فوجئت أوساط سياسية متابعة لعملية تأليف الحكومة مما وصفته «ببرودة رئاسية» بين بعبدا وبيت الوسط، على خلفية «الركود» الذي يصيب عملية التأليف، وتمنع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من التواصل، في محاولة لحلحلة العقد الآخذة بالتعقيد، في ضوء تمسك كل فريق سياسي «بحقوقه» التي يراها، ولا يرى غيرها، الأمر الذي يطرح علامات استفهام عن كيفية الخروج من المأزق.
ولاحظت المصادر ان المأزق تجاوز قضية المطالب التي تدلي بها الكتل، أياً كانت احجامها، إلى خيارات سياسية بأبعاد محلية وإقليمية، أبرزها العلاقة المستقبلية مع سوريا بعد تعويم نظام الرئيس بشار الأسد.
وعلمت «اللواء» ان كتلة المستقبل التي تجتمع برئاسة الرئيس الحريري عند الخامسة من بعد ظهر اليوم، ستتطرق إلى الظروف المحيطة بتأليف الحكومة.
وأشار مصدر مطلع إلى ان موقف الكتلة سيتبنى موقف الرئيس الحريري الذي سيعلنه خلال الاجتماع، ويعتبر بمثابة ردّ على تحميله مسؤولية تأخير تأليف الحكومة.
تفسيرات مختلفة
وبمعزل عن مسار الأسباب التي أدّت إلى الوضع الراهن، فإن المصادر الرئاسية تختلف في تفسير «الموجة الباردة» التي تضرب التأليف، وعما إذا كانت مرتبطة بعوامل خارجية او بحسابات داخلية، غير قابلة للتراجع أو الحلحلة.
ولاحظت مصادر نيابية في كتلة كبرى ان العقد الثلاث ما تزال هي هي منذ الأيام الأولى للتكليف.
وقال وزير على خط الاتصالات لـ«اللواء»: ان «القوات اللبنانية» لديها شبه اقتناع بأن طريق العهد ليس بوارد الموافقة على إسناد حقيبة سيادية لها، أو ان تزيد حصتها عن ثلاثة.
ورأى الوزير المذكور رداً على سؤال لـ«اللواء» ان ثمة مخاوف من ان تكون «المطالب التعجيزية» التي تلف حول رقبة التكليف، تهدف إلى سحب تكليف الرئيس الحريري.
وفي ضوء تطورات الأسبوع الماضي، وما يصدر سواء نقلاً عن زوّار أو عن مصادر بعبدا يُشير إلى ان التسوية السياسية استفدت اغراضها، ودخلت في «سبات عميق».
زوار بعبدا
وسط هذه الأجواء، كان الملفت للاهتمام ما نسبته قناة الـ«NBN» لزوار ​بعبدا أنه «بعد شهرين ونصف على التكليف لاّ مبرر للتأخير والحكومة يجب أن تكون إنعكاساً للمجلس النيابي مع وجود جهاتٍ سياسية تريد احتكار تمثيل طائفة وأخرى تريد زيادة عن حجمها وهو ما ترى فيه الرئاسة الأولى إلغاءً لنتائج الإنتخابات»، مشيرين إلى أن «خيارين لا ثالث لهما أمام الرئيس المكلف إما حكومةُ وحدةٍ وطنية تحترم المعايير الإنتخابية وإما حكومة أكثرية تُشكل في كثير من بلدان العالم ويؤكد من اطلع على أجواء بعبدا في الساعات الأخيرة أن رئيس الجمهورية لا يفهم الأسباب التي تؤخر تأليف الحكومة، فالحريري لم يقدم حتى الآن تشكيلة لأسباب يعرفها هو وحده».
ونقل زوار الرئيس عون عنه» إرتياحه إلى الأجواء التي سادت لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري مع رئيس تكتل ​لبنان​ القوي ​جبران باسيل​ ويقول إن الأمور هكذا تكون قد عادت إلى طبيعتها ومن دون تشنجات الإختلاف بالرأي لا يجب أن يغير بالعلاقات أما العلاقة بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب فهي ممتازة ولم تمر أبداً بتوترات وعن التنسيق مع ​سوريا​ ، أكد الرئيس عون أمام زواره أنه حان وقت التفكير بإزالة الحواجز بين لبنان وسوريا لمصلحة لبنان الإقتصادية خصوصاً وأن علاقة دبلوماسية تربط البلدين».
بالمقابل نقل عن مصدر نيابي رفيع، رفضه إعطاء باسيل الثلث المعطل في الحكومة.
