هناك من جديد يمكن طرحه تحت هذا العنوان الكبير.

«القوات»

داخلياً، ومع الفشل في تأليف الحكومة، استمر الانقسام الداخلي حول مسألة اعادة العلاقات السياسية بين لبنان وسوريا. وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «إحياء العلاقات اللبنانية - السورية هو افتعال مقصود من بعض القوى السياسية بغية إعادة ربط لبنان بسوريا ربطاً بحاجة النظام السوري إلى دور إقليمي يستعيد عبره شرعيته المفقودة داخل سوريا وخارجها»، واستغربت «هذا الاستعجال في تطبيع العلاقات قبل ان تكون الحرب قد انتهت ونشأ نظام جديد يحظى بمشروعية سورية وعربية ودولية».


ووضعت المصادر موقف الحريري «في إطار الرسالة التحذيرية من انّ الإمعان والإصرار على التطبيع سيقود حُكماً إلى عدم تأليف الحكومة أو شلّ الحكومة متى تألّفت، لأنّ هذا الموضوع من المواضيع الخلافية التي تمّ الاتفاق على استبعادها عن النقاش، وأي محاولة لإدخالها في صلب النقاش السياسي ستقود إلى إحياء الانقسام العمودي وليس إحياء العلاقات بين لبنان وسوريا». ودعت المصادر «إلى سحب هذا الموضوع من التداول إلّا في حال وجود توجّه لإحياء الانقسام السياسي»، وقالت: «يخطئ من يعتقد أنّ في إمكانه إمرار التطبيع، ومن يعتقد خلاف ذلك ما عليه سوى المحاولة وسيتحمّل أمام الشعب اللبناني مسؤولية الإطاحة بالانتظام المؤسساتي والاستقرار السياسي والنأي بالنفس، ورسالة الحريري هي على طريقة «أعذر من أنذر»، لأنّ هناك من يحاول تهريب التطبيع، الأمر الذي لن يتحقق».

«الاشتراكي»

وبدورها، أكدت مصادر «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ«الجمهورية»: «انّ محاولات التسلل المتكررة التي تقوم بها جهات رسمية او غير رسمية في لبنان لتطبيع العلاقات مع النظام السوري وإعادة إحياء حقبات قديمة مضى عليها الزمن ودفع اللبنانيون في سبيل التخلص منها الاثمان الباهظة، من شأنها أن تضع مزيداً من العراقيل امام عملية تأليف الحكومة. وواضح انّ مسألة العلاقات اللبنانية ـ السورية ليست محل إجماع وتفاهم وطني، هناك عدد من القوى التي تعترض عليها وفي مقدمها الرئيس المكلف سعد الحريري. وبالتالي، إعادة الانتظام للقنوات الرسمية في العلاقة المشتركة بين أي بلدين لا يمكن ان تتمّ من دون قبول رئيس الحكومة، فكم بالحري بالنسبة الى بلد مثل لبنان حيث القضايا الكبرى تتطلب تفاهماً وطنياً وإجماعاً داخلياً ليست ظروفه متوافرة حتى الآن. وبالتالي، ندعو الى عدم التسرّع في هذا الامر لأنه يَمسّ بتضحيات شريحة كبيرة من اللبنانيين، واذا كانت الظروف الاقليمية او الدولية توحي بأنّ نظام الاسد سيبقى في موقعه، فهذا لن يمحو ما قام به في خلال السنوات الماضية من قتل وتدمير وتهجير الملايين من أبنائه داخل سوريا وخارجها».

