صحيح أن الرئيس المكلّف سعد الحريري أكّد أن الأوضاع الإقليمية لا تؤخّر تشكيل الحكومة إنما "الفشل الداخلي"، إلا أنه كان واضحاً جداً بتوجيه رسالة إلى البعض الذي ربما يحاول ربط التأليف بالتطورات السورية محاولاً تمرير الحكومة من طريق دمشق. وقد يكون تصريح الحريري هو الأول منذ تكليفه، حيث حسمها بأنه يرفض إعادة العلاقات اللبنانية السورية وأن أي ربط لإعادة هذه العلاقات من بوابة معبر نصيب فهذا يعني أن الحكومة لن تتشكل. فمواقف الحريري لا تأتي من فراغ، فمحاولات البعض تبدو واضحة للضغط بالورقة السورية من جديد في الداخل اللبناني وللاستثمار بالتحولات السورية لبنانياً. إلا أن الرئيس الحريري ليس وحيداً في هذه المواجهة، فموقف العديد من القوى السياسية حاسماً أيضاً لجهة رفض التطبيع مع حكومة النظام السوري، وفي مقدمها الحزب التقدمي الإشتراكي والقوات اللبنانية، فطريق السراي لا يمكن أن يمر من دمشق وحتماً زمن الوصاية السورية وتشكيل الحكومات في دمشق قد إنتهى إلى غير رجعة.
إقرأ أيضا : بانوراما لبنان الجديد : حلفاء النظام السوري في لبنان يتهجمون على الحريري
فموقف الحريري هذا يشكل البوصلة الاساسية لعملية التأليف التي يحاول البعض تحويلها بالاتجاه الذي يريد، إلا أن تواضع هذا البعض قد يكون طريقا أسهل لاطلاق عجلة العهد إذا كان فعلاً حريصاً على ذلك.ومقابل تراجع الحديث عن إمكان تشكيل الحكومة، عادت أزمة النازحين السوريين إلى الواجهة من جديد، وسُجِّلت حركة مشاورات بين لبنان والأمم المتّحدة على وقع تجدّد الاشتباك مع وزارة الخارجيّة عشيّة سفر الوزير جبران باسيل إلى موسكو الأحد المقبل، تزامناً مع تراجع حديث الروس عن مبادرتهم، وحماس سوري مفاجىء لاستقبال النازحين. فإلى ماذا يقود هذا الخليط من المواقف؟ وفي الوقت الذي رصدت فيه الدبلوماسية الروسية تراجع حجم التجاوب الدولي والأوروبي خصوصاً مع مبادرتها، ربطت موسكو هذه التطورات مع الإهمال الأميركي للمبادرة، وعدم إعطاء أيّ جواب على مقترحاتها العملية أو المشاركة في كلفتها الباهظة. وان لم تقل واشنطن كلمتها بصراحة بعد، فقد قرأت عواصم المنطقة في توجّهات المؤسسات الأممية جواباً بدل عن ضائع أميركياً، أو مؤجلاً ليس من السهل أن تقوله واشنطن بالفم الملآن.
وعليه، قرأت مراجع دبلوماسية لبنانية مواقف المفوّض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي عبّر عن معارضته "لعودة النازحين السوريين الى بلادهم في الظروف الحالية"، ما يحول دون توفير الدعم الدولي والأممي للمبادرة الروسية التي تجاوزت شروط توفّر الحلّ السياسيّ في سوريا للعودة .