ماريو عون: الرئيس ينتظر
وفي السياق، اعلن نائب تكتل لبنان القوي ماريو عون في تصريح لـ«اللواء» ان ما قاله النائب ايلي الفرزلي حول تحول التكتل الى جبهة معارضة هو رأي شخصي. واعتبر ان الموضوع الحكومي لا يزال على حاله والعرقلة لا زالت من كل من التقدمي الاشتراكي الذي يريد الاستئثار والتفرد ومن القوات التي تريد مقاعد وزارية تفوق الثلاثة. ولاحظ ان نفس الرئيس المكلف طويل وان الموضوع يتعلق به وبالكتلتين المعرقلتين. ورأى ان مطالب التيار الوطني الحر يعرفها الحريري الذي «لو كان بدو شي منا كان فكر بالتواصل مع رئيس التيار». واذ اشار عون الى اننا لا نزال ضمن المهلة المقبولة في التأليف اعتبر ان. الرئيس الحريري ربما يترك المجال كي يبدل الاشتراكي والقوات موقفهما. اكد انه عندما يستدركان ما قد يحصل بفعل التشبث بمواقفهما من الممكن ان يعمدا الى معالجة الوضع. واعلن ان رئيس الجمهورية ينتظر ما يمكن ان يقدمه الحريري لإبداء رأيه وانه يسهل وما زال متمسكا بحكومة الوحدة الوطنية. وعن حكومة الأكثرية قال: لسنا وحدنا لنتخذ القرار مع العلم انها ليست بقرار.
عين التينة: أسئلة بلا أجوبة
من عين التينة، يُؤكّد زوّار الرئاسة الثالثة أن الوضع الراهن صعب سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وكأنه بات ميؤوساً منه لانسداد أفق المرحلة ورفض الناس الحوار، وتمسكهم بما يسمونه حقوقا ومطالب وتناسيهم مصلحة البلد.
وينقل الزوار عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحذيره من هذا الجمود القاتل الذي يزيد الأزمات تعقيداً والأوضاع تدهوراً في حين المطلوب سريعاً حكومة تواجه تداعيات ما يُرسم ويجري في المنطقة.
وعن لقائه ووزير الخارجية رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل وما أعطي من أبعاد سياسية واقليمية يلفت بري بحسب الزوار انه لم يتعد إطار كسر الجليد بين الجانبين ولم تتبعه اي ترجمة وحتى اتصال من أوساط «أمل» و«التيار»، علماً ان باب عين التينة هو كالعادة مفتوح امام الجميع.
في بيت الوسط، بدا ان الرئيس الحريري غاب  عن صورة الاتصالات، واوكل المهمة الى مستشاره الوزير الدكتور غطاس خوري.
 واكد وزير الاعلام ملحم رياشي لـ«اللواء» حصول الاجتماع الثلاثي بينه وبين الوزير غطاس خوري وعضو اللقاء الديمرقراطي النائب وائل ابو فاعور. ووصفه بال «منيح كتير». لكنه تكتم على تفاصيل ما جرى. في حين لم تشر المعلومات الى اي تقدم فعلي يمكن ان يبنى عليه قريبا بسبب تمسك «القوات» والحزب التقدمي بمطالبهما بعدد الحقائب قبل البحث الجدي في نوعيتها.
 كما اكد مستشار رئيس الجمهورية عضو «تكتل لبنان» القوي النائب الياس بوصعب لـ«اللواء» ان لا جديد لديه حول موضوع الحكومة، وانه لم يعرف بعد تفاصيل ما جرى في الاجتماع الثلاثي.
التقدمي: لسنا مسؤولين عن العقد
وفي هذا الاطار، من الملاحظ ان كل فريق سياسي يرمي طابة التأليف الى ملعب الفريق الاخر، لا سيما في ملعب الرئيس الحريري الذي هو ابعد ما يكون في موضوع العرقلة، لا سيما انه لا يزال يسعى منذ اليوم الاول لتكليفه على تشكيل حكومة وفاق وطني يتمثل بها الجميع بشكل متوازن، وعلى قاعدة عدم انتصار فريق على فريق اخر، ولكن الملاحظ انه كلما اقترب الرئيس الحريري من الوصول الى صيغ توافقية مقبولة، توضع العصيّ مجددا في دواليب قطار التأليف ، ورغم ذلك فإن الرئيس المكلف لا يزال يتمتع بالصبر والبال الطويل ، ويعود ليستأنف اتصالاته ومشاوراته من المربع الاول الذي يعود اليه بسبب العراقيل الموضوعة امامه، ليسعى مرة جديدة الى الوصول الى تفاهمات مشتركة تنقذ البلد من ما قد ينتظرها من اوضاع اكثر صعوبة في حال استمر وضع العقد على حالها.
وتنفي مصادر اشتراكية لـ «اللواء» ان يكون الحزب هو المسؤول عن عقد التأليف، وبالتالي تشكيل الحكومة، وترى المصادر الى ان الامور لا تزال على حالها ولم يطرأ اي جديد ايجابي على صعيد ملف الحكومة، وجددت المصادر تأكيدها بأن مطالبتها بالتمثيل الدرزي داخل الحكومة حق طبيعي لها، بعد ما افرزته صناديق الاقتراع في الانتخابات النيابية، مشيرة الى انها لا يمكن ان تتنازل عن هذا الحق، ولا تعير المصادر اهتمام للقاء بين الوزير باسيل والنائب طلال أرسلان، الذي اعتبر ان أي مذهب يحتكر بشخص أو خط سياسي واحد يعطل الميثاقية لعمل الحكومة، وهذا يعتبر مساً بالمحرمات.
