انضوى أكثر من 20 ألف مغترب لبناني يتحدرون من مدينة طرابلس (شمال لبنان) وينتشرون في مختلف دول العالم، ضمن مجموعة حملت اسم we are Tripoli (نحن طرابلس)، هدفها إنشاء «لوبي طرابلسي» لتسليط الضوء على معاناة المدينة وإطلاق مشروعات تنميتها، بدءاً من ملف النفايات والاهتمام ببيئة المدينة، وصولاً إلى إغناء ثقافتها وتنوعها وتحقيق نهضتها.
المجموعة أسستها الإعلامية هناء حمزة، المقيمة في دبي، خلال حفل موسيقي أقامه ابن طرابلس عمر حرفوش في عاصمة الإمارات العربية المتحدة أبوظبي، وولدت هذه الفكرة خلال حضور مئات اللبنانيين الحفل، وأغلبهم من مدينة طرابلس «الفيحاء» الذين اختاروا التجمع على صفحة في موقع «فايسبوك»، بلغ عدد المنتسبين إليها في المرحلة الأولى نحو 600 شخص، وتطورت ليصبح عدد المنضوين فيها أكثر من 20 ألف مغترب طرابلسي، يتفاعلون من خلالها بشكل يومي.
مؤسسة المجموعة الإعلامية هناء حمزة، أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن «الهدف هو لوبي طرابلسي في الاغتراب لدعم المدينة، وبدأت أول نشاطاتها بإقامة إفطار في 25 يوليو (تموز) الماضي في 25 دولة حول العالم، انطلق من أستراليا وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية، شارك فيها 2500 طرابلسي من الرجال والنساء، تحت اسم (يوم المغترب الطرابلسي)، تبعه عقد تجمّع لـ800 مغترب داخل المدينة، وتنظيم جولة في أسواقها القديمة، وقد عملت جمعية تجّار طرابلس على فتح المحلات يوم الأحد رغم العطلة الأسبوعية، كما زرنا مطاعم المأكولات الشعبية، ونظمنا حفلاً موسيقياً مع الفنان عمر حرفوش».
ولا يقتصر عمل المجموعة على مجرّد تلاقي المغتربين من أبناء المدينة، بل يهدف إلى تنظيم نشاطات تعيد للمدينة رونقها، بدءاً من معالجة ملف النفايات والاهتمام بالبيئة، وأشارت حمزة إلى أن «موضوع البيئة يشكل هاجساً كبيراً لأبناء طرابلس ومغتربيها، وقد جمعنا مئات التواقيع لدعم إيجاد حلّ لمكبّ النفايات، بينهم نواب المدينة، وحصلنا منهم على تعهد بالعمل على حلّ مشكلة المكبّ، بالإضافة إلى تعهد من مفتي طرابلس ومطرانها لتركيز خطب الجمعة وعظات الأحد على معضلة المكبّ، وحث المسؤولين على معالجتها».
ويغتنم المغتربون علاقاتهم الخارجية مع المسؤولين في كلّ دول العالم، ليعطوا دفعاً قوياً لنشاطاتهم، وكشفت حمزة عن أن «أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي سيزورون مدينة طرابلس يومي 28 و29 الشهر الحالي، وسيتفقدون مكبّ النفايات الموجود على شاطئ المدينة، وهذا موضوع بيئي يهم الفرنسيين، لكون فرنسا تقع أيضاً على شاطئ المتوسّط». وقالت: «لقد دعانا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى جلسة يعقدها في العاشر من سبتمبر (أيلول) المقبل، لطرح موضوع طرابلس كمختبر بيئي، والمقارنة بين وضع شاطئ طرابلس الآن الذي يمثّل قمة للتلوث، وكيف سيصبح عنواناً للبيئة النظيفة في مرحلة لاحقة»، مشيرة إلى أن المؤسسات اللبنانية هي أول المعنيين بالاهتمام بنظافة شاطئ طرابلس، لكون لبنان موقّعاً على اتفاقية البحر المتوسّط، وملتزماً مقتضياتها.
ولا يتوقف نشاط المجموعة على مبادرة أفرادها، بل توسّع إلى لقاءات عقدتها مع القيادات اللبنانية، حيث زار وفد من مجموعة «نحن طرابلس» رئيس مجلس النواب نبيه بري، وبحث معه في دور المغترب اللبناني، وهاجس المجموعة حيال بيئة طرابلس، كما التقى الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وناقش معه مسألة نظافة المدينة وهمومها، بالإضافة إلى تحديث معرض طرابلس الدولي وإطلاقه وتشجيع السياحة في عاصمة لبنان الشمالي، ووعد الحريري بالاهتمام بملف طرابلس أسوة بباقي المناطق اللبنانية. وأوضحت هناء حمزة أن الوفد «طالب رئيس الحكومة بإصدار قانون يتيح للمرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي، أن تمنح الهوية اللبنانية لأولادها، أسوة بالأنظمة المعمول بها في الدول المتحضّرة»، وأشارت إلى أن الحريري «وعد ببحث هذا الموضوع من ضمن مراسيم التجنيس التي تصدرها الدولة اللبنانية».
ويتركّز الاهتمام على تشكيل «لوبي طرابلسي» قوي وفاعل، عبر إعطاء الأفضلية لابن طرابلس في كلّ دول العالم، وسيؤسس للقاءات تعاون لأبناء الجالية في كلّ الدول. وتحدثت هناء حمزة عن إعطاء توجيهات لتقديم مصلحة ابن طرابلس على باقي المصالح الأخرى، بحيث تكون أولوية المريض التوجه للمعالجة عند طبيب طرابلسي في أي دولة موجود فيها، والتردد إلى المطاعم التي يستثمرها طرابلسيون، وكذلك بالنسبة إلى التسوّق من مؤسسات تجارية يملكها أشخاص من طرابلس أو يعمل بها طرابلسيون». مؤكدة أن «ثمة توجهاً لتأسيس جمعية ذات كيان رسمي، وشخصية قانونية للعمل بشكل شفاف، لتكون في مرحلة لاحقة قادرة على عقد لقاءات مع مسؤولين عرب وأجانب، واطلاعهم على أوضاع طرابلس، وتشجيعهم على الاستثمار في المدينة ودعمها بيئياً واقتصاديا والاستثمار في مشروعاتها».
من جهته، أوضح الفنان عمر حرفوش أن المجموعة «تعمل جاهدة لتغيير النظرة إلى طرابلس، بعد أن كانت مسرحاً للحرب والاقتتال الذي طبع وجه المدينة في السنوات الماضية». وأكد في حديث تلفزيوني «إصرار المجموعة على إعادة التنوع إلى طرابلس، وخصوصاً عودة المسيحيين الذين تركوها أو هاجروا بفعل الحرب الأهلية أو الأحداث الأخيرة». ورأى أن «الخلافات السياسية والانتخابية لن تؤثر على تميّز المدينة وفرادتها كنموذج للتنوع والعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين».