يُلاحظ تزايد متصاعد لانعدام الثقة بين السياسيين والاقتصاديين بالمقارنة مع الفترات السابقة. ورغم حرص السياسيين الكبار على وجود مستشارين اقتصاديين بالقرب منهم، الا انهم نادرا جدا ما يصغون اليهم بجدية. ويعتبر الرئيس الاميركي نموذجا واضحا لهذا الوضع، وخصوصا على صعيد الحرب التجارية التي يقودها.
ويتهّم البعض الاقتصاديين بأنهم لم يكونوا يوما صادقين ومخلصين بما فيه الكفاية. كما ان تراجع الثقة بهم يعود الى انهم لم يتقدموا بحلول مفيدة للمشاكل الكبيرة التي يواجهها السياسيون.
فغالبية الاقتصاديين فشلوا في توقع حصول الأزمات المالية الكبرى. كما ان النظريات الاقتصادية التي طبقت ودُرّست لعقود من الزمن لم تعد صالحة. كما وفشل الاقتصاديون في تقديم حلول لمساعدة البنوك المركزية لاعادة نسبة التضخّم الى 2%. كما ان فشل الاقتصاديين في ايجاد حلول للبطالة كان واضحا وقاسيا ايضا.
اكتفت النظريات الاقتصادية في العمل على تخفيض نسبة البطالة دون الاهتمام بنوعية الفرص الوظيفية الجديدة، والتي كانت نتيجتها اضطرار الكثيرين للقيام بعدة وظائف في الوقت نفسه للشعور بالاكتفاء المادي المطلوب والضروري.
وكان ذلك من الاسباب الرئيسية لتصويت 80% من البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوروبي . فالنظرية الاقتصادية التقليدية في ايجاد عمل فقط لم تعد كافية كونها لم تعر اهتماما لمعاييراخرى مثل الاجر والتحفيز والتطور.
لم يكن انطلاق ديناميكية البركسيت ووصول الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى سدة الرئاسة نتيجة توجيهات وجهود رجال الاقتصاد فقط. وتناول كل ذلك اعادة توزيع السلطة بين السياسيين والاقتصاديين وما لذلك من تداعيات على الاقتصاد بشكل عام.
تبرز الهجرة كعامل رئيسي مهم لاظهار فشل النظريات الاقتصادية التقليدية. ولسنوات كثيرة كان الاقتصاديون يتكلمون عن اهمية وفوائد الهجرة للدول المضيفة اي التي تستقبل المهاجرين. لكن الاقتصاديين فشلوا في توقع الاثر السلبي على المواطنين الاصليين الذين باتوا يعانون من المنافسة على الوظائف المتوفرة .
كما باتوا يواجهون صعوبات في ايجاد مدارس لاولادهم. وفي حين كان للهجرة فوائد على مستوى الدولة والاقتصاد العام بحسب الاقتصاديين، الا ان تداعياتها الحقيقية لم تكن كذلك على اهل البلاد الذين باتوا يشعرون بأن بلادهم لم تعد لهم. والاهم ان الاقتصاديين فشلوا في فهم وشرح الشعور العام ازاء الهجرة.
من جهة اخرى، فشل الاقتصاديون في تقديم التوصيات المناسبة لمساعدة البنوك المركزية لتجنّب وقوع العالم في فترة ركود اقتصادي جديد وللتوصل الى تعافي اقتصادي مقبول دون اللجوء الى سياسات التيسير الكمي وتوزيع احجام عملاقة من الاموال والسيولة الرخيصة مع تخفيض الفائدة حتى الصفر وما دون الصفر ايضا. انها حلول نقدية مصرفية وليست حلولا اقتصادية. كما لم يتمكن الاقتصاديون من تفسير تدني الاجور والانتاجية في الوقت نفسه وعلى نطاق واسع.
تشكو البنوك المركزية في كل من الاتحاد الاوروبي و الولايات المتحدة الاميركية واليابان واستراليا من ضعف نمو الاجور والذي لا يساعد في رفع نسبة التضخم المستهدفة والضرورية.
وتعاني الولايات المتحدة من هذا الامر رغم ان نسبة التوظيف مرتفعة جدا في الوقت الراهن، لكن قيمة الأجور تبقى دون المستويات المقبولة عموما. وقد بدأت اصوات الاقتصاديين تعلو مؤخرا لاستعادة التوازن على المستويات الضريبية من خلال تخفيض الضرائب على اليد العاملة وزيادتها على رؤؤس الاموال.
العملات
ارتفع الدولار للجلسة الرابعة على التوالي الجمعة مستفيدا من الاضطراب الناجم عن تصاعد النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة.
وقالت الصين إنها ستردّ إذا مضى الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدما في تهديده بزيادة رسوم جمركية على واردات صينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 بالمئة من عشرة بالمئة حاليا.
وامتدت المخاوف بشأن الأثر الذي سيكون لتلك الرسوم على النمو إلى الأسواق الآسيوية والأوروبية يوم الخميس، مع انخفاض أسواق الأسهم.
وتراجع اليورو يوم الجمعة الى أدنى مستوى في خمسة أسابيع عند 1.1577 دولار مع ارتفاع العملة الأميركية.
