تستبعد موسكو أن تشارك واشنطن في إعادة إعمار سوريا من دون حل سياسي. مع ان الروس، وفقأ لمصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع، يريدون من الولايات المتحدة أكثر من مجرّد تمويل عودة النازحين التي يتحركون هم لإنجازها، وذلك في إطار ضمانات من النظام يتحدثون عنها لعودة النازحين.
ويعوّل الروس في هذه المسألة على تمويل العودة، إنما طموحهم أن يُجهّز الاميركيون المناطق التي سيعود اليها السوريون وإعمارها، وهناك برنامج روسي لتمويل العودة وإعادة الإعمار، وقد وضعته موسكو ليس فقط لمساهماتها بل ايضاً لدعوة الاميركيين للمساهمة، اذ ان روسيا ليست قادرة على اعادة الاعمار، وتعتقد ان الولايات المتحدة والمجتمع الدولي هما القادران على ذلك.
الضمانة للعودة، بحسب المصادر، هي الوجود الروسي. وفي اطار هذه الضمانة، هذا الوجود سيعمل على تحجيم الوجود الايراني والدور الايراني في سوريا. فكلما اعاد الروس نازحين الى سوريا كلما ضعف الدور الايراني وجرى تحجيمه. مع الاشارة بحسب المصادر، الى ان ايران ليس لديها مصلحة بعودة النازحين، لكن لا يمكنها تخطي موقف روسيا في هذا الشأن، وضمانة عودتهم هي لدى روسيا.
وبلورة هذا التوجه بهذا الشكل، هي من بين التفاهمات التي حصلت خلال القمة الاميركية - الروسية في هلسنكي في ١٦ تموز الماضي. وتحت البند العريض، التفاهم حول امن اسرائيل، حصل اتفاق على خروج ايران من سوريا. وامن اسرائيل يعني خروج ايران من هذا البلد. وفي المرحلة الاولى ابعاد ايران١٠٠ كلم عن الحدود السورية - الاسرائيلية. كما انه حصل تفاهم حول الحدود السورية - العراقية، ولا سيما قاعدة التنف الاميركية، ويجب الانتظار لمعرفة تطورات الوضع هناك على الارض كما جرى التفاهم على موضوع النازحين. وهذا الموضوع تأكد لدى بحث القمة للملف اللبناني، اي ان هذا الملف يعني ازمة النازحين ووجوب حلها، انطلاقاً من الاستقرار الذي يتفق حوله الاميركيون والروس بالنسبة الى الوضع اللبناني. وموضوع اخراج التشكيلة الحكومية ليس مرتبطاً بشكل مباشر بالسعي لحل ازمة النازحين الآن، وان كان هذا الحل يحتاج الى حكومة لتولي امره.
هناك استعجال روسي لمعالجة ملف النازحين لا سيما اعادة ٨٩٠ الف نازح الى ديارهم بحسب ما تم التفاهم حوله في القمة. ليس من تواريخ محددة لذلك سلفاً، انما يرى الروس ان خطوة اعادة النازحين تقوّي موقفهم في الداخل السوري وتعززه.
ولا يستطيع الروس، بحسب المصادر، فرض اقامة لبنان لعلاقة مع النظام على مستوى حكومتين. والرئيس المكلّف سعد الحريري لا يريد تواصلاً مع النظام، لا سيما في موضوع انشاء اللجنة المشتركة الامنية لاعادة النازحين. بل يريدها على مستوى تقني امني. وهذا الامر في الاساس يقرره رئيس مجلس الوزراء، ولا يمكن لاي مسؤول الذهاب ابعد من موقفه. وعندما يشكل الجانب اللبناني في اللجنة، سيبلغ الروس تفاصيل ذلك.
الروس يريدون في سوريا ان يبدأوا بالقطاف السياسي والاقتصادي. ويطمحون إلى ان يشارك شركاؤهم، خصوصاً الاميركيون الذين بدأوا تفاهماً معهم، في الاعمار، والدفع بالتزامن مع الحل السياسي، ويريدون ايضاً الاستثمار في سوريا خلال وجودهم هناك.
الولايات المتحدة اعترفت بأن روسيا قدمت اليها مشروعاً للمساعدة والمشاركة في اعمار سوريا. وقد اشترطت وجود حل سياسي هناك لكن اذا اعترفت الولايات المتحدة باللجنة الدستورية التي يتم العمل لها لسوريا، واجراء انتخابات برعاية الامم المتحدة، فان ذلك يسهِّل مشاركتها في اعادة الاعمار. والمصادر الديبلوماسية تقول ان اجراء الانتخابات مهما نتج عنه، قد يجعل واشنطن تشارك في الاعمار.