قد تستيقظ في الصباح كعادتك، وتكون أمورك طبيعية على حالها، تستعد للرحيل والخروج من منزلك، نحو العمل، أو أي وجهة أخرى، ربما إلى شارع مُحاذي، فتركب سيارتك مُنطلقاً، حاملاً هموم زحمة السير على كتفيك، مقتنعاً أن هذه الحالة أصبحت حالة طبيعية اعتدنا عليها في كل يوم...
ولكن انتبه!! ماذا لو كانت هذه رحلتك الأخيرة، ماذا لو كانت كلمة اللقاء التي تُلقيها على افراد عائلتك هي تحية الوداع الأخيرة، فمن سيضمن لك عودة سليمة، أو حياة مستمرة وهنيئة في هذا البلد الفاسد المهمل لأرواحنا!!
ماذا لو صادفت الموت في طريقك، ذلك الموت المفاجىء، تلك الصدمة "القيادية" المؤلمة، فبعد أن تكون قد رضيت بزحمة السير، عليك أن ترضى بحوادثه ايضاً، أن ترضى بالموت المفاجىء تحت ما يسمى "قضاء وقدر".
وقدرك هو أن تعيش في لبنان، ذلك الوطن الذي يصدر قرارات وقوانين سير دون التقيد بها، ومؤخراً كانت غرفة التحكم المروري قد نشرت أن "عدد ضحايا حوادث الصدم في لبنان قد بلغ 115 قتيلاً و729 جريحاً"، علماً أن هذه الأرقام متعلقة بالمشاة، كما أوضحت، مشيرةً إلى أنّ "المجموع العام العائد لضحايا حوادث السير منذ بداية عام 2018 لغاية اليوم، هو 281 قتيلاً و3432 جريحاً".
وفي جولة سريعة على حساب غرفة التحكم المروري عبر "تويتر" و"فايسبوك"؛ ينصدم المشاهد من صور زحمات السير، والحوادث الحاصلة في لبنان، أما تصريح غرفة التحكم المروري بوصول عدد ضحايا حوادث السير إلى "281 قتيلاً و3432 جريحاً تقريباً منذ بداية 2018 "؛ يمكن أن يكون كفيلاً بأن يهز الرعب في نفوسنا، ومع ذلك مرّ هذا التصريح مرور الكرام في لبنان، كما تمر السيارات أمام أي حادث سير وسط مشاهد الدم والجثث المنتظرة لسيارة الإسعاف التي قد تكون ايضاً عالقة وسط زحمة سير أخرى!!
إقراً أيضاً: الإغتراب: رحلة الموت الحي إلى الموت المؤبد
أما فيما يخص أسباب حوادث السير، فيمكن تلخيصها كالتالي:
- ازدياد عدد السيارات ترافقاً مع إزدياد عدد المشاة على مختلف الطرقات اللبنانية.
- السرعة الزائدة، وقلة الردارات المتمركزة عبر الطرقات، وعدم تأمين التمويل الكافي لقوى الأمن الداخلي لتأمين الرادارات اللازمة، وغيرها من المستلزمات.
- عجز الدولة في تطبيق قانون السير بكل حذافيره، الذي ما إن يصدر حتى يُنسى.
- الطرقات الغير معبدة في لبنان، والتي تفتقر إلى وجود الإنارة.
- غياب إشارات المرور في أغلب المناطق اللبنانية، وتوفرها في المدن الرئيسية فقط.
- عدم إلتزام المواطنين بقوانين السير، كعدم وضع حزام الأمان، أو إستعمال الهاتف الخليوي أثناء القيادة بهدف الدردشة أو المكالمات الطويلة.
- القيادة تحت تأثير الكحول.
- وأخيراً، ظهور موضة جديدة على الساحة اللبنانية، وهي تصوير الأغاني أثناء القيادة ونشرها عبر مختلف مواقع التواصل الإجتماعي، وصولاً إلى تحدي "كيكي"، الذي ظهر مؤخراً وتداوله عدد لا يستهان به من اللبنانيين.
قد تكون أسباب حوادث السير في لبنان كثيرة، تحتاج إلى مليون حل، تعجز الدولة اللبنانية وحتى مواطنيها على الإلتزام بحل واحد منها، فربما الحل الأنسب هو أنه علينا في كل يوم أن نودع عائلتنا الوداع الأخير، قبل الخروج من المنزل، لأن ما باليد حيلة، وفي كل مرة تخرج فيها من منزلك انتبه فربما تعود حياً أو محمولاً على الأكتاف!