وانخفض اليوان الصيني مجددا في الأسواق الخارجية 0.4 بالمئة إلى 6.9064 يوان للدولار وهو أدنى مستوياته منذ أيار 2017.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل سلة من ست عملات، 0.2 بالمئة إلى 95.362، مبتعدا عن أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع ونصف الأسبوع الذي سجله الأسبوع الماضي عند 94.084.
وتعرّض الدولار الاسترالي، الذي يُنظر إليه كمؤشر على النمو الصيني بسبب اعتماد اقتصاد استراليا على التصدير إلى الصين، لضغوط في الوقت الذي تسببت فيه التوترات التجارية بين بكين وواشنطن في تقويض الانعكاسات الايجابية لبيانات مبيعات التجزئة. وانخفض الدولار الاسترالي الى أدنى مستوى في 11 يوما عند 0.7354 دولار أميركي.
وتراجع الجنيه الاسترليني ليجري تداوله عند 1.2985 دولار وهو أدنى مستوياته في 11 يوما.
الاسهم العالمية
ارتفعت الأسهم الأميركية الجمعة. وعلى مدى الأسبوع ارتفع المؤشران ستاندرد اند بورز 500 وناسداك المجمع بينما استقر داو جونز الصناعي دون تغير يذكر .
وبناء على أحدث البيانات المتاحة، صعد داو 135.81 نقطة بما يعادل 0.54 بالمئة ليصل إلى 25461.97 نقطة وزاد ستاندرد اند بورز 13.09 نقطة أو 0.46 بالمئة مسجلا 2840.31 نقطة وتقدم ناسداك 9.33 نقطة أو 0.12 بالمئة إلى 7812.02 نقطة.
رفعت نتائج الشركات، ولاسيما في قطاع البنوك، الأسهم الأوروبية يوم الجمعة في ختام أسبوع من التقلبات مع تشجع المستثمرين بعد أن أصبحت أبل أول شركة في العالم قيمتها تريليون دولار .
وأغلق المؤشر ستوكس 600 الأوروبي مرتفعا 0.7 بالمئة لكنه ختم معاملات الأسبوع على خسارة 0.5 بالمئة.
ونمت ربحية القطاع المصرفي عموما 22 بالمئة على أساس سنوي وتحسنت جودة الائتمان حسبما ذكر محللو غولدمان ساكس واصفين ربع السنة بالصحي للبنوك.
الذهب
انخفض الذهب الى أدنى مستوياته في نحو 17 شهرا بفعل ارتفاع الدولار مصحوبا بانخفاض العملة الصينية فيما يتوقع بعض المحللين تراجعا أكبر للمعدن الأصفر .
واستقر الذهب في المعاملات الفورية دون تغير يذكر عند 1207.56 دولار (الأونصة)، بعد أن تراجع في وقت سابق الى أدنى مستوياته منذ 15 آذار من العام الماضي عند 1204 دولارات للأوقية. وفي خلال أسبوع، انخفض الذهب نحو 1.4 بالمئة.
وانخفض الذهب في العقود الأميركية الآجلة 0.4 بالمئة إلى 1215.70 دولارا للأونصة .
بالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، زادت الفضة 0.1 بالمئة في المعاملات الفورية إلى 15.32 دولارا للأونصة لكنها اتجهت نحو الانخفاض للأسبوع الثامن على التوالي في أطول سلسلة خسائر تتكبّدها منذ أواخر عام 2000 على الأقل.
وزاد البلاتين 0.2 بالمئة إلى 823.49 دولارا للأوقية فيما ارتفع البلاديوم 0.3% بالمئة إلى 914.50 دولارا للأوقية. لكن المعدنين أنهيا الاسبوع على خسائر.
النفط
تراجعت العقود الآجلة للخام الجمعة متخلية عن مكاسب الجلسة السابقة حيث ضغطت المخاوف التجارية على السوق وغذّت القلق في شأن الطلب.
وتحدّد سعر التسوية لعقود الخام الأميركي غرب تكساس الوسيط على انخفاض 47 سنتا عند 68.49 دولارا للبرميل. وتراجعت عقود خام برنت 24 سنتا عن الإغلاق السابق ليبلغ سعر التسوية 73.21 دولارا للبرميل.
وانخفض الخامين أكثر من دولار للبرميل لفترة وجيزة. وختم الخام الأميركي معاملات الأسبوع منخفضا 0.4 بالمئة بينما فقد برنت 1.5 بالمئة للفترة ذاتها.
وقال جيم ريتربوش المحلل في جالينا في ولاية إلينوي «الشعور هنا هو شعور بالقلق، وسيستمر ما دام لدينا عدم يقين في شأن العقوبات الإيرانية وعدم يقين في شأن الرسوم التجارية.
وتفاقم التراجع بفعل المخاوف المتعلقة بالطلب الصيني بعد أن خفّضت شركة النفط الوطنية الصينية العملاقة سينوبك مشترياتها من الخام الأميركي.
وقال وارين باترسون محلل أسواق السلع الأولية في «آي.ان.جي» أن «الطلب الصيني من شركات التكرير المستقلة منخفض أيضا وتصاعد الحرب التجارية لا يساعد المعنويات هو الآخر».