لم يقنع بيان حركة أمل الجنوبيين الذين استمروا في إدانتهم لموقف الحركة من الباخرة المزعوبة من الزهراني لأسباب مبهمة في ظل انقطاع متزايد لكهرباء الدولة وقد ترك عنان التعليق على البيان الحركي ومن ثمّ على ما صرح به وزير المالية مفتوحاً على أسباب عائدة بالفائدة لبائعي ولأصحاب الموتورات والمتاجرين بالمازوت في صور كاريكاتيرية مبكية ومضحكة في آن معاً وقد شهدت جلسات الجنوب نقاشات واسعة وحادة وهادئة حول قرار الحركة من الباخرة التي كانت ستنوّر الجنوب لثلاثة أشهر دون مقابل .
طبعاً المتصيّدون في ماء أمل بالغوا في تعكير المياه الجارية لأسباب سياسية قبل الأسباب الكهربائية وخاصة من قبل حلفاء أمل الذين أمطروا الحركة ورئيسها بانتقادات ساخنة لحرمان الجنوب من البناء بعد أن تركت أمل الحزب وحيداً في الحماية لذا كانت جماعة نحمي ونبني سليطة اللسان على موقف الحركة من الباخرة التي رست على شواطىء الزهراني بسعي حثيث من قبل نوّاب نحمي ونبني طالما أن الأمر متعلق بتيّار وزير الخارجية فللحزب سبيل الى وصول الباخرة الى منطقة الزهراني .
لم تُحسن أمل الدفاع عن موقفها من موضوع الباخرة لذا بدت ضعيفة أمام الانتقادات الجنوبية الطاعنة طوعاً أو قسراً بخطوة الحركة غير المبررة لذا استغل المستغلون وضع العتمة و أسبابها الحركية لتأكيد معاناة الجنوبيين بفعل مسؤولية حركة أمل المباشرة باعتبارها حركة السلطة ومن بيدها الأمر في الدولة في ظل مسؤولية حزب الله كشاهد عيان على دور أمل في الخدمات المحصورة بيد الأستاذ الرئيس .
إقرأ أيضا : حكومة راوح مكانك
لقد كشفت الباخرة حجم المتضررين من سياسات الحركة التي تخفق في دورها المسؤول عن المحرومين وهذا ما أكل من جمهور الحركة لصالح الحزب والذي بدا واضحاً في نتائج الانتخابات النيابية والتي أعطت الحزب ما لم تعطِ الحركة بحيث منح الصوت التفضيلي لنوّاب الحزب الفارغين من أي خدمة كبيرة للجنوب وللجنوبيين مقابل خدمات نوّاب أمل .
لأن الرئيس نبيه بري خارج المنافسة لبُعد المسافة بينه وبين قيادات الطائفة كلها لا نوّاب الحزب فحسب ثمّة محاولة جديدة لوضع الرئيس بري في دائرة الإدانة المباشرة بتسليط الضوء على أخطاء أمل واعتبارها أخطاء الرئيس وقد بدأت مع حملة النائب السيّد ضدّ شيعة الدولة واستمرت معه باتهام مقربي الرئيس بالفساد ومن ثمّ تمّ اختيار الباخرة كهدف رئيس لإصابة الرئيس لا الحركة فقط ولم يحسن صُنّاع الرئيس من صدّ الهجمة المدروسة كون المسألة متصلة بحاجات الجنوبيين فأزمتيّ الماء و الكهرباء أمّ الأزمات في الجنوب واللاعب بأسباب انقطاعهما مهدور موقفه ولا إمكانية للدفاع عنه خاصة و أن الحزب لا يقف متفرجاً بالقدر الذي يحرك رماد المواقد ضدّ الرئيس لتبرير استقالته من الخدمة العامة .
ليس من قبيل الصدفة أن تأتي الهجمة الجديدة على الرئيس بري بعيد حضور الرئيس في مهرجانات صور والتي غذّت أدوار الفرح على أدوار البكاء في ظل تعميم ثقافة السواد ولأن رجال الدين الرافضين للفن لا يجرؤن على إدانة الرئيس وجدوا في الأخطاء الشائعة لأمل الوسيلة المطلوبة لاستهداف الرئيس لا حُباً بالماء أو بالكهرباء بل قناعة منهم بضرورة إلغاء الاتجاه الآخر في الجنوب والذي يتمايز في الدور و في السلوك والذي يحرص على عدم حصر الجنوب في زيّ حزبي معتم .
مهما قال المدافعون عن مواقف أمل ومهما جالوا في التبريرات وربطوا أموراً بأمور أخرى كما ذهبوا في استغلال الحزب لأخطاء الحركة لإصابة الرئيس يبقى أن سياسة التبريرات مفتوحة على احتمالات لا حصر لها وهذا ما يُبقي المواضيع الاجتماعية مفتوحة على أوجاع الناس ولا يُفيد تسيسها الناس بشيء وهي في منأى عن خلاف الإخوة على شبر من السلطة فكل رجائها أن يؤكد من يحمي ويبني أنه يحمي و يبني و أن من يرفع الحرمان أنه يُزيل الحرمان بنور الماء و الكهرباء بعد أن جفت مصادر الطاقة نتيجة الفساد الذي ظهر في البرّ و البحر بما كسبت أيدي المسؤولين .