بينما كان الكثر ينتظرون حصول اجتماع حاسم بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، “هبط” باسيل بمظلة ايلي الفرزلي في عين التينة، حيث التقى الرئيس نبيه بري بعد قطيعة حادّة.
هذا التطور بَعثر الأوراق لدى من بنى حساباته على فرضية أن الأزمة بين رئيس مجلس النواب ووزير الخارجية باقية وتتمدد، وأن الإستثمار السياسي فيها مربح.
بصمتٍ وسرّية جرى تحضير جلسة “طرد الشياطين” وترميم الجسور، في انتظار أن تختبر التجارب الحيّة لاحقاً طبيعة المصالحة بين الرجلين، وما إذا كانت شكلية فقط أم أنها قابلة للتحول إلى “محطة توليد” للطاقة السياسية.
وحتى ذلك الحين، ماذا يقول باسيل عن لقاء المصالحة في عين التينة، وكيف يتوقع أن يكون مستقبل العلاقة مع “الشريك الإلزامي” نبيه بري؟
يؤكّد باسيل لـ”الجمهورية” أن اجتماعه بالرئيس بري “دشّن مرحلة جديدة في العلاقة بيننا وخربط حسابات البعض ممن كان يظن أنّ بإمكانه أن يستفيد من هذا الخلاف”. ويضيف: “ستكون هناك بعد الآن فرص للتعاون المشترك في مساحات واسعة على مستوى مجلس النواب والحكومة المقبلة، ويمكن القول إننا كأكبر تكتل نيابي وبري كرئيس لمجلس النواب ولكتلة وازنة سنشكل معاً ما يشبه الـ”دينامو” في السلطتين التشريعية والتنفيذية”.
ويتابع: “لا يعني ذلك أننا متفقون على كل شيء، إذ لكلٍ منّا خصوصيته، لكن المهم أن أي تمايز أو تباين، يجب أن يبقى محكوماً بقاعدة تنظيم الخلاف تحت سقف الاحترام المتبادل”.
ويلفت باسيل الى أنه حريص على الواقع الميثاقي في لبنان، “وما دام الشيعة يؤيّدون الرئيس بري فمن واجبي أن أحترم تلك الإرادة، وهذا ما عكسته من خلال طريقة مقاربتنا لجلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه”.
ويضيف: “في عز الإشتباك السياسي مع بري، كنت متأكداً من أننا سنلتقي مجدداً، وأن اللقاء بيننا حتمي عاجلاً أم آجلاً، لأنه وانطلاقاً مما يمثل ونمثل، لا بدّ لنا من أن نتعاون وأن نعرف كيف نتفق حتى نحقق إنجازات للبنان”.
ويشير باسيل الى ان هناك أموراً استراتيجية في البلد والمنطقة نتفاهم عليها مع بري، “وتلاقينا يمهّد لمواكبة الآتي على هذا الصعيد”.
ويستطرد قائلاً: “كما اننا طرفان متضرران من عرقلة تأليف الحكومة، ونشعر بقلق مشترك على البلد من هذا التأخير، وكلانا يعتقد ان ما يجري هو أبعد وأخطر من قصة المطالبة بوزير إضافي هنا او هناك، وبالتالي نحن نتفق على ضرورة استعجال الولادة الحكومية”.
ويعتبر باسيل، في هذا الصدد، أن “هناك من يستسهل الهروب إلى الأمام وتحميلي مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة وكأن جسمي لبّيس، بينما العِقد موجودة في مكان آخر”، لافتاً إلى أن تكرار اللقاءات بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يؤشر بوضوح الى مكمن العقدة المسيحية.
ويشدد باسيل على أهمية “ان نتشارك وبري في خوض معركة مكافحة الفساد الذي بات يشكل التحدّي الأكبر لنا جميعا”، منبهاً الى أنه “لم نعد نملك ترف الانتظار، واذا أظهرت القوى الاساسية جدّية في محاربة الفساد فإن الآخرين لن تكون لديهم القدرة على مواجهة هذا المسار”.