سلامة: استقرار الليرة والإصلاح المالي
نقدياً،  أكد رياض سلامة محافظ مصرف لبنان المركزي لـ(رويترز) إن الليرة اللبنانية مستقرة وإن لدى البنك المركزي الوسائل لحماية استقرارها مطالبا بإجراء إصلاحات مالية لتعزيز الاستقرار النقدي.
وقال سلامة في مقابلة مع رويترز إن البنك المركزي ليس قلقا بشأن الليرة المربوطة عند سعر الصرف الحالي منذ 1997 رغم ”الكثير من الشائعات".
وتابع سلامة الذي يشغل منصب حاكم مصرف لبنان المركزي منذ 25 عاما «أنظارنا مصوبة نحو الاستقرار على الصعيد النقدي وذلك الاستقرار سيتعزز في حالة البدء في إصلاحات لتقليص عجز الميزانية».
وقال سلامة إنه ليس صحيحا أن لبنان يتجه صوب أزمة مالية مضيفا أنه كانت هناك شائعات تهدف إلى «خلق حالة من الخوف... وخفض الثقة في الاستقرار».
ومن المتوقع أن ترتفع الودائع لدى البنوك ما بين أربعة وخمسة بالمئة هذا العام، وهو ما قال سلامة إنه «مقبول للبنان».
وأضاف أن التحويلات، وهي إحدى دعائم الاقتصاد، مستقرة وكذلك القروض المتعثرة مستقرة عند 3.5 بالمئة.
وردا على سؤال عن أفق أسعار الفائدة، قال سلامة إن المعدلات الحالية «ملائمة» وما زالت تحقق للمودعين عائدا بعد أخذ معدل تضخم للعام بنحو خمسة بالمئة في الحسبان.
وتابع أن بنوك القطاع الخاص تقدم فائدة مرتفعة لزيادة ودائعها بالليرة اللبنانية.
وردا على سؤال عما إذا كانت هناك خطط لمزيد من المبادلات، قال سلامة «لا، ليست لدينا النية لذلك لأن ميزان المدفوعات يسجل أداء حسنا نسبيا. كنا نأمل في مزيد من الفائض. لدينا عجز طفيف، لكن ليس للدرجة التي تستدعي عملية مبادلة جديدة».
الكهرباء: لملمة ومولدات
على صعيد التداعيات، عقد ليل أمس اجتماع في مكتب المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في الضاحية الجنوبية، حضره عن حركة «امل» الحاج حسين خليل وأحمد البعلبكي، والمعاون السياسي ووفيق صفا عن حزب الله.
تطرق البحث خلال الاجتماع إلى تداعيات مغادرة الباخر، «اسراء سلطانة» المخصصة لانتاج الطاقة الكهربائية، وزيادة ساعات التغذية لفترة ثلاثة أشهر تنتهي في 18 ت1 المقبل مياه الزهراني إلى الزوق، حيث كانت غادرت صباحا على ان ترسو قبالة المعمل، وتبدأ بالعمل بانتاج الطاقة بين مساء غدا الأربعاء وصباح بعد غد الخميس.
وجاء التطرق من زاوية «وجهات النظر بموضوع الكهرباء التي تناولها الكثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي سواء عن حسن نية أو عن سوء نية وارفقت بتحليلات إعلامية في محاولة مكشوفة لإثارة الاختلافات بين الطرفين.
وأكّد الطرفان على متانة العلاقة التي ترسخت في الاستحقاقات وموقفهما المشترك في مقاربة واحدة للملفات الوطنية والسياسية والإنمائية وتنظيم هذا الامر من خلال الهيئات المختصة.
وفي صيدا، في إطار متابعتها للقضايا الحياتية، التي تهم المواطنين في مدينة صيدا وجوارها، لا سيما مشكلة التقنين بالتغذية بالتيار الكهربائي، عقدت النائب بهية الحريري في مجدليون اجتماعا مع محافظ الجنوب منصور ضو ورئيس بلدية صيدا المهندس محمّد السعودي ورئيس مصلحة مؤسسة كهرباء لبنان في الجنوب المهندس سامر عبد الله في حضور قائد منطقة الجنوب الإقليمية للدرك العميد سمير شحادة.
وجرى خلال الاجتماع البحث في واقع التغذية بالتيار الكهربائي في مدينة صيدا، إلى جانب موضوع المولدات في ضوء التعرفة الصادرة عن وزارة الطاقة.
وأكّد المجتمعون «ضرورة التزام أصحاب المولدات بهذه التعرفة اسوة بباقي المناطق وعلى إلزامية تركيب العدادات في المدينة ضمن المهلة التي حددها وزير الاقتصاد».