ما كان سيزار ابي خليل وزير الكهرباء الفاشلة، ليجلس كالطاووس على إحدى الشاشات ويحدّثنا عن انجاز "تاريخي" وعن حسن سير العمل في وزارته لولا بعض المعرقلين لها، ويقصد طبعاً الرئيس نبيه بري، مع اشادته الى تعاون حليفه حزب الله عبر نائب كتلة الوفاء للمقاومة نواف الموسوي، ما كان هذا ليحصل لولا الهجمة المبرمجة من جمهور الحزب على حركة أمل بسبب رفضها للباخرة المعجزة!
بعيدًا عن كل التفاصيل التقنية، وما قيل عن عدد الساعات التي سينعم بها الجنوبيون والتي تفاوتت بين 22 ساعة أو ساعتين فقط، ولمدة شهرين لا اكثر، بعيدا عن كل هذا يبقى أن الملفت بالموضوع هو هذا الهجوم الكاسح على صفحات التواصل الاجتماعي على حركة أمل، مع العلم ان مجلس بلدية الغازية، الرافض الأول للباخرة جاء بإجماع كل أعضائه ومن ضمنهم 6 أعضاء محسوبين على حزب الله.
فكيف نفهم أن 6 أعضاء لحزب الله بمجلس بلدية الغازية يرفضون الباخرة، فيما كان نائب الحزب نواف الموسوي بنفس الوقت يتوسط عند وزير الكهربا بابقائها والاستفادة منها؟!
إقرأ أيضًا: جنبلاط والقرد والحكومة ...
لا يمكن تفسير الأمر المخادع الا في سياق الهجمة على الرئيس بري ومحاولة إظهاره كمعرقل لوصول الكهرباء للجنوبيين، هذه الهجمة التي بدأت بالخفاء في الانتخابات النيابية الأخيرة وظهرت جلية بعد فرز الأصوات لتبدو الهوّة الكبيرة بفارق النتيجة بين أصوات (الحلفاء) نواب الحزب ونواب الحركة، ومن ثم حمل لواء الهجوم على بري النائب الجديد جميل السيد، وهي كانت ولا زالت ومستمرة من حليف حزب الله الأول التيار الوطني الحر.
لم تتنكر حركة أمل ببيانها لموقفها الرافض للباخرة، وقالت بكل وضوح أنها "تهمة لا ننكرها وشرف ندعيه"، وما كانت لتحتاج الى كل هذا التوضيح والبيانات والإعتصام قرب معمل الزهراني، لولا استغلال حزب الله وخلفه التيار الحر للأمر، فالبواخر بكل أشكالها هي أصلاً محل انتقاد ورفض وما قيل فيها عن سمسرات وصفقات لم يقله قيس بليلى، وما قيل عن "مجانية" الباخرة الزهرانية وكرم الشركة التركية لهو اقرب الى المزاح السمج منه للواقع والحقيقة.
قد نختلف مع حركة أمل ونحن نختلف، يبقى لا بد من القول أن حركة أمل ورئيسها لطالما كانوا خصوم شرفاء لا يخدعون ولا يكذبون على جمهورهم ولا على اللبنانيين، فلا يرفعون شعارات الإصلاح في العلن ويمارسون الفساد والصفقات سراً، ولا يقدّمون أنفسهم كقدّيسين ويمارسون تحت اللفة ما لا تمارسه القرود الملتفة .. بل يقف الرئيس بري بكل جرأة ويقول للبنانيين ولجمهوره: "إذا أردتموها محاصصة فأنا لي حصتي و "ع السكين يا بطيخ"".
أما إستغلال معاناة الناس ومنها الكهرباء وفساد هذا الإقطاع المزمن لتحقيق مآرب سياسية هنا أو هجوم من هناك فهذا لعمري أخطر انواع الفساد الذي يدّعون محاربته، وستظهر الأيام القادمة بأن قصة الباخرة ليست هي قصة باخرة ع الزهراني بل قصة قلوب ملياني.