كسر الرئيس المكلف سعد الحريري «الجمود الحكومي» وخرج بمبادرة في محاولة منه للخروج من «المأزق» أو الانتظار القاتل، فزار عين التينة بعد ظهر أمس، وتناول على مأدبة رئيس المجلس نبيه برّي طعام الغداء وشارك الوزيران المفوضان علي حسن خليل (عن حركة أمل) وغطاس خوري (عن تيّار المستقبل).
الطبق السياسي كان عقد تأليف الحكومة، والآثار الاقتصادية والدبلوماسية المترتبة على هذا التأخير.
فعلى مدى ساعتين، تداول الرئيسان بالعقد المعروضة، وكيفية التغلب عليها، في ضوء «الوضع الاقتصادي والإقليمي الصعب» (والكلام للرئيس الحريري).
والأبرز ان الرئيس المكلف بعد اللقاء، أكّد بما لا يقبل مجالاً للشك انه لا توجد تدخلات خارجية، ولا أحد يتدخل بتشكيل الحكومة، والمشكل داخلي، و«مشكلة حصص».
والأبرز أيضاً ان الرئيس الحريري، في ضوء ما جرى تداوله مع رئيس المجلس، كشف عن انه سيضع في الأيام المقبلة بعض الحلول، داعياً الأطراف المعنية إلى إبداء الإيجابية من زاوية «التفكير بالبلد أولاً، وقبل احزابهم السياسية»، عندها يمكن ان «نصل إلى نتيجة».
واعتبر رداً على سوال، يتضمن بأنه قدم لرئيس الجمهورية مشروع حصص وليس «تشكيل حكومة، أكّد الرئيس الحريري: «حتى نقدم صيغة علينا ان نعرض الحصص التي ستكون بهذه الصيغة.الصيغة اذا كانت 24 او 30 او 18 او 16 او 14 وزيرا او اي صيغة في النهاية الموضوع موضوع حصص لذلك يجب الاتفاق على الحصص وبعدها نمشي بالصيغة».
وغمز الرئيس المكلف من قناة الوزير جبران باسيل، رافضاً الرد على ما جاء على لسانه بعد اجتماع «تكتل لبنان القوي» الثلاثاء الماضي، باللجوء إلى التحركات الشعبية، وقال: هو حر أن يقوم بما يريده، وإذا كان يرى ان تحريك الشارع هو الحل فليكن.
وعندما تصبح التشكيلة جاهزة، أعلن الرئيس الحريري انه سيزور بعبدا، وربما الأيام القليلة المقبلة.
ووصفت أوساط الرئيس برّي أجواء اللقاء مع الحريري بأنه كان ايجابياً، موضحة ان رئيس المجلس قدّم بعض النصائح وأكد انه مستعد ان يتحرك بشكل داعم إذا الأجواء كانت إيجابية «وقلعت» المشاورات، مشيرة إلى ان كل ما يتعلق بالتأليف يتوقف على النتائج التي سيفضي إليها لقاء الرئيس الحريري والوزير باسيل.
باسيل في بيت الوسط
من المؤكد انه خلال اللقاء، جرى التطرق إلى زيارة الوزير باسيل إلى عين التينة، وما اثير لجهة معاودة الاتصال مع بيت الوسط، وهذا ما حدث فعلاً، عندما أجرى الرئيس الحريري اتصالاً هاتفياً بالوزير باسيل دعاه خلاله للقائه في بيت الوسط، على مأدبة عشاء.
وعقد الاجتماع بين الرجلين عند الثامنة مساءً، للبحث في كيفية مقاربة الحصص أو العقد، تمهيداً لوضع خارطة طريق تخرج الحكومة من الظلمات إلى النور..
كيف تحرك الموقف؟
مصادر سياسة مطلعة أوضحت لـ«اللواء» ان زيارة الوزير غطاس خوري الى قصر بعبدا اول من امس بعيدا عن الاضواء تندرج في سياق إعادة تحريك التواصل. وقالت انه حمل افكارا لاعادة تحريك الملف الحكومي والتشاور على كافة المستويات دون ان يعني ان هناك مقترحات محددة قد نقلها خوري الى الرئيس عون. ونفت المصادر نفسها وجود اشارات لزيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا اقله اليوم معلنة ان كل طرف قال ما يريد. ولفتت الى ان الحراك الحاصل عبر زيارة خوري قد خرق الجمود الحاصل.
استمر العشاء إلى ساعة متأخرة من ليل أمس، وقالت مصادر قريبة ان النقاش دار انطلاقاً مما تمّ التفاهم حوله في عين التينة، من زاوية ان الرئيسين برّي والحريري سيحاولان كل من جهته معالجة المطالبة الجنبلاطية بالوزراء الدروز الثلاثة..
وتوقعت حصول حلحلة ممكنة بعد معالجة تمثيل التيار الوطني والحصة الرئاسية، إذ أكدت المصادر ان الاتجاه لحصة التمثيل بعشرة وزراء وعدم الحماس لإعطاء العهد وفريقه الثلث المعطل.
