تقترب عطلة عيد انتقال السيدة العذراء وعطلة عيد الأضحى المبارك ولا ولادة حكومية بعد في ظل تنامي الحديث عن استعداد الرئيس المكلف سعد الحريري للانطلاق في جولة مشاورات جديدة لتأليف الحكومة، قبل أن يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتسليمه مسودة تشكيلة وزارية جديدة. لكنّ المعطيات الأخيرة تَشي بأنّ مواقف مختلف الأطراف لا تزال على حالها. فالحزب التقدّمي الاشتراكي مصرّ على "ثلاثيته" الوزارية في وقت لفتت المراقبين زيارة رئيس "الحزب الديموقراطي اللبناني" الوزير طلال إرسلان لموسكو التي عاد منها أخيراً النائب تيمور جنبلاط. و"القوات اللبنانية"، التي عاد رئيسها سمير جعجع وعقيلته ستريدا من الخارج، أكدت أنّها لن تتنازل أكثر بعدما قبلت بـ4 حقائب وحقيبة سيادية وقبلت بالخلط بين حصّة تكتّل "لبنان القوي" وحصّة رئيس الجمهورية، رامية بذلك الكرة في ملعب رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل. امّا "حزب الله" الذي يتحدث أمينه العام السيد حسن نصرالله مساء اليوم في ذكرى الانتصار في حرب تموز 2006، فيترقّب الجميع مواقفه السياسية عموماً والحكومية خصوصاً.
"القوات"
فقد جددت "القوات" دعوتها الى باسيل لتقديم التنازل، وقالت مصادرها لـ"الجمهورية" إنّ التصور الذي قدّمه باسيل الى الرئيس المكلف "لا يؤدي الى النتائج المرجوة، فقبولنا بحصّة من 4 وزراء، ليس مِنّة من احد وليس تنازلاً من باسيل. فمن حقنا الطبيعي ان يكون لدينا 4 وزراء، وخلاف ذلك هو استئثار وهيمنة سياسية ومحاولة واضحة المعالم لتحجيمنا. فبمجرّد قبولنا بـ4 وزراء نكون قد تنازلنا. وكذلك قبولنا بالخلط بين حصّة تكتّل "لبنان القوي" وبين حصّة رئيس الجمهورية، خصوصاً انّ هناك كتلة واحدة من 29 نائباً ويفترض ان تُحتسب مرة واحدة، هو تنازل منّا وبالتالي مَن تنازل هو "القوات". وفي كل الحالات، نتمنى ان تتطور الامور في اتجاه البحث في مضمون الحقائب الموجودة من اجل الوصول الى الحل المنشود، ولا شك في أن العقدة تراوح مكانها حتى إشعار آخر في حال لم يقدّم الوزير باسيل التنازلات المطلوبة، سواء على المستوى المسيحي أو على المستوى الدرزي. وبالتالي لا نعتقد انّ لديه مصلحة في إبقاء الامور على ما هي حتى إشعار آخر، لأنه لا يُفترض أن يُعتقد بأنّ "القوات" يمكن ان تقبل بأي صيغة لا تعطيها وزنها الحقيقي. فهي تعتبر نفسها انها تنازلت ولا يمكنها ان تتنازل اكثر ممّا تنازلت اليوم، وبالتالي أقصى ما يمكن أن يحصل عليه هو هذا التنازل. وبالتالي، هو معني بأن يقدّم التنازل المطلوب. هي تنازلت بالقبول بهذا الخلط أولاً، وتنازلت ثانياً بقبولها بـ4 وزراء مع حقيبة سيادية. وهذا آخر عرض يمكن ان تقدّمه. وطبعاً اذا استجدّت أفكار للنقاش، فهي جاهزة دائماً ولم تقفل ابواب النقاش إنما على قاعدة احترام تمثيلها ووزنها وحجمها التمثيلي واحترام ما أفرزته الانتخابات واحترام دورها الوطني".
فشل محاولة لفك العقدة الدرزية
وقالت مصادر واسعة الإطلاع لـ"الجمهورية" انّ الاتصالات التي شهدتها الساعة الأخيرة كادت أن تشهد حلاً للعقدة الدرزية لو وافق الأمير طلال ارسلان على الصيغة المطروحة.
وفي معلومات توافرت لـ"الجمهورية" انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري اقترح مخرجاً لتسمية الوزير الدرزي الثالث بتسمية النائب انور الخليل أمين سر تكتل "التنمية والتحرير"، بالنظر الى علاقاته المميزة مع مختلف الأطراف، وذلك بناء على التفويض الذي ناله من الحريري وجنبلاط معاً.
لكنّ الخليل الذي شكر لبري مبادرته تمنى مراعاة وضعه الصحي واقترح نجله زياد للمهمة، ولمّا وافق بري رفض ارسلان مؤكداً انه لم يعترض على الإسم فزياد انور الخليل ووالده لهما موقع مقدّر عنده كما بري، لكنه اعترض على المبدأ فأُحبطت المحاولة وآلت الى الفشل. وعليه، قالت المصادر "انّ هذا المخرج الذي أُحيط بسرية تامة قد طوي وعادت المحاولات الجارية لفك العقدة الدرزية الى نقطة الصفر".
رد سعودي
في هذا الوقت، ردّت المملكة العربية السعودية على الاتهامات الموجهة اليها بعرقلة التأليف، وقال القائم بأعمال سفارتها في لبنان الوزير المفوض وليد البخاري انّ "واقع التجربة في تشكيل المجلس النيابي كان اكبر إجابة، كان هناك إعلام يراهن على تدخّل، وثبت في الواقع انّ المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على أمن لبنان واستقراره، ودعت في المؤتمرات الدولية وتدعو في كل منابرها الى أهمية التعجيل في تأليف الحكومة".
