لشدّة الألم والتعب والتبدّل في الهرمونات التي تصيب المرأة الحامل، والتي قد لا يعطيها بعض الرجال هذه الأهمّية، تتمنّى النساء لو أنّ ازواجهن باستطاعتهم الشعور بربع هذه التغيّرات ليصدّقوا حجمَ المعاناة التي تطالهنّ. ولكن ماذا إن تحوّلت هذه الأمنية الى واقع طبّي مبرهِن؟
تجعل فكرة الإنجاب الرجل يواجه العديد من المشاعر المتباينة بين السعادة والقلق، تماماً كما يحدث مع المرأة الحامل، فيشعر واحد من بين 4 رجال بعوارض الحمل المعروفة لدى النساء، والذي يُعرف علمياً بالإصابة بمتلازمة «كوفاد» (Couvade syndrome) الحمل التضامني كنوع من المشاركة اللاواعية والتضامن مع زوجته.
في هذا السياق، فسّرت الاختصاصية في علم النفس العيادي والأستاذة الجامعية الدكتور كارول سعادة عن هذه المتلازمة قائلةً «هي المظهر غير الطوعي لعوارض الحمل عند الرجل مع شريكته التي تنتظر طفلاً، ورغم ذلك لا تندرج هذه المتلازمة ضمن الاضطرابات الجسدية أو العقلية المعترَف بها طبّياً، ولا تظهر في صورة إصابات أو أمراض. بعض الدراسات يرجّح أن تكون أسباب ظهور هذه العوارض نفس- جسدية ونفسية، اضافةً الى التغيّرات في الهورمونات كزيادة في مستويات هرمون البرولاكتين، وهرمون الإوستروجين عند الرجال خلال الثلث الأول والأخير من شهور الحمل التسعة، ولكن مع مستويات منخفضة من هرمون التستوستيرون، وهرمون التوتر كورتيزول. ويتّسم الرجل الذي يصاب بعوارض المتلازمة بعد ذلك بالحنان الشديد تجاه أبنائه».
إنتفاخ البطن والغثيان
تتبع متلازمة «كوفاد» نمطاً زمنياً، يبدأ في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، قبل أن تختفي بصورة موقتة في الأشهر الثلاثة التالية، ثمّ تعاود الظهور مجدداً في الثلث الأخير من شهور الحمل، ويمكن أن تستمرّ عوارض هذه المتلازمة حتى ما بعد ولادة الطفل. أمّا عن العوارض الذي يشعر بها الأب فتعدّدها د. سعادة قائلةً: «هناك عدد من العوارض الجسدية كآلام البطن وانتفاخه، آلام الظهر، الخمول، الغثيان الصباحي، الشهيّة الشديدة لتناول الطعام، النفور الشديد. من جهة اخرى، تشمل العوارض النفسية الاكتئاب ما قبل الولادة، التقلّبات المزاجية، القلق، ضعف التركيز، تشتّت الانتباه».
دور الزوجة
عرضت الكثير من النظريات حول أصول متلازمة «كوفاد» ومع ذلك، فإن بعضاً منها، مثل التفسيرات الهرمونية، لم تخضع للبحث والتدقيق بصورة كافية، أمّا النظريات التي خضعت للبحث مثل الأسباب النفسية الاجتماعية، على سبيل المثال، فتُظهر بوضوح وجود نتائج متباينة ما يضعف الاستنتاج النهائي بأنّ هذه المتلازمة لا جذور لها، ويمكن للاتّجاهات المقترَحة للبحوث المستقبلية أن تركّز على الروابط الهرمونية فيها. في المقابل، تلعب الشريكة دوراً أساساً في هذا الموضوع بحسب د. سعادة التي اشارت الى أنّ «فكرة الإنجاب نفسها توتر مشاعر الرجل، تماماً كما يحدث مع المرأة الحامل، من هنا على الزوجة الحامل مهمة كبيرة في تخفيف توتر الرجل الذي ينتظر طفله الأول، فيجب أن تحاول إشراكه في كل تفاصيل الحمل من الحديث عن الطفل وشراء مستلزماته واصطحابه خلال زيارات الطبيب والأهم من ذلك جعله يشعر بين الحين والآخر بحركة الجنين في أحشائها عن طريق وضع يده على بطنها، لتعزيز الارتباط بينه وبين طفله حتى قبل أن يولد».
هل مِن علاج؟
في حال اراد الرجل الحصول على المساعدة الطبية فيمكن للمختص النفسي أن يكتشف السببَ المخفي للمتلازمة ويساعده على التأقلم معه. وختمت د. سعادة حديثها موضحةً أنه «في حال كانت شخصية الرجل تحمل الاستعداد للأمراض النفسية، يمكن عندها أن تتحوّل مشكلته الى حالة اكتئاب تتطلّب العلاج النفسي الجدّي والدوائي للحدّ من المضاعفات. وتفيد بعض العلاجات الطبيعية كالمغنسيوم والادوية العشبية المصاب وتساعده على الاسترخاء، اضافةً الى وسائل وتمارين الاسترخاء والتنفس. وقدمت د. سعادة بعض النصائح للتأقلم والسيطرة على عوارض المتلازمة قائلةً: «أولاً من المهم جدّاً أن يكون الرجل واعياً لهذه المتلازمة، وأن يفهم معاناته مع القلق النفسي والعوارض النفسية التي تحوّلت الى جسدية، ويجب أن يعمل ايضاً على تقبّل موقعه الجديد خلال الـ9 أشهر وأن يحضّرَ نفسه ليكون أباً على المستوى النفسي».