وتوقعت المصادر ان يكون حصلت حلحلة جزئية، لكنها أكدت بالمقابل، ان المعالجة تحتاج لمزيد من الوقت والجهد..
وتحدثت مصادر قريبة من الوزير باسيل ان اللقاء بدّد أجواء التشنج، وكان ايجابياً أكثر مما هو متوقع..
كشف عضو تكتل لبنان القوي النائب ماريو عون لـ«اللواء» عن اجتماع يعقده المجلس السياسي للتيار الوطني الحر صباح اليوم في مركز التيار في سن الفيل للبحث في المعطيات المتصلة بالملف الحكومي وما طرأ من مستجدات في هذا الخصوص. ولفت الى انه في السابق كان التيار الوطني الحر يشعر انه غير معني في المحادثات الداخلية المتعلقة بتأليف الحكومة اما الان فهناك عامل جديد ِ. ونفى ان يكون اطلع على ما دار في لقاء الرئيس المكلف والوزير جبران باسيل لكنه قال ; نأمل خيرا معلنا ان ما جرى يشكل عاملا جديدا. ولفت الى وجود معطيات جديده معربا عن اعتقاده انه تم الخروج من الشق المتصل بالقوات والتقدمي الاشتراكي بفعل ما طرأ من عامل جديد على صعيد التحركات السياسية.
«سجال الأخوة»
في هذا الخضم، تجدد السجال بين طرفي «تفاهم معراب» «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر، على خلفية ما صرّح به النائب جورج عدوان، في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي، إذ قال وفق المعيار الذي وضعوه، يكون للقوات خمسة وزراء، وإذا أردنا تطبيق اتفاق معراب يكون هناك ستة وزراء للتيار وحلفائه، وستة للقوات وحلفائها، وثلاثة للرئيس علما اننا ما زلنا نسير باتفاق معراب.
أضاف عدوان: «عندما يكون هناك اتفاق بين فريقين فإنه يكون على مواضيع جوهرية، وكل اللبنانيين يعلمون ان الموضوع الجوهري كان رئاسة الجمهورية والشراكة الكاملة بالحكم. رئاسة الجمهورية تحققت ولم تحصل الشراكة، وانا اضع هذا الامر بين ايدي اللبنانيين ليقرروا من نفذ ومن لم ينفذ».
والرد على عدوان جاء على لسان مصادر في التيار الوطني الحر باستغراب، ووصف ما قاله بأنه يجتزئ الحقيقة.
وقالت المصادر العونية أن تفاهم معراب كل متكامل، يقوم على انتخاب الرئيس مقابل الشراكة، غير ان «القوات» صوبت على وزراء العهد والقوات دون سواهم في الحكومة، والايحاء بأنهم مصدر الفساد..
واتهمت المصادر «القوات» بمحاولة الانقلاب على العهد.
حكومياً، ذكرت المصادر العونية ان تحريف الوقائع في موضوع الاحجام النيابية للكتل لا ينفع. فتكتل لبنان القوي يضم تسعة وعشرين نائبا، ولا يُمكن التعاطي معه إلا على هذا الأساس. اما الحصة الوزارية لرئيس الجمهورية، فهي ذات طابع ميثاقي، ولا ترتبط بأي كتلة نيابية، تماما كما درجت الأعراف منذ الطائف.
سياسياً، قالت كتلة الوفاء للمقاومة ان التأخير في تشكيل الحكومة الجديدة يُهدّد بانزلاق لبنان «نحو التوتر».
وأكدت الكتلة بعد الاجتماع الأسبوعي لكتلتها البرلمانية ان التأخير «بات يُهدّد بمفاقمة الاحتقان والانزلاق نحو التوتر... وهو ما نحذر من مخاطره».
اتحاد النقل
نقابياً، نفّذت امس اتحادات ونقابات النقل البري، اعتصامات امام المرافىء اللبنانية كافة، وتوقف العمل فيها من السادسة صباحا حتى العاشرة، حيث تجمعت الصهاريج والشاحنات أمام المدخل 14 في مرفأ بيروت، وقطع اصحابها الطريق، معلنين توقف العمل في المرفأ، وكذلك الامر عند المدخل 3، حيث احتشد رؤساء نقابات واتحادات النقل البري يتقدمهم رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر، رئيس الاتحاد اللبناني لمصالح النقل بسام طليس، رئيس اتحاد السائقين العموميين عبد الامير نجدة، رئيس اتحاد الولاء للسائقين العموميين احمد الموسوي، رئيس اتحاد نقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض، نائب رئيس نقابة مالكي الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت وممثل نقابة اصحاب الصهاريج ومتعهدي نقل المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا.
وأعلن الاسمر ان «التحرك حضاري شمل كل المناطق والمرافىء ولم يحصل قطع للطرق ولم يتم التعرض لاي مواطن، وعملية الدخول والخروج من والى المرفأ بقيت عادية، ولكن العمل توقف حتى العاشرة صباحا، هذا التحرك هو صرخة عمالية من الاتحاد العمالي العام واتحادات ونقابات النقل البري الى المسؤولين حتى يبادروا الى تطبيق ما اتفق عليه عند وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء وبمباركة من رئيس الجمهورية».