وقال البخاري خلال إطلاقه مبادرة إنسانية بعنوان "أُمنية"، في مبنى السفارة، أمس: "لا اعتقد انّ الواقع السياسي يتواءم مع هذا الطرح، فقد كان هناك رهان على تدخل المملكة في ما يخصّ تشكيل المجلس النيابي والقانون الانتخابي، وثبت انه لم يكن لدى المملكة ايّ تدخل في هذا الشأن بل عكسه تماماً". وأضاف: "هناك من يؤكد انّ المملكة كانت الدولة الوحيدة التي سَعت قولاً وفعلاً الى احترام سيادة لبنان والتأكيد على أمنه واستقراره. وعندما تتقدم المملكة وتدعم لبنان من خلال أكبر 3 مؤتمرات، فهذا يدلّ الى أنّ المملكة تسعى في هذا الاتجاه".
ولفت إلى "أنّ سفارة السعودية تمنح كل عام القوى السياسية تأشيرات للحج بشكل متوازن". من جهة ثانية، نفى البخاري ما أشيع عن وجود توتر بين المملكة وتيار "المستقبل"، مشيراً الى أنّ الحريري "نفى ذلك، وهو حصل على كل ما طلبه وأكد تلقّيه 2000 تأشيرة (حج) ثمّ أضيفت 3000 تأشيرة تمّ استلامها كاملة بموجب اتفاقية وورقة عمل، أمّا "القوات اللبنانية" فحصلت على 25 تأشيرة حج فقط".
الكتائب
وعلى جبهة المعارضة، إنتقد رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل طريقة تعاطي المسؤولين مع الملفات، وقال خلال استقباله سفيرة كندا في لبنان ايمانويل لامورو: "انّ الملفات في لبنان تُدار باستخفاف غير مقبول على يد المسؤولين في مقابل تحديات كبيرة تمّ وضع لبنان في مواجهتها، وليس أقلها العبء الذي يشكله النازحون على مختلف المستويات وبشكل خاص على الوضع الاقتصادي الضاغط الذي باتَ يهدد الوضع العام للبلد، لاسيما انّ المؤشرات المتوافرة هي الأسوأ على الإطلاق".
وعلمت "الجمهورية" انّ الجميّل يُشرف على عمل مجموعة من اللجان الحزبية المتخصصة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية. وقد أوعز إليها وضع الدراسات التفصيلية والملاحظات الخاصة بكل ملف من الملفات، ولاسيما منها تلك المتعلقة بالخدمات والمواصلات والبنى التحتية وغيرها، في ضوء الاصلاحات المطلوبة من مؤتمر "سيدر"، وفي ضوء السياسات الحكومية المعتمدة ونظرة الكتائب اليها. ويواكب عمل هذه اللجان الحزبية الاوضاع السياسية المتأزمة على مسار تأليف الحكومة، وهو ما تفسّره مصادر الجميّل بأنه ضرورة تأمين الجهوزية الكتائبية للتعاطي مع استمرار الامور على ما هي عليه، او للتعاطي مع حكومة جديدة في حال تشكيلها وفقاً لكل الاحتمالات الممكنة بالنسبة الى تركيبتها والمشاركين فيها أو بالنسبة الى سياساتها ونهجها.
عودة
والى ذلك أمل متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، إثر زيارته رئيس الجمهورية، أن ترعى الحكومة الجديدة حقوق الطائفة الارثوذكسية في المواقع الادارية التي انتزعت منها، او تلك التي لا تزال شاغرة. وقال: "نرفع الصلوات دائماً من اجل ان ينهض لبنان من عثراته ولكي يرتاح اللبنانيون، خصوصاً في ظل الازمة الاقتصادية الراهنة".
دمشق: ضمانات للعودة
وفي ملف النازحين السوريين، عادت أمس دفعة جديدة منهم بلغت 137 نازحاً الى الداخل السوري عبر طريق المصنع الحدودي بإشراف الأمن العام، وكانت غالبيتهم من النازحين الى منطقة العرقوب وشبعا.
ودعت دمشق اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم، متعهدة بضمان حقوقهم المتساوية مع المواطنين الآخرين والحفاظ على كرامتهم.
وقال رئيس الدائرة السياسية للقوات المسلحة السورية اللواء حسن أحمد حسن، رداً على سؤال حول الضمانات التي قد تقدمها بلاده للسوريين العائدين إلى سوريا: "إنّ جميع السوريين لهم حقوق متساوية، أينما كانت أماكن إقامتهم حالياً". وشدّد على "ضرورة الحفاظ على كرامة جميع السوريين". ومن جهته أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة السورية حسين مخلوف "أنّ السوريين الذين كانوا يحاربون ضد الجيش السوري ثم انتقلوا إلى جانبه يعدّون اليوم مثالاً على موقف دمشق منهم"، مضيفاً "انهم يعيشون في سوريا بنحو عادي". وشدد على "أنّ الحكومة السورية توفر حالياً ظروفاً ملائمة لعودة السوريين إلى وطنهم".
المفوضية تعارض
وعارض مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عودة اللاجئين السوريين الى بلادهم في الظروف الحالية. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في برلين: "لا يمكننا أن نسمح بعودة اللاجئين في الظروف الخطيرة". وأضاف: "انّ 5 ملايين لاجئ موجودون حالياً في الدول المجاورة لسوريا، وانّ الأمم المتحدة لا تستطيع ضمان عودة مثل هذا العدد من الأشخاص في ظل استمرار النزاع".