تحتدم المواجهة بين أصحاب المولدات والدولة، مع اقتراب انتهاء المهلة التي حددها وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري لأصحاب المولدات لتركيب عدادات للمشتركين، لإنهاء حالة الاستغلال التي يمارسها هؤلاء على المواطنين.
وحتى الساعة يبدو أن الوزارات المعنية قد حسمت أمرها في دخول هذه المواجهة، تركيب العدادات قبل الأول من تشرين المقبل، الالتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، وإلا...
ومهد لهذه المواجهة اللقاء المشترك بين وزراء الطاقة والداخلية والاقتصاد، سيزار أبي خليل، ونهاد المشنوق، ورائد خوري، وهو اللقاء الذي وجه فيه الوزراء الثلاثة رسالة واضحة لأصحاب العدادات لرفع الغبن عن المواطن، مهددين باستعمال القوة في حالات التمرّد.
قبل أيام أعلن أصحاب المولدات الكهربائية عن عدم تقبلهم للتسعيرة التي وضعتها وزارة الطاقة لشهر تموز 2018، وتوعدوا بالتصعيد، إذ سعرت وزارة الطاقة ساعة القطع بـ 338 ل.ل، وهي التسعيرة التي "لم تحترم الجدول المعتمد للتسعير منذ سنوات"، برأيهم، فتم تخفيض سعر ساعة القطع، في الوقت الذي ارتفع فيه سعر صفيحة المازوت الى 19,687 ل.ل، وهو الأمر الذي بررته "الطاقة" بارتفاع عدد ساعات القطع التي بلغت 400 ساعة لشهر تموز، وهو معيار يتم أخذه بعين الاعتبار في عملية التسعير.
وخلال الساعات الأخيرة، وحسب تصريحات صدرت عن أصحاب المولدات، بدى أنهم تراجعوا عن لغتهم التهديدية في العلن، وبدأوا يطالبون بحوار حول تسعيرة علمية، لكن في الكواليس يستمر التهديد والوعيد واللعب على حاجة اللبناني للكهرباء في ظل عجز الدولة عن تأمين التغذية الكهربائية المستدامة.
وعلم "ليبانون ديبايت" من مصادر مواكبة لتحركات أصحاب المولدات، أنهم يستمرون بممارسة سياسة الترهيب ويقومون ينشرونها بين المواطنين، في محاولةٍ منهم للتأسيس لمواجهة مرتقبة بين المواطن والدولة. إذ يحاولون إيهام المشترك بأن العدادات ستزيد من مصروفهم الكهربائي وبالتالي سترتفع فواتيرهم لحدودٍ لم تصل لها من قبل. علماً أنه وفي جولة سريعة على بعض المناطق التي يعتمد فيها أصحاب المولدات محاسبة المشتركين على أساس عداد كهربائي فرضته بعض البلديات عليها، يتبين أن هذه التخريجة تجعل المواطن بمأمن عن أطماع أصحاب الموتورات. وبمقارنة بين الفواتير التي تعتمد عدادات وأخرى لا تعتمدها، يتبين أن العداد قد يوفر أكثر من 60 في المئة على المواطن.
كما ويهددون الناس بقطع التيار الكهربائي عنهم إذا ما فرضت عليهم الوزارات المعنية تركيب العدادات بالقوة، الأمر الذي قد يجعل من الناس من حيث لا يدرون أداةً طيعة للدخول في مواجهة مع الدولة يخوضونها باسم أصحاب المولدات ليس حباً بهم وليس تكريساً لاحتكاراتهم وأطماعهم بل طلباً للكهرباء.
وأكدت المصادر أن في خلفيات هذا الكباش الذي يلوح في الأفق رائحة صراع سياسي، إذ أن جهات حزبية مسيحية وإسلامية داعمة لمافيا المولدات، تحاول استخدام المواجهة المرتقبة لمآرب سياسية، كونها تجمعها علاقة سياسية متوترة مع التيار الذي يتحكم اليوم بوزارتي الطاقة والاقتصاد.
وعن هذه المواجهة، يؤكد الوزير خوري لـ "ليبانون ديبايت" أنه سوف يتم التنسيق الكامل بين وزارتي الاقتصاد والداخلية والبلديات لتطبيق القرار، وعند رفض البعض تطبيق القرار سيكون لكل حالة علاجها ولكل مواجهة تدبيرها "فالدولة ستضرب بيد من حديد، وهي متضامنة بجميع أجهزتها، من البلديات إلى وزارة الاقتصاد وحماية المستهلك والقوى الأمنية".
لكن ماذا لو طبق أصحاب المولدات تهديدهم بإغراق لبنان بالعتمة؟ يجيب خوري "الدولة ستكون بالمرصاد بوجه أي تصعيد، والبلديات ستكون في المرصاد بالدرجة الأولى لأن أصحاب المولدات يستعملون أراضي الدولة ويمددون أسلاك الكهرباء الخاصة بهم في مناطق عامة، ويستعملون البنى التحتية للدولة اللبنانية، وفي حال لم يطبقوا القانون فللدولة الحق، لا سيما البلديات، بأن تأخذ اجراءات بحق المخالفين، قد تصل لمصادرة المولد".
وعن التكاتف والتضامن بين الوزارات المعنية، يقول خوري "مراقبو وزارة الاقتصاد لا يستطيعون القيام بهذا الحمل لوحدهم، لذلك توجهت الى وزارة الداخلية والبلدية وطلبت منها التعاون لتطبيق القانون وعتق رقبة اللبنانيين من الغبن الواقع عليهم من أصحاب المولدات".
ربما للمرة الأولى يشعر اللبناني أن لديه دولة تطالب برفع الظلم عنه، فهل ستكون على قدر المواجهة، أم أنها ستخيب آماله كما فعلت في كل المحطات المعيشية السابقة؟ ما علينا إلا الانتظار، فإن الأول من تشرين لناظره قريب.