إذا صحّ هذا القول لوزير خارجيّتنا جبران باسيل كما ذكرت صحيفة الجمهورية، ولعلّه صحيح:" نحن مسيحيون ببعض وما حدا يتدخل فينا وبحصتنا"، فهو إن دلّ على شيءٍ، فأولّ ما يدُلّ على الدرك الأسفل الذي وصل إليه بعض المسؤولين في التعاطي مع أمور البلد الوطنية والمصيرية، حيث تطغى الطائفية على ما عداها، والحسابات الحزبية والشخصية على ما تبقّى من قيمٍ ومبادئ وطنية سامية قام عليها لبنان منذ استقلاله حتى غياب معظم رجالات الدولة الذين قضوا غيلةً وتفجيراً وإقصاءً وعزلاً. وقد ذكّرني قول الوزير باسيل هذا بحادثة من أيام الصبا والدراسة حصلت معنا كمجموعة طلاب زملاء مع أستاذ الفلسفة وعلم النفس في دار المعلمين والمعلمات في جونية، وما زالت هذه الحادثة محفورة في ذاكرتي بمعانيها ومغازيها الدقيقة.
إقرأ أيضًا: النائب الياس أبو صعب ينفي مكرُمة التبرّع لحزب الله بريع حفلتي جوليا بطرس
حضرنا كزملاء ضيوفاً على أستاذ علم النفس في منزله في بيروت، ونحن جلوسٌ في حضرته دخلت ابنته الصبيّة لتقوم بواجب الضيافة، فقال له الزميل حسين ... (مسلم، لم يُفرّق أحدٌ تلك الأيام بين شيعي وسُنّي): يا أستاذ ..أطلبُ القرب منكم بخطبة كريمتكم، فأجاب الأستاذ (المسيحي): أنت شاب خلوق ومجتهد، ولا مانع لديّ. فانتفض الزميل المشاكس عبدالله...(مسيحي) معترضاً: يا أستاذ..نحن مسيحيون ببعضنا، فلا تُدخل المسلمين بيننا، ولا أحد ينال كريمتكم سواي. فأجابهُ الأستاذ على الفور ضاحكاً: صحيح نحن المسيحيون لبعضنا، لكن وقت الحشر، وهلق مش محشورين.
يبدو أنّ الوزير باسيل كان محشوراً جداً مع الرئيس الحريري، حتى قال ما قاله: "نحن المسيحيون ببعضنا، فلا يدخل المسلمون بيننا."