أولاً: خطابُ الاستعلاء والفخر...
تستمع لخطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في مناسبة انتصار تموز على العدو الإسرائيلي فلا تأخذك الدهشة أو الاستغراب من اعتداده بمقاومته وعتادها وعديدها وخبراتها، فضلاً عن إيمانه وعزيمته واعتقاده الراسخ بفوز محور المقاومة والممانعة في المنطقة العربية على أميركا وحلفائها وفي مقدمهم المملكة السعودية، ولعلّ شاهده الواضح في اعتداده هذا هو صمود النظام السوري باعتباره واسطة العقد في هذا المحور الذي ينتسب له، مُضيفاً أنّنا سنشهد في القريب العاجل طوابير السّاعين للوقوف أمام أبواب النظام السوري طالبين التوبة والطاعة والرضوخ لإرادة النظام، أمّا حين يجزم السيد نصرالله بأن"ّ جيش" المقاومة أقوى من الجيش الإسرائيلي فلا تملك إلاّ أن تتمنّى ذلك، فالاستعلاء على العدو الإسرائيلي لا يبعث إلاّ على الفخر، مع التّمنيّات بأن تكون الأقوال مُقاربة للواقع والحقيقة.
ثانياً: خطابُ المُطبّلين والخيبة...
لو يقتصر الأمر دائماً على ما يقوله السيد نصرالله ومن يُوازيه في الموقع والمسؤولية لهان الأمر وبدا واقعيّاً ومقبولاً، لكن عندما تستمع لجوقة المطبلين من فريق الممانعة وما يصدر عنهم من تحليلات وتعليقات سخيفة وسطحية تُصاب بالخيبة ويُعاودُك القلق، فبالأمس استضافت قناة الميادين ضيفين مُفوّهين من هذا الفريق: رئيس حزب الكتائب السابق السيد كريم بقرادوني (كان من المُقرّبين من الرئيس الراحل بشير الجميل)، والصحافي عبد الباري عطوان، الذي لم يترك ديكتاتوراً في المنطقة إلاّ ومدحه ووقف بجانبه مُشيداً بإنجازاته، من معمر القذافي إلى صدام حسين إلى بشار الأسد، وطفق الضيفان يستفيضان في إعلان الفوز الكاسح لمحور الممانعة تعليقاً على ما صرّح به السيد نصرالله، من إيران إلى العراق إلى سوريا فلبنان، دون أن ينسوا الالتفات إلى اليمن ففلسطين، فما ينطق به سيد المقاومة هو في حكم المُحقّق، لا يحتاج لتدقيق أو مراجعة أو تمحيص، ولو اقتصرت الأمور على نشر رايات السلام والرخاء والأمان على الدول العربية التي تعجُّ بالقتل والتهجير والدمار وعلى إيران التي تحظى ببحبوحة اقتصادية، لكانت هذه الأمور مقبولة ربما، أمّا بقرادوني وعطوان فقد زفّا البُشرى للأمة العربية ومعها الإسلامية بالهزيمة الماحقة التي لحقت وستلحق بإسرائيل، لمجرّد أنّ السيد أراد توجيه رسالة حازمة وجادّة لإسرائيل بأنّها ستواجه خصماً عنيداً وقويّاً في حال جرّبت القيام بأي عدوان على لبنان.
ثالثاً: مُصاب محور الممانعة بهؤلاء التافهين...
المصاب يا سماحة السيد، ليست في جانبٍ واحد مع أهل الإعلام ورواد التواصل الاجتماعي، الذين يوجهون سهام النقد والاعتراض والاحتجاج لمحور المقاومة والممانعة، بل لعلّها أفدح وأدهى مع جوقة الإعلام الممانع الذي يستخفّ ، أول ما يستخف، بعقول جمهور الممانعة قبل الجمهور العريض، فإن تعذّر يا سيّد ضبط جوقة الاعتراض والنّقد والسخرية، فلتُظبط على الأقلّ الجوقة التي تُكلّف محوركم أموالاً طائلة قد تكون ذات فائدة تُرتجى فيما لو صُرفت في مكانها وزمانها المناسبين.