يبدو أنّ مُصاب العهد يكمن في الكوابيس التي يُسبّبها الوزير جبران باسيل يومياً له، فالوزير لا يكاد يسكت، حتى إذا سكت، وهذا من أعاجيبه، يُكلّف مكتبه الإعلامي (وهو واحد من عدةّ مكاتب) الرّد على الإعلام والتصريحات والمقالات التي تطال معاليه، وإذ لا يرى الوزير فارقاً يُذكر بين موقعه وموقع فخامة رئيس الجمهورية، فهو يذهب إلى أنّ الحملة التي تطال موقع رئيس التيار الوطني الحرّ هي ذاتها التي تطال موقع رئاسة الجمهورية، بيد أنّ الحملة باتت مكشوفة المصدر والأهداف كما يرى مكتب الوزير، وهي إذ تتّهمهُ بعرقلة مسيرة العهد ودفعه لمهاوي الانتحار السياسي، ينفي المكتب ذلك، ويُؤكّد أنّ مسيرة باسيل والعهد معه في طور "الإنجاز السياسي".
يحُقُّ لنا أن نُسائل الوزير عن إنجازاته "العظيمة" خلال عشر سنواتٍ وضع خلالها يده على وزارات هامة في مجال الخدمات والنفوذ، نسأله عن ما حقّق من إنجازات ينوي استكمالها في حال استأثر بأحد عشر مقعداً وزارياً كما يطالب اليوم، نسأله عن أزمة الكهرباء التي تتفاقم حدّتها يوماً بعد يوم بفضل سياسات مستشاره (الذي رفّعهُ إلى مرتبة وزير) وهدره وقتاً ثميناً في تفصيل صفقات البواخر التركية الكهربائية المشبوهة ومحاولة تسويقها وتمريرها، أمّا النفايات فهي مصيبة المصائب بعد أن عمّت البلاد طولاً وعرضاً، براً ونهراً وبحراً، أمّا المديونية العامة فهي في صعودٍ مستمر طالما أنّ نهب المال العام بات مباحاً لكلّ مسؤول أو موظف أو حاكم أو محافظ أو رئيس مجلس إدارة أو قائد حزبي أو مستشار أو مُتنفّذ تعهدات وصفقات، أمّا المواطنين، فلهم التّوسُّلّ للّه أن يُعينهم في دفع المستحقات التي بالكاد تملأ كروش هذه الطبقة الفاسدة.
معالي الوزير .. إنّكم تدفعون العهد إلى موتٍ مُحقّق، لا إلى انتحار إرادي، والكارثة أنّ الشعب هو الذي سيدفع ثمن مغامراتكم السياسية التي ستغرق البلد ، في حين لا مُسعف ولا ناصر حتى الساعة.
قال أبو الدرداء: يا أهل دمشق، ما لكم تبنون ما لا تسكنون، وتأملون ما لا تُدركون، وتجمعون ما لا تأكلون، هذه عادٌ وثمود قد ملأوا ما بين بُصرى وعدن أموالاً وأولاداً، فمن يشتري منّي ما تركوا بدرهمين.