«حزب الله»

في المقابل، قالت اوساط قريبة من «حزب الله» لـ«الجمهورية» إن نصرالله «لم يشترط حتى الآن تفعيل العلاقة مع سوريا أو إدراج هذا المطلب في البيان الوزاري، لتسهيل ولادة الحكومة الجديدة، على رغم انّ في إمكانه ان يفعل ذلك، من موقع الشريك في انتصارات الميدان السوري والحليف لدمشق، ولكن كل ما طلبه الحزب مع حركة «أمل» هو تمثيلهما بـ6 وزراء انسجاماً مع التوازنات اللبنانية المرهفة، إضافة الى مراعاة بعض الحلفاء مثل تيار «المردة» والمجموعة السنّية المستقلّة عن تيار «المستقبل».


وعن استعداد الحريري لعدم تأليف الحكومة إذا أصرّ البعض على التطبيع مع النظام السوري، اعتبرت الاوساط «أنّ هذا الموقف يندرج في إطار افتعال ذريعة جديدة لتبرير الاخفاق المستمر في التأليف». ورأت «انّ من مصلحة الحريري وحلفائه تأليف الحكومة أمس قبل اليوم، واليوم قبل الغد، لأنّ ما يمكنهم تحصيله الآن قد يصبح متعذّراً لاحقاً»، مشيرة الى «انّ التطورات المتلاحقة من الجنوب السوري الى الحُدَيدة في اليمن تُبيّن بوضوح انّ موازين القوى لا تسمح بمزيد من الرهانات الخاطئة والعبثية». 

ملف النازحين

في الموازاة، ظل ملف عودة النازحين السوريين الى بلادهم متصدّراً الاهتمامات المحلية والدولية، في وقت برز موقف اميركي معارض عَبّر عنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي أكد بعد لقاء مع المبعوث الدولي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، دعم واشنطن لعودة اللاجئين إلى سوريا «عندما تكون الأجواء آمنة ومضمونة»، وقال: «إنّ أي حديث عن إعادة إعمار سوريا سابق لأوانه في ظل غياب حل سياسي يؤدي إلى إصلاح دستوري وانتخابات حرة وعادلة».


في هذا الوقت، أعلنت وزارة الخارجية الروسية أنّ الممثل الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف استقبل أمس (امس الأول) في موسكو الممثل الشخصي للرئيس المكلف سعد الحريري جورج شعبان، واستمع منه الى «تطورات الأوضاع في لبنان والجهود المبذولة لتأليف حكومة جديدة، كذلك جرت مناقشة الأوضاع في سوريا والعمل الجاري لتأمين الظروف المناسبة لعودة النازحين السوريين الموجودين على أراضي الجمهورية اللبنانية».

الإستقرار والـ1701

في الموازاة، يستمر الاهتمام الدولي بالاستقرار اللبناني. وفي هذا السياق، ذكر الناطق باسم قوات حفظ السلام الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفيل) اندريا تيننتي انّ «رئيس بعثة «اليونيفيل» وقائدها العام المعيّن أخيراً اللواء ستيفانو ديل كول، موجود حالياً في نيويورك، حيث التقى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والمسؤولين الكبار في الأمم المتحدة. وخلال الإحاطات التعريفية التي يجريها هناك، بادرَ مقر الأمم المتحدة أيضاً الى تنظيم سلسلة اجتماعات تمهيدية منفصلة له مع ممثلي البعثات الدائمة للبنان وإسرائيل لدى الأمم المتحدة، وذلك للاستماع إلى وجهة نظرهم في شأن قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 الذي يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق».

20 ألف حاج

من جهة ثانية، إستكملت سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان أمس إعطاء التأشيرات للحجّاج اللبنانيين، وقد بلغ عددها في موسم الحج الحالي 20 ألف تأشيرة. وكان مسك الختام لهذه التأشيرات أنّ السفارة، وبحسب معلومات لـ«الجمهورية»، أنجزت في الساعات الـ48 الماضية 4600 تأشيرة، هي من الحصة المخصصة للرئيس المكلف سعد الحريري. وقد مدّدت السلطات السعودية فتح الأجواء أمام الحجّاج اللبنانيين الى الأحد المقبل، لتمكينهم جميعاً من الوصول الى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج.