قبيل الانتخابات النيابية قلت: إن الاستحقاق الحقيقي هو بعد الانتخابات وهو بالتحديد تشكيل الحكومة، وسيكون فيه الكثير من الصعوبة، لأن الانتخابات بهذا القانون هي شبه مسرحية. آنذاك قيل لي: إن التسوية التي أتت بفخامة الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية وأنتجت قانون الانتخابات النيابية المشؤوم هي نفسها ستشكل الحكومة. وبقيت على موقفي أن تشكيل الحكومة سيكون بالغ الصعوبة والتعقيد. قناعتي هذه ليست لأنني أعرف ككل اللبنانيين أن لا شيء في لبنان بعيد عن التأثير الخارجي ومصالح الدول الإقليمية والغربية. قناعتي هذه ناتجة من معرفتي بمستوى العقل السياسي اللبناني وكيفية تعاطي هذا العقل الذي يسيطر على معظم السياسيين اللبنانيين. إن معظم الأحزاب التي تشكل السلطة في لبنان فقدت دورها في العمل السياسي والحزبي منذ زمن بعيد وتحولت إلى شبه شركات يملكها أشخاص ويرثها أولادهم أو أقرباؤهم، ما يعني أن هذه الأحزاب لم تعد قادرة على إنتاج قيادات وكوادر سياسية جديدة وفعالة، وإذا كانت قادرة، فهي لا تملك الثقة بهذه القيادات والطاقات. لذلك دائماً يكون الوريث من أبناء رئيس هذا الحزب أو ذاك، أو أحد أقربائه في أحسن الظروف. هذه الأحزاب، أحزاب ما قبل الطائف معظمها كان مشاركاً في الحروب الداخلية أو له دور فيها، والأحزاب التي أنشئت بعد الطائف لم يكن لديها شخصية سياسية مستقلة، وكانت دائماً تابعة للأحزاب الأكبر منها سنّاً وحجماً ونفوذاً، وبالتالي لم تستطع تلك الأحزاب أن يكون لها برنامج سياسي خارج معادلة الأحزاب الكبيرة، لأن الأحزاب الكبيرة تملك المال والنفوذ والعلاقات الخارجية. لذلك لم تستطع تلك الأحزاب الناشئة أن تغرّد خارج سرب الانقسام العمودي الذي يتقاسم أدواره أحزاب السلطة والذي يرافق حياة اللبنانيين. الأحزاب التي تشكل السلطة في لبنان تحرص دائماً على إبقاء هذا الانقسام على قضايا كبرى بالغة التعقيد، ودائماً هناك طرف غير مستعد للتنازل حتى لو كان التنازل لمصلحة البلد كله، والأمثلة كثيرة ليس آخرها ملف النزوح السوري والعلاقة مع سوريا إلخ. وتبقى القضايا الحياتية والمطلبية عالقة على تلك الملفات المعقدة أو تنتهي بصفقات مريبة. هذه الأحزاب وتلك الشخصيات وأولئك الورثة إذا تمكنوا من تشكيل حكومة فهم سيشكلون حكومة تقاسم حصص ونفوذ، ولن يتمكنوا من تشكيل حكومة تحكم بعدالة وتعمل بإخلاص لمصلحة المواطنين، فمعظم الفرقاء يتحدثون عن أحجامهم ويعتبرون الوزارات حقاً مكتسباً وشرعياً لهم ولأحزابهم. وهذه العقلية المقفلة لا يمكن أن تنتج حلولاً لأي أزمة، لأنها لا تبحث عن الكفاءة والاختصاص، بل عن المطيع لأمر وليّه. فكيف لعاقل أن يقتنع أن هذه الأحزاب بعقليتها الشخصية والرجعية والانعزالية والطائفية بعنصرية أن تجد حلولاً لمشاكل البلد؟! وكيف لعاقل أن يقتنع أن هذه العقلية في إدارة شؤون الناس وملفاتهم ستنتج واقعاً افضل من الذي نحن فيه؟!
تجربتنا مع الأحزاب
تجربتنا مع الأحزابلبنان الجديد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
النهار
|
عدد القراء:
661
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro