إيران لم تعد تلك التي كانت قبل 5 أشهر ، وفي هذه ترامب على حق
 

يُكرّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ شهور وخاصة بعد انسحابه من الاتفاق النووي تأكيده على ان إيران تغيرت وأنها باتت تختلف عما كانت عليه قبل ثلاثة او أربعة أشهر وفي خطابه الأخير زاد شهرا مما يظهر أنه يتابع ويرصد الموضوع شهريا وبعناية. 

 

وبعد لقائه الزعيم الكوري الشمالي في سنغافورة قال ترامب: " لا أظن أن الإيرانيين يعيرون نفس الاهتمام بمنطقة البحر الأبيض المتوسط وسوريا كما كان الأمر سابقا. لم يعودوا يمتلكون ذات الثقة الكاملة بالنفس التي كانت لديهم في الماضي. "

 

وبالرغم من أن الايضاح الذي أعطاه الرئيس من ترامب ليس دقيقا بشكل مطلق إلا أن استنتاجه في مجمله صحيح.

 

ذلك لأن إيران وفق الرئيس الأميركي لم تعد تلك التي كانت تبتز أمريكا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما وفي الوقت نفسه كانت تنسّق معها في العراق وحتى في سوريا خاصة بعد توقيع الإتفاق النووي الذي سنح لإيران فرصة للتواجد العسكري الكثيف والمعلن هناك. 

 

إقرأ أيضا : قمة سنغافورة التاريخية وتأثيراتها على الشرق الأوسط ... هل تغيّرت إيران ؟

 

 

إيران ليست تلك التي قامت باختبار صواريخ باليستية بعد أيام من إقرار الإتفاق النووي من قبل دول الخمسة زائدا واحدا وكان لافتا ان قوات الحرس الثوري كتبوا على الصواريخ الباليستية شعار يجب أن تُمحى اسرائيل من الوجود باللغة العبرية وليس بالإنكليزية.

 

وكان الحرس الثوري يتعمد في اختبار تلك الصواريخ بعيد الاتفاق النووي لفصل الاتفاق النووي عن الاختبارات الصاروخية وتعويد الغرب على أنشطة إيران الباليستية وتحويلها إلى أمر عادي ومقبول ومعترف به. 

 

كما قامت إيران  بتكثيف تواجدها العسكري في سوريا والمزيد من التشدد في اليمن. 

 

وأظهر الصقور الإيرانيون أن المرونة البطولية التي تحدّث عنها المرشد الأعلى لإعطاء الشرعية على المفاوضات النووية ستبقى حكراً على التفاوض مع القوى الكبرى ولن تتعدى الى دول الجوار. 

 

وروّج إعلام التيار المتشدّد في إيران لمقولة أن الإتفاق النووي أضرّ بالمصالح الإيرانية وأن الفريق المفاوض الإيراني خان الوطن وخدع المرشد الأعلى وأحبط جميع الإنجازات النووية وتعرّض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الى هجوم المحافظين المتشدّدین اتهموه بالخيانة والتسوية. 

 

واذا كانت المفاوضات النووية والاتفاق الناجم عنها تجسيداً للخنوع أمام الاستكبار العالمي فإن العلاج بنظر المحافظين المتشددين كان يكمن في إفراغ هذا الاتفاق من معناه العميق الذي يتجاوز حدوده النووي ويشمل القضايا الإقليمية والباليستية. 

 

وبعيد إنجاز الإتفاق النووي صرّح الرئيس حسن روحاني أثناء الحديث عن فوائد الاتفاق النووي لإيران، بأننا بحاجة إلى الحصول على اتفاقيات إقليمية على غرار الاتفاق النووي مع المجتمع الدولي. وأشار روحاني الى المخطط الشامل للعمل المشترك اي القرار الأممي رقم 2231 الناجم عن الاتفاق النووي قائلا اننا بحاجة الى مخططات شاملة أخرى للعمل المشترك في المجالين الاقليمي والدولي. ولكن فكرة روحاني تلك تعرضت لهجوم خصومه الداخليين وفي مقدمتهم رجال الحرس الثوري أكدوا على ان المخطط الأول للعمل المشترك ( قرار 2231 الأممي) كان سيئا فكيف عن الثاني والثالث؟!

 

إقرأ أيضا : العراق يتخلى عن الدولار في تجارته مع إيران

 

 

ولم يأل المحافظون جهدا من أجل تقويض المخطط الشامل للعمل المشترك الذي كان يمثل إنجازا كبيرا لحكومة المعتدلين والإصلاحيين وبالرغم من ان إيران لم تقم بأي اختبار باليستي طيلة استمرار المفاوضات النووية إلا أنها قامت باختبار باليستي بعد إصدار القرار الأممي رقم 2231 الذي يطالب إيران بالتوقف عن إنتاج صواريخ قادرة على حمل القبة النووية وكانت حجة إيران هي ان تلك الصواريخ الباليستية التي تصل مداها 2000 كم ليست فيها قابلية لحمل الرؤوس النووية. 

 

أضف إلى ذلك ، إستفزازات قوات الحرس البحرية للقوات البحرية الأميركية في الخليج وجميع ذلك حصل في عهد الرئيس أوباما. 

 

ولكن منذ مجيء ترامب الى البيت الابيض لم تقم إيران بأي اختبار صاروخي باليستي ولم تلق القبض على جنود أميركيين ولم تقم زوارق الحرس الثوري بأعمال استفزازية للبحرية الأميركية في الخليج.

 

إن التفاصيل التي يشير إليها ترامب عن أوضاع إيران الداخلية ليست دقيقة ولكن يبدو أن الحق معه عندما يستنتج أن إيران لم تعد تلك التي كانت قبل 5